التلوث الضوضائي في المدن
- بدايةً، يجب أن نوضح مفهوم التلوث الضوضائي، فهو مزيج من الأصوات المتنافرة التي تستمر بلا رغبة من المتواجدين في المنطقة.
- تُعتبر الضوضاء من الخصائص الأساسية التي تتميز بها المدن، والسبب الرئيسي لذلك هو الازدحام السكاني.
- لذا، فإن الضوضاء تمثل القضية الثانية الأهم للأفراد الذين يعيشون في المدن، وقد حظيت باهتمام كبير منهم.
- أُجريت دراسة في الولايات المتحدة الأمريكية تحت إشراف وزارة الإسكان والتنمية الحضرية.
- وأظهرت نتائج الدراسة أن سكان المدن يرون الضوضاء كصفة سلبية تؤثر سلبًا على جودة الحياة في المناطق السكنية.
- كما أشارت الدراسة إلى أن الضوضاء، بجانب الجرائم، تعد من العوامل الرئيسية التي تدفع الأشخاص للبحث عن مسكن آخر.
- تُعَدُّ مشكلة الضوضاء من القضايا التي يصعب حلها، لذا فهي مستمرة حتى الآن ولا يوجد لها حل نهائي.
قياس الضوضاء
- هناك عدة أساليب لقياس الضوضاء، ومن بينها الأساليب الفيزيائية، حيث يُستخدم مصطلح الديسيبل لوصف شدة الضوضاء.
- على سبيل المثال، فصوت الكلام العادي يتراوح بين 50 إلى 60 ديسيبل.
- بالمقارنة، فإن ضجيج البوق يصل إلى حوالي 100 ديسيبل، مما يُظهر أن الفارق ليس كبيرًا.
- إضافةً إلى ذلك، يمكن أن تصل الأصوات الناتجة عن حركة الأجسام والملابس إلى 20 ديسيبل.
- وبذلك، فإن شدة الضوضاء بتفاوتها تؤدي إلى الإصابة بمشاكل صحية ونفسية متعددة.
- فعندما تتجاوز الضوضاء 30 فونا، يمكن أن تسبب اضطرابات نفسية للشخص المعرض بها.
- ويمكن أن تؤدي إلى أضرار نفسية وعصبية وتقلل من القدرة على السمع إذا كانت شدتها تتراوح بين 60 إلى 90 فونا.
- أما إذا تجاوزت الضوضاء هذا المعدل، فإن الأضرار تصبح أكثر خطورة.
- إذا وصلت الضوضاء إلى 120 فونا، فإن خلايا السمع قد تتعرض لتأثيرات ملحوظة.
- في عام 1988، أجريت دراسة من قبل وزارة الصحة في القاهرة والمناطق المجاورة، والتي تضمنت قياس الضوضاء على مدار عدة أيام.
- تمت الدراسة في منطقة وسط البلد لارتفاع عدد السكان فيها.
- تم قياس الضوضاء لمدة 8 ساعات يوميًا، حيث كانت مستويات الضوضاء في المناطق الهادئة حوالي 58 ديسيبل.
- بينما في المناطق المكتظة ليلاً، سجلت الضوضاء حوالي 5 ديسيبل، وتراوحت المستويات في المنطقة المركزية بين 64.5 و69.2 ديسيبل.
- الكثيرون يعتبرون الضوضاء ناتجة فقط عن العوامل الخارجية، ويجهل الكثيرون أن البيئة الداخلية أيضًا تعد مصدرًا للضوضاء، حيث يُساهم التعرض لمستويات تتجاوز 85 ديسيبل في تدهور قدرة السمع.
- أحيانًا، يمكن أن يتعرض الأفراد لأصوات عالية بشكل مفاجئ تؤدي إلى فقدان حاسة السمع، كما هو الحال مع الألعاب النارية وغيرها.
أسباب التلوث الضوضائي
تتعدد أسباب التلوث الضوضائي، ويمكن تصنيفها إلى عدة فئات حسب المكان وشدة الضوضاء، كالتالي:
1- وسائل المواصلات والطرق
- تُعتبر وسائل النقل السبب الرئيسي للتلوث الضوضائي، حيث تمثل أكثر من نصف أسباب التلوث، بنسبة تقارب 60%.
- ومع تنوع وسائل النقل، تُشكل الضوضاء الناتجة عن السيارات بمختلف أنواعها جزءًا كبيرًا من المشكلة.
- أظهرت دراسة أُجريت في العاصمة الأردنية، بعد قياس مستوى الضوضاء في 47 موقعًا، أن الضوضاء الناتجة عن حركة المرور بلغت حوالي 5 ديسيبل.
- هذا الوضع بالطبع يؤدي إلى شعور المواطنين بالضيق، ورغبتهم في الانتقال إلى أماكن أكثر هدوءًا.
- وبالتالي، هناك علاقة طردية حيث تزداد الضوضاء مع ارتفاع حركة المرور.
- وفي سياق الحديث عن أنواع الضوضاء الناتجة عن وسائل النقل، ينبغي الإشارة إلى الضوضاء الناتجة عن السكك الحديدية.
- تُعد هذه الضوضاء من أبرز المشكلات، حيث تؤدي أصوات العجلات على القضبان إلى تلوث سمعي ملحوظ.
- رغم التطور في صناعة الطائرات، إلا أن الضوضاء الناتجة عنها لا تزال تمثل مشكلة للمقيمين بالقرب من المطارات.
2- الضوضاء الاجتماعية
- تشير الضوضاء الاجتماعية إلى الأصوات التي تنجم في المناطق السكنية ومحيطها، وتُعتبر من أهم أسباب التلوث الضوضائي.
- وتتعدد مصادر هذه الضوضاء، بدءًا من الأصوات التي تصدرها الحيوانات الأليفة والضالة.
- كما تشمل الأصوات الناتجة عن الأنشطة المنزلية، كغناء الموسيقى أو التحدث بصوت مرتفع.
3- الضوضاء الناتجة عن المصانع
- تُصنف الضوضاء الناتجة عن المصانع في قائمة الأنواع الأكثر خطورة بين أسباب التلوث الضوضائي، حيث تصدرها الآلات والمعدات المستخدمة في هذه المصانع.
- العمال في هذه المصانع معرضون بشكل خاص لتأثيرات سلبية على السمع.
- ومع العمل لفترات طويلة، يمكن أن يتعرض هؤلاء العمال لخطر فقدان السمع وغيرها من الأضرار السمعية.
- ومع تزايد عدد المصانع وفتح ورش جديدة، يصبح تلوث الضوضاء الناتج عنها مشكلة متزايدة.
- تشمل الصناعات التي تُنتج ضوضاء كبيرة مصانع النسيج، صناعة الورق، تقطيع الخشب، بناء السفن، وصناعات الزجاج والمجوهرات، بالإضافة إلى المصانع التي تعالج المراجل البخارية والمكابس.
- يواجه سكان المناطق القريبة من هذه المصانع تحديات جمة نتيجة الضجيج المستمر.
- كما أن بعض الأنشطة المرتبطة بالبناء مثل إقامة الأعمدة والخرسانة تستحدث أيضًا ضوضاء ملحوظة مرتبطة بعمليات البناء.
4- ضوضاء المياه
- لا تقل تأثيرات الضوضاء الناتجة عن المياه خطورة عن غيرها، فهي تُعتبر من أبرز أسباب التلوث الضوضائي.
- تشمل مصادر هذه الضوضاء البحار والمحيطات والأنهار، حيث لا تؤثر هذه الأصوات على الإنسان فحسب، بل تمس أيضًا حياة الكائنات البحرية.
- ترتفع أصوات الأمواج وكذلك الأصوات الناتجة عن محركات المركبات البحرية، وقد تصل الأمور إلى أصوات بعض أنواع الأسماك.
أنواع التلوث الضوضائي
- يمكن تقسيم التلوث الضوضائي إلى ثلاثة أنواع: أولها التلوث المزمن، إذ يتعرض الفرد لمصدر الضوضاء بشكل متواصل.
- وبالتالي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف دائم في السمع مع مجموعة من المشكلات الصحية.
- النوع الثاني هو التلوث المؤقت المرتبط بالضرر، ويتضمن التعرض للضوضاء لفترات قصيرة أو لحظات معينة، مثل الشهب المفرقعة.
- هذا النوع قد يُحدث أضرارًا داخلية ومشاكل في الأذن الوسطى.
- أما النوع الثالث، فيكون أيضًا مؤقتًا ولكن دون آثار سلبية، مثل الأصوات في الشوارع والأماكن المزدحمة.
- وعادةً ما تسبب هذه الأصوات ضعفًا في السمع ولكن هذه التأثيرات غالبًا ما تزول بعد وقت قصير، ليعود الشخص إلى حالته الطبيعية.