أسباب التهاب البنكرياس
يتسبب التهاب البنكرياس (Pancreatitis) في تحويل الإنزيمات الهاضمة إلى شكلها النشط بينما لا تزال داخل البنكرياس، مما يؤدي إلى تهيج خلايا البنكرياس وحدوث التهاب. يمكن أن تؤدي هذه العملية إلى تكوّن أنسجة ندبية (Scar tissue) تعيق البنكرياس عن أداء وظائفه بشكل سليم، مما قد يسفر عن الإصابة بمرض السكري (Diabetes) أو مشاكل هضمية. من الجدير بالذكر أن إدمان الكحول ووجود حصى في المرارة (Gallstones) يمثلان من أكثر الأسباب شيوعًا لالتهاب البنكرياس، بغض النظر عن نوعه. وفيما يلي تفاصيل أكثر عن هذين السببين.
حصى المرارة
تبدأ حصى المرارة بالتشكل نتيجة ارتفاع مستويات مواد معينة مثل الكوليسترول (Cholesterol) أو البيليروبين (Bilirubin) في الصفراء (Bile). يعمل الكبد على إنتاج الصفراء وطرحه لتخزينه في المرارة، حيث تساهم هذه العصارة في عملية الهضم. في بعض الحالات، يمكن أن تتحرك الحصى من المرارة وتنغلق القناة التي تربط البنكرياس مع الاثني عشر (Duodenum)، مما يسبب تراكم السوائل ويعطل تدفق الإنزيمات الهاضمة، مما قد يؤدي إلى التهاب البنكرياس الناجم عن حصى المرارة، وهو ما قد يتسبب في ألم شديد أو مضاعفات خطيرة إذا لم يتم علاجه.
إدمان الكحول
يعتبر استهلاك الكحول بشكل مفرط سببًا رئيسيًا لالتهاب البنكرياس. يشير الخبراء إلى أن استمرارية شرب الكحول بعد نوبات التهاب البنكرياس الحادة تزيد من خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس المزمن. تلعب العديد من العوامل الفسيولوجية دورًا في التهاب البنكرياس المزمن لدى مدمني الكحول، ومن هنا يُبرز تأثير الكحول على الحالة بشكل تفصيلي:
- يشير الكحول بشكل عام إلى تأثيرات سامة على الجسم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
- يمكن أن يؤثر الكحول على تركيب البروتينات التي يُفرزها البنكرياس، مما يؤدي إلى انسدادات في قنوات البنكرياس الصغيرة بسبب تكتل البروتينات. كما يُمكن أن يغير كمية إنزيم البروتياز (Proteases) في إفرازات البنكرياس، مما يؤدي إلى مشاكل تزيد من خطر التهاب البنكرياس. يعتبر البروتياز أحد الإنزيمات المسؤولة عن تنظيم دورة حياة البروتينات، ويلعب دورًا في وظائف حيوية عديدة مثل الالتهاب، وشفاء الجروح، وتجلط الدم (Blood Coagulation).
- يعتقد الباحثون أن جزيئات الإيثانول (Ethanol) الموجودة في الكحول تحفز خلايا البنكرياس لتفعيل إنزيم التربسين (Trypsin) في شكل نشط قبل الأوان، حيث لا تزال الآلية الدقيقة لهذه العملية غير واضحة تمامًا.
أسباب أخرى
يوجد عدد من العوامل الأخرى التي قد تسبب التهاب البنكرياس، ومنها:
- ارتفاع مستويات بعض العناصر، مثل الكالسيوم والدهون الثلاثية (Triglycerides)، حيث أن الدهون الثلاثية لا تعتبر سامة بمفردها، لكن قد تُكسر بواسطة إنزيمات البنكرياس إلى أحماض دهنية سمية، مما يؤدي إلى ما يُعرف بتسمم الدهون (Lipotoxicity) وهو مرتبط بالتهاب البنكرياس الحاد.
- الإصابات الناتجة عن حوادث معينة، مثل الأضرار الناجمة عن جراحة إزالة حصى المرارة أو إصابات تعرض لها البنكرياس.
- السموم والأدوية، بعض الأدوية مثل المضادات الحيوية (Antibiotics) و أدوية تثبيط المناعة (Immune System) قد تسبب التهاب البنكرياس كأثر جانبي، رغم أنه ينبغي الالتزام بإرشادات الطبيب عند استخدامها.
- العدوى، في بعض الحالات النادرة، قد تكون العدوى الفيروسية مثل داء النكاف (Mumps) أو فيروس كوكساكي (Coxsackie B Virus) هي السبب وراء التهاب البنكرياس.
- الجينات، حيث تشير الأبحاث إلى وجود طفرات جينية قد تؤدي إلى التهاب البنكرياس المزمن، بما في ذلك الطفرات المرتبطة بالتهاب البنكرياس الوراثي (Hereditary Pancreatitis).
- انسداد قناة البنكرياس، الذي قد يحدث لأسباب مختلفة بما في ذلك الأورام وغيرها من الندبات الناتجة عن جراحة سابقة.
- أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب القنوات الصفراوية المصلب (Sclerosing Cholangitis) التي يمكن أن تؤدي إلى التهاب البنكرياس المزمن.
الحالات مجهولة الأسباب
التهاب البنكرياس مجهول السبب (Idiopathic) هو حالة تُشير إلى التهاب البنكرياس الحاد الذي لا يستطيع الأطباء تحديد سببه بدقة. بعض المرضى يعانون من نوبات إضافية من الالتهاب مع مرور الوقت، وهناك أيضًا نسبة من المصابين بالتهاب البنكرياس المزمن ينتمون إلى فئة مجهولة السبب.
عوامل خطر التهاب البنكرياس
تشمل العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس ما يلي:
- السمنة.
- التدخين.
- الإفراط في تناول الكحول، حيث أن مدمني الكحول يكونون أكثر عرضة للإصابة.
- تاريخ عائلي للإصابة بالتهاب البنكرياس، مما يزيد من فرصة إصابة الأفراد الآخرين من الأسرة.
- الأشخاص الكبار في السن والنساء، حيث أن احتمال تشكل حصى المرارة أكبر بينهم، وقد تسهم عوامل أخرى مثل استخدام العلاجات المحتوية على الإستروجين، وفقدان الوزن السريع، والحمل، ومرض السكري.
الوقاية من التهاب البنكرياس
تهدف النصائح التالية إلى الوقاية من التهاب البنكرياس:
- المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية وتبني نظام غذائي متوازن للحفاظ على الوزن المثالي، مما يساعد في الوقاية من حصى المرارة.
- التقليل التدريجي للوزن في حالات زيادة الوزن، وعدم الالتزام بحميات صارمة لفقدان الوزن بسرعة، نظرًا لأن فقدان الوزن المفاجئ قد يزيد من إنتاج الكبد للكوليسترول.
- تناول الأغذية قليلة الدسم، مثل الخضروات، الفواكه، والحبوب الكاملة، وتجنب الأطعمة الدهنية والمقلية.
- تجنب الأطعمة الغنية بالسكريات، مثل الحلويات والمشروبات ذات السعرات العالية.
- الإقلاع عن التدخين.
- الامتناع عن شرب الكحول.
يجب مراعاة أن الإصابة السابقة بالتهاب البنكرياس قد تزيد من خطر تكرار النوبات، ويجب القضاء على أسباب الالتهاب والسيطرة على عوامل الخطر لتجنب ذلك.
للمزيد من المعلومات حول التهاب البنكرياس، يمكن الاطلاع على المقال التالي: (التهاب البنكرياس).