العوامل التي تؤدي إلى اختلاف مستويات الذكاء بين الأفراد
يمكن فهم وقياس الذكاء بطرق متنوعة، لكن بشكل عام، يتضمن الذكاء عناصر مثل القدرة على التفكير، والتخطيط، وحل المشكلات، وإعادة التفكير المجرد، وفهم المفاهيم المعقدة. ويتفاوت الذكاء من فرد إلى آخر نتيجة لعدة عوامل، منها:
العوامل الوراثية
تشير الأبحاث إلى أن العوامل الجينية تمثل حوالي 50% من أسباب اختلاف الذكاء بين الأفراد، حيث أن نصف المستوى العقلي للفرد يتأثر بعلم الوراثة، بينما تسهم العوامل البيئية في النصف الآخر.
ومن الجدير بالذكر أن وراثة الذكاء لا تعتمد على جين واحد خاص بالذكاء، بل تنشأ نتيجة تفاعلات معقدة بين مجموعة كبيرة من الجينات، حيث يساهم كل منها بطريقة محددة في مستوى ذكاء الفرد.
العوامل الاجتماعية والاقتصادية
يعتبر الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر من العوامل الرئيسية التي تؤثر على مستويات الذكاء، والمعروفة اختصارًا بـ (SES). تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات ذات وضع اجتماعي واقتصادي منخفض يواجهون احتمالات أكبر للحصول على نتائج أقل في اختبارات الذكاء، ويتضح ذلك من خلال النقاط التالية:
الوصول إلى الموارد اللازمة
تمتلك الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المرتفع القدرة على الوصول إلى الموارد الضرورية والرفاهية للكثير من الجوانب الحياتية. فهي توفر لأطفالها الحاجات الأساسية مثل الغذاء والملابس والسكن والرعاية الصحية، بالإضافة إلى فرص أفضل في التعلم والرعاية النهارية مقارنة بالأسر التي تعاني من مستوى SES منخفض.
الحصول على الأمان والصحة الجيدة
يميل الأطفال الذين يشعرون بالأمان ويتلقون تغذية جيدة ورعاية صحية إلى توجيه طاقاتهم وتركيزهم نحو المهام والاختبارات العقلية. على العكس من ذلك، الأطفال الذين يعانون من ضغط نفسي أو جوع أو مرض يجدون صعوبة أكبر في تجميع الطاقة والدافع المطلوبين لتعزيز النمو المعرفي.
توفير الوقت اللازم لتطوير المهارات العقلية
تستطيع الأسر التي تلبي احتياجات أطفالها الأساسية بسهولة أن تقضي وقتًا أكثر مع أبنائها في اللعب، ومساعدتهم في الواجبات المدرسية، وتعزيز مهارات التفكير. هذا الأمر لا يتوفر للأسر التي تكافح من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية.
العوامل الأكاديمية
أوضح الباحثون أن مقدار الوقت الذي يقضيه الطفل في المدرسة له تأثير مباشر على درجات اختبار الذكاء لديه. فالمعلمون يساعدون الطلاب في تعلم كيفية حل المشكلات والإجابة على الأسئلة الواقعية، بالإضافة إلى تزويدهم بمعارف متنوعة قد تتكرر في اختبارات الذكاء.
لذا، فإن الأطفال الذين يلتزمون بالتواجد في المدرسة وحضور الفصول يكون لديهم احتمال أكبر لامتلاك معدلات ذكاء عالية بالمقارنة مع أولئك الذين يتغيبون بشكل مستمر.
في دراسة تم فيها فحص أكثر من 600 ألف مشارك للتحقق من تأثير التعليم على المستوى الذهني، وُجد أن كل سنة إضافية من التعليم المنتظم تساهم في زيادة معدل الذكاء بنسبة تتراوح بين 1 إلى 5 نقاط.
الأنشطة السلوكية
توجد العديد من الأنشطة السلوكية التي تُساهم في رفع مستوى الذكاء لدى الأفراد. من بين هذه الأنشطة، الألعاب المتعلقة بالذاكرة التي تعزز التفكير وتطوير المهارات اللغوية، بالإضافة إلى الأنشطة التي تتضمن تعلم لغات جديدة، وقراءة المزيد من الكتب التي تسهم في التطور المعرفي بشكل عام.