آيات قرآنية تدعو إلى التفاؤل والأمل

آية (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)

آية (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)
آية (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)

تأتي هذه الآية في سياق قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّـهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا). ومن الواضح من الآية الكريمة أنها تتناول موضوع الطلاق من المنظور الإسلامي.

إن الإسلام يعارض الطلاق باعتباره سببًا لتفكيك الروابط الأسرية، حيث يؤدي إلى قطع العلاقة بين الزوجين وإلى انتهاء الحياة الزوجية. لذا، إذا كان الطلاق أمرًا لا مفر منه، فيوجب أن يكون مصحوبًا بالعدة للحفاظ على حقوق المرأة، وذلك لأن الله لا يقبل الإضرار بها. كما أن هذه الفترة تمكّن الزوج من مراجعة ذاته والتفكير في قرار الطلاق قبل اتخاذه.

يحظر على الزوج إخراج الزوجة من منزلها بعد الطلاق الأول إلا بعد انتهاء عدتها. وتؤكد الآية في نهايتها: (لا تَدْرِي لعلَّ الله يُحدِثُ بعد ذلك أمرًا) على الأمل المتجدد حتى في أصعب الأوقات، حيث أن مجرد الانتظار في فترة العدة قد يؤدي إلى تغيرات إيجابية غير متوقعة، فقد يدرك الزوج عواقب قراره ويعيد التفكير فيه. لذا يبقى الأمل قائمًا لكل من الزوج والزوجة فالله قادر على تغيير الأمور كما يشاء.

تدل هذه الفقرة على أن الآية الكريمة تتحدث عن العدة لتبعث الأمل في النفوس حتى في أشد الظروف.

آية (يسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)

آية (يسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)
آية (يسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)

تتضمن هذه الآية موعظة تتعلق بأهمية الشهادة في سبيل الله، لكنها تصلح لتوجيه المسلمين جميعًا. إن المؤمن ينبغي أن يكون دائم الطموح لرحمة الله، وألا يفقد الأمل في بركاته، مع الثقة بأنه لن يضيع أجر الصابرين والمخلصين من عباده.

تشمل “المؤمنون” في هذه الآية الشهداء ومن لا يلقون هذا المصير. حيث أن مفردة المؤمنين تتسع لتضم كل من آمن بالله تعالى، وهذا يشير إلى أن الله يعدّ الأجر الذي ينتظره المؤمنون كأجر الشهداء بسبب الروابط الأخوية في الدين، وبسبب أعمالهم الصالحة التي سيجازيهم الله عنها.

تُظهر الفقرة أن الآية تتحدث عن الشهادة في سبيل الله، لكنها تحمل دعوة عامة لكل مؤمن أن يبقى مستبشرًا ببركة الله.

آية (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ)

آية (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ)
آية (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ)

التفاؤل هو عنصر محوري في الرسالة التي جاء بها الإسلام، ويتجلى في الكثير من آيات القرآن الكريم، ومنها قوله -تعالى-: (وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ). من دلالات الظلام التي قد يشعر بها المؤمن في حياته هي الضياع أو الابتلاء. فكل إنسان معرض للبلاء، حيث يُعتبر البلاء جزءًا من الحياة، كما قال -تعالى-: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).

الإنسان معرض للبلاء منذ بداية حياته. وهناك أشكال متعددة من البلاء لا تقتصر على المرض أو قلة الرزق، بل تشمل أي أمر يعكر صفو الحياة. ويكافأ المسلم على الصبر على البلاء، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما يُصِيبُ المُسْلِمَ مِن نَصَبٍ ولَا وَصَبٍ، ولا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولا أذًى ولَا غَمٍّ، حتى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ).

وعلى الرغم من شدة البلاء، فإن الفرج سيأتي، فلا عسر بلا يسر، ولا يُنتظر الفرج إلا بعد شدة. قد يكون الفرج في أصعب الأوقات وكما قال -تعالى-: (حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا). لذا، يجب على المؤمن الصبر وانتظار الفرج من الله، فهو وحده الذي يعلم أحوال عباده. وهو المنير لها وملاذها.

بهذا القرآن، يخرج الله عباده من الظلمات إلى النور، ويمنحهم خير الدنيا والآخرة، ويرفعهم من درجات الدنيا إلى المراتب العليا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، ويَضَعُ به آخَرِينَ)، وقال -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّـهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا).

توضح الفقرة أن هذه الآية تبث الأمل في قلب المؤمن، وأن الإنسان يُجزى على صبره في البلاء. فرج الله قادم للصابرين، والتفاؤل جزء ملحوظ من رسالة الإسلام.

آية (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)

آية (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)
آية (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)

توجه هذه الآية الكريمة المؤمنين للاحتفاء بنعمة الإيمان بالله ورضا الله، والفرح بالمنافع التي يمنحها الله. فينبغي للمؤمن أن يظهر الامتنان لله، لأنه المصدر الحقيقي لجميع النعم. ويُعتبر الفرح بفضل الله ورحمته حافزًا يعمل على تعزير نشاط المؤمن ويشجعه على مزيد من النضال روحيا وعلميًا.

يفيد هذا الفرح المؤمن أكثر من الفرح بمغريات الدنيا الفانية. إذ أن الشكر لله واحتفاء المؤمن بنعمه يعتبر مفتاح السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة. إذا ما التزم المسلمون بهذه القيم، حظوا برضا الله ورزقهم من خزان رحمته. أما إذا انحرفوا عن دينهم وركزوا على جمع المال الدنيوي، فقد تفقد تلك النعم إلى أيدي أعدائهم.

توضح الفقرة أن الآية تذكر المؤمنين بأهمية الفرح بما أنعم الله، والابتعاد عن الفرح بما يغضب الله.

آية (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ …إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ)

آية (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ …إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ)
آية (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ …إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ)

تتحدث هذه الآية الكريمة إلي المسلمين عبر العصور، حيث يقول -تعالى-: (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقولَنَّ ذَهَبَ السيئاتُ عَنّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). هذه الآية تبين أن الله يذم من يتقبل النعم دون أن يشكر الله في السراء والضراء، ويُمدح الصابرون من عباده.

لم يذم الله تعالى الفرح بحد ذاته، بل ذم الفرح المفرط بالفخر والتكّبر بعد النعم، حيث يقول العبد: ذهبت السوءات عني، فيتعالى عن الشكر لله. ولكن المؤمنون الذين يصبرون على الضراء بإيمان بالله، ويعملون الصالحات، لهم المغفرة والأجر الكبير على صبرهم.

تشير هذه الفقرة إلى أن الله -تعالى- لا يُذم الفرح بشكل عام، بل الذي يحدث بعد تكبر وفخر.

آية (بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)

آية (بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
آية (بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)

تشير هذه الآية الكريمة إلى بشرى من الله إلى عباده المسلمين بالنصر، حيث قال -تعالى-: (غُلِبَتِ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ). كان سبب نزول هذه الآية أن هناك صراعاً بين فارس والروم، وكان المسلمون يتمنون انتصار الروم.

ذهبت الأخبار إلى المسلمين في مكة، فأسعدت المشركين وقالوا للمسلمين بتهكم: إنكم أهل كتاب، بينما النصارى أيضاً أهل كتاب. ونزلت نتيجة ذلك آيات الله هذه. وفي حديث معروف عن ابن عباس، قال أبو بكر -رضي الله عنه- للنبي -عليه الصلاة والسلام- عن حديث الكفار، فقال النبي: (أما إنهم سيغلبون).

تُعد هذه بشارة عامة للمؤمنين بأن الله ينصر عباده الضعفاء والأقوياء على السواء. فالله -تعالى- لا يعجزه نصرة عباده مهما كانت قوة الخصوم، وهو رحيم بعباده، وينصر من يرغب في نصره، ولا يُعز الظالمين الذين يعادون عباده الصالحين.

توضح الفقرة سبب نزول الآية، وأن الله قادر على إدخال الفرح في قلوب عباده المؤمنين، وهو الذي ينصرهم ضد أعدائهم بأي طريقة.

أحاديث نبوية عن التفاؤل

أحاديث نبوية عن التفاؤل
أحاديث نبوية عن التفاؤل

من الأحاديث التي جاءت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في موضوع التفاؤل ما يلي:

  • روى أبو موسى الأشعري أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا بعث أحدًا من أصحابه قال: (بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا).
  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يزال قلب الكبير شابًا في اثنتين: في حب الدنيا وطول الأمل).
  • كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يقول في إحدى هجراته: (كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار، فرفعت رأسي فرافقت بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، لو بعضهم طأطأ بصره لرآنا فقال: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *