أحاديث الشيخ الشعراوي
تغيير المنكر بالقلب
يذكر الشيخ الشعراوي -رحمه الله- في هذا السياق: “يجب أن يكون تغيير المنكر عبر القلب، فإذا واجهت منكراً، فلا تملك سوى أن تقول: اللهم إن هذا منكر لا يرضيك. لكن هل يُعتبر عمل القلب تغييرا للمنكر، في الوقت الذي يتوجب عليك تغييره بيدك إلى ضده؟ وهل تتسبب هذه العبارة في تغيير الواقع؟”.
“قالوا: لا يحدث التغيير بالقلب إلا إذا كان السلوك موازياً لمشاعر القلب. فالقلب يقر بأن هذا منكر لا يرضي الله، في حين يجب أن يكون السلوك داعماً لذلك حتى لا تظهر كأنك منافق. لقد أنكرت فعله، وليس لديك القدرة على منعه أو نصحه، فعلى الأقل يجب عليك أن تعزله عن حياتك وتقاطعه. وإلا، كيف يمكنك أن تجدد قلبك وأنت تستمر في علاقاتك معه؟”.
“لذا، لا يتحقق التغيير بالقلب إلا عندما يشعر صاحب المنكر بالعزلة، فلا تبارك له في أفراحه، ولا تعزِّه في حزنه، وإذا كنت تاجراً، فلا تتعامل معه بالبيع أو الشراء. لم يزدهر الباطل ولم يتفاخر أهل الفساد إلا لأن الناس يحترمونهم ويعاملونهم بتلك الطريقة. بل قد يزيد احترام الناس لهم خوفًا من باطلهم وظلمهم”.
“إن تغيير القلب ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو فعل وموقف. وقد علمنا ربنا -تبارك وتعالى- هذا الأمر في قوله -سبحانه-: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكتاب أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حتى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ الله جَامِعُ المنافقين والكافرين فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)”.
جمع القرآن بين الصلاة والزكاة
يُعلق الشيخ الشعراوي على قول الله -سبحانه- على لسان لقمان لولده: (يا بني أَقِمِ الصلاة وَأْمُرْ بالمعروف)، قائلاً: “لم يُذكر فيه: وآتِ الزكاة، لماذا؟ يجب أن نوضح أن القرآن جمع بين الصلاة والزكاة؛ لأن الصلاة تتطلب التضحية بالوقت، والوقت هو زمن العمل، والعمل هو وسيلة الكسب والمال”.
“لذا عندما تصلي، فإنك قد ضحيتَ بالوقت الذي يمثل أساس المال، كأنك في الصلاة قد تصدقت بمائة في المائة من المال المكتسب في تلك الفترة. بينما في الزكاة، أنت تتصدق بالعُشر، أو نصف العشر، أو ربع العشر، ويبقى لك معظم كسبك. في الواقع، الزكاة في الصلاة تكون أكبر وأعظم من الزكاة نفسها”.
أركان الإسلام وأركان المسلم
يفصل الشيخ الشعراوي بين المصطلحين قائلاً: “هناك فرق بين أركان الإسلام وأركان المسلم. أركان الإسلام هي الخمس المعروفة، أما أركان المسلم فهي الأمور التي تلازمه ولا تسقط عنه بحال، مثل الشهادتين والصلاة. وعلى المسلم أن يؤمن بها جميعًا، لكن في العمل قد تسقط عنه سوى الصلاة والشهادتين”.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يقول -رحمه الله-: “عندما تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لا تظن أنك تهب الآخرين شيئًا، بل تؤدي عملاً يعود نفعه عليك. من خلال ذلك، تجد سعة الراحة في الإيمان، وتحقق الطمأنينة والراحة النفسية؛ لأنك قمت بأداء التكاليف في وقت تقاعس فيه الآخرين. ولا شك أن التزام الآخرين بمنهج الله يمنحك الراحة كذلك، وإلا فإن المجتمع بأسره يعاني بسبب هذه الفئة القليلة خارج المنهج”.
الأبوة لمن ربى كذلك
يرى الشيخ الشعراوي -رحمه الله- أن الأبوة تشمل كل من أسهم في التربية، حيث يقول: “كما أن هناك أبوة للإيجاد، هناك أبوة للتربية. كثيرًا ما نجد الطفل يتربى بواسطة شخص آخر غير والديه، لذا يجب أن يكون لهؤلاء نصيب من الشكر والولاء والبر طالما أن الله -تعالى- ذكرهم في الدعاء (وَقُل رَّبِّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)”.
“العلاقة تدور مع وجود المعلول وعدمه، فإذا لم يكن هناك أب حقيقي، فالابوة لمن ربى، وله نفس حقوق الأب من حيث الشكر والبر، بل يجب أن تضاعف حقوقه؛ لأن الأب الحقيقي يُظهر عطفًا، بينما الأب المربي يُعد عطفه على الدين، وهذه مسألة تختلف عن مجرد الأبوة”.
الالتزام بأداء العبادات دون فلسفة أمورها
يقول -رحمه الله-: “لا ينبغي بالمؤمن أن يُفلسف أمور العبادات أو يبحث عن عللها أو الحكمة وراء أدائها. يكفي أن يقول: علة هذا الأمر أن الله أمر به ليُفعل، وعلة هذا الحكم أن الله أمر به ليُمتنع عن فعله. فالآمر في العبادات هو الحق -سبحانه وتعالى-، لذا لا يليق بالمؤمن بعد أن آمن بالله وحكمته وقدرته أن يبحث عن الحكمة وراء كل أمر يأتيه من ربه -عز وجل-“.
المستكبر في غفلة
يقول -رحمه الله-: “إن المستكبر دائماً يكون في غفلة عن الله، لأنه قد نظر إلى نفسه مقارنة بالناس وربما لديه مقومات تجعله يتفاخر. لكنه يغفل عن الله؛ لأنه لو استحضر جلال ربه وعظمته -سبحانه- لما جاز له التكبر. فالكبرياء هو صفة العظمة والجلال التي لا يحق إلا لله -تعالى-، لذا فإن كبريائه -سبحانه- يظل شرفًا لنا، ومنعة تحمينا من أن نكون عبيدًا لغيره -سبحانه-“.
التعريف بالشيخ الشعراوي
الشيخ محمد متولي الشعراوي، هو عالم فقيه ومفسِّر، يُعتبر من أبرز العلماء في عصره، وركيزة رئيسية من ركائز الفكر الإسلامي الحديث بمصر. وُلِد في مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وتخرَّج في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام (1941م). عُيِّن وزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر في الفترة من (1976-1978م) في عهد الرئيس أنور السادات.
حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية، واختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا في الهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية. توفي الشيخ الشعراوي -رحمه الله- في عام (1998م).