أول المهاجرين إلى المدينة
يُعتبر الصحابي الجليل أبو سلمة بن عبد الأسد هو الأوّل الذي هاجر إلى المدينة المنورة من مكة المكرمة بعد عودته من هجرته الأولى إلى الحبشة. وقد كانت دوافع هذه الهجرة ناتجة عن الأذى الذي تعرّض له من قِبَل كفار قريش، حيث قرر الرحيل مصطحبًا معه زوجته أم سلمة وابنه سلمة، وذلك قبل عام من بيعة العقبة الأولى. لكن قريش تُصدّته وفرضت عليه قيد الهجرة بمفرده، بعيدًا عن زوجته وولده. وتشير كتب التاريخ إلى أن عبد الله بن أم مكتوم كان أيضًا من أوائل المهاجرين إلى المدينة، وتوالت هجرات المسلمين بعدها، حيث هاجر عامر بن ربيعة مع زوجته ليلى بنت أبي حثمة، ثم تبعه عبد الله بن جحش وكان المهاجرون من دار بني جحش حتى لم يتبق أحد منهم. تلاهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ومجموعة من الصحابة الآخرين، مثل: طلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام، عثمان بن عفان، عبد الرحمن بن عوف، زيد بن حارثة، عبد الله بن مسعود، بلال بن رباح، عتبة بن ربيعة، عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، أبو كبشة، وعتبة بن غزوان.
أسباب هجرة المسلمين إلى المدينة
هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- والمسلمون إلى المدينة لأسباب عديدة، منها: عدم قدرة النبي على تحقيق أهداف دعوته في مكة، حيث قوبلت الدعوة بالرفض والإيذاء من قبل قريش. وبالتالي، كان من الضروري البحث عن مكان آخر أكثر تقبلاً للدعوة الإسلامية. وقد بايع الأنصار النبي في مرتين عند العقبة، في ما عُرف ببيعة العقبة الأولى والثانية، حيث تعهدوا بنصرته. ومن بين الأهداف التي سعى النبي لتحقيقها كانت إقامة دولة إسلامية وتحقيق عالميّة الرسالة.
استقبال الأنصار للمهاجرين
استقبل الأنصار النبي الكريم والمسلمين بحفاوة بالغة عند قدومهم إلى المدينة المنورة، حيث تنافسوا في استضافة النبي في منازلهم، وآثروا المهاجرين على أنفسهم في المال والسكن، حتى قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا).