قام الله عز وجل بفرض الزكاة على المسلمين، ولها أشكال متعددة، بما في ذلك زكاة الفطر وزكاة الذهب وزكاة الزروع.
لكل نوع من الزكاة شروط خاصة وفقًا للأحكام الشرعية، وفي هذا المقال نستعرض أحكام زكاة الفطر وفقًا لمذهب ابن مالك.
أحكام زكاة الفطر وفقاً للمالكية
- تعتبر زكاة الفطر وسيلة يخرجها المسلم الصائم لتطهير صيامه من الأخطاء التي قد تحدث، كتفوهه بألفاظ غير مناسبة أو الرفث أثناء الصيام في شهر رمضان.
- تُعرف زكاة الفطر أيضًا بصدقة الفطر، وقد أُطلق هذا الاسم للدلالة على الفطرة الإنسانية التي أوجدها الله، كما يُعتقد أنها مرتبطة بوقت الفطر للصائمين.
- يمكننا تلخيص أحكام زكاة الفطر وفقًا للمذهب المالكي على النحو التالي:
حكم زكاة الفطر
- توافق معظم علماء المالكية على أن زكاة الفطر واجبة، على الرغم من أن بعضهم يعتبرها من السنن المؤكدة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا الرأي يبقى محط نقاش.
- يستند علماء المالكية الذين يرون أن زكاة الفطر واجبة إلى حديث رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
- ”بعث مناديًا ينادي في فجاج مكة ألا إن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم، على كل ذكر أو أنثى، حر أو عبد، صغير أو كبير مدان من قمح، أو صاع مما سواه من الطعام”.
- كما استند علماء المالكية إلى حديث رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- الذي قال فيه:
- ”فرض نبي الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، ويقصد بها صلاة عيد الفطر”.
- يعتقد بعض فقهاء المالكية أن زكاة الفطر تدخل ضمن السنن النبوية، حيث يرون أن كلمة “فرض” في الحديث تعني التقدير، أي أن النبي عليه الصلاة والسلام قد قدر زكاة الفطر.
شروط وجوب زكاة الفطر
حدد فقهاء المذهب المالكي عدة شروط على الشخص الذي تُفرض عليه زكاة الفطر، وهي كما يلي:
- أن يكون حرًا، أي لا يُقبل من العبيد.
- أن يكون مسلمًا، وبالتالي لا يجوز إعطاؤها للكفار.
- أن يكون قادرًا على إخراج الزكاة في الوقت المحدد، وفي حالة عدم توفر المبلغ، يُمكنه الاقتراض إذا كان ضامنًا لسداده في الموعد المحدد.
- تكون واجبة على جميع المسلمين، وعلى كل ولي لعائلة، كما يجب إخراجها عن الأفراد الذين لا يستطيع أبواهم أو أولادهم في سن البلوغ أداؤها، كما تُخرج عن الأبناء الذين لم يبلغوا سن الرشد.
- كما يجب إخراجها عن البنات اللاتي لم يتزوجن، وكذلك يُلزم الرجل المتزوج بإخراج زكاة الفطر عن زوجته وعن زوجة والده إذا كان والده غير قادر.
- الرجل ملزم بإخراج زكاة الفطر عن العبيد الذين يمتلكهم، وإذا كان الوالدان يمتلكان عبيدًا ولم يستطيعا إخراج زكاة الفطر عنهم، فإن ابنهما يكون ملزمًا بذلك.
- كما يجب إخراج الزكاة عن عبيد الأبناء، سواء كانوا في سن الرشد أم لا.
مقدار زكاة الفطر
- حدد علماء المالكية مقدار زكاة الفطر بأنها صاع من الطعام الذي يتغذى عليه أهل المدينة التي يقطنها المسلم في يوم عيد الفطر، حيث يعادل الصاع 4 أمداد، والمد هو ما تسع كف اليدين المتوسطتين.
- يمكن إخراج زكاة الفطر بشكل عام كقمح أو شعير أو سلت أو زيت أو ذرة أو تمر أو أرز.
وقت إخراج زكاة الفطر
- يرى فقهاء المالكية أنه يجب إخراج زكاة الفطر عند غروب الشمس في اليوم الأخير من رمضان، قبيل عيد الفطر.
- وبحسب آراء أخرى من العلماء في نفس المذهب، يمكن إخراج زكاة الفطر عند طلوع فجر يوم العيد، أي أول فجر من شهر شوال.
- لا يجب إخراج زكاة الفطر بعد صلاة عيد الفطر، وإذا أُخرجت بعدها تُعتبر صدقة عادية شأنها شأن باقي الصدقات.
- بعض الفقهاء يرون أنه يمكن إخراج الزكاة قبل يومين من نهاية الشهر الكريم.
مصارف زكاة الفطر
تُعطى زكاة الفطر للمسلمين الفقراء أو المساكين، على أن يكونوا أحرارًا، ولا تُقبل إعطاؤها للعبيد أو الكفار أو الأغنياء المسلمين أو أفراد آل النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
حكم تأخير إخراج زكاة الفطر
- إذا لم يخرج المسلم، الذي استوفى شروط خروج زكاة الفطر، زكاته في الوقت المحدد، فإنه يعتبر مذنبًا ويكون عليه إخراجها لاحقًا.
الحكمة من مشروعية زكاة الفطر
- تكمن الحكمة من إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد في ضمان حصول الفقراء والمساكين، الذين يفتقرون للغذاء، على ما يحقق لهم الأمن من ناحية الطعام ويجنبهم السؤال والاحتياج في أيام العيد.
- كما تهدف أيضًا إلى تطهير صيام المسلم خلال شهر رمضان.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقودً؟
اختلف العلماء بشأن إخراج زكاة الفطر نقدًا أو كمواد عينية مثل الأرز والفول، ورغم ذلك، يتفق الجميع على ضرورة إخراجها كمواد عينية، استنادًا إلى ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه حيث قال: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
ومع ذلك، هناك من أجاز إخراج زكاة الفطر نقودًا لصالح الفقراء، حيث قد يحتاجون لشراء ملابس أو مستلزمات أخرى، مما يجعلهم مضطرين لبيع الشيء العيني الذي تم تقديمه لهم لأخذ ثمن أدنى من قيمته.