أسباب قطيعة الرحم
تعني قطيعة الرحم عدم التواصل مع الأقارب وقطع الإحسان إليهم، إلى جانب عدم التغافل عن أخطائهم. وهذا يتعارض بشكل كامل مع مفهوم صلة الرحم الذي يجسد التواصل والإحسان. تُعتبر قطيعة الرحم ذنبًا كبيرًا وجريمة خطيرة، حيث تؤدي إلى قطع الروابط الأسرية، وتوليد العداء والكراهية. كما أنها تتسبب في الانفصال والتباعد، وتؤدي إلى فقدان الألفة والمحبة، وتمنع رحمة الله ونيل الجنة، وهو ما يُفضي إلى العزلة والذل.
فيما يلي بعض الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى قطيعة الرحم:
- الجهل
ويشير هنا إلى عدم الوعي بعواقب القطيعة، وغياب المعرفة حول فضائل وفوائد صلة الرحم.
- الكبر
ويقصد به التفاخر على الأقارب بعد الوصول إلى مراكز مرموقة أو التكبر عن زيارتهم بعد تحقيق النجاح المالي.
- الشح والبخل
حيث يخشى الشخص من أن يطلب منه الأقارب المال إذا كان في وضع مالي مريح.
- قلة التقوى
وتظهر في عدم الشعور بالخوف من عواقب القطيعة وغياب الطمع في الأجر المترتب على صلة الرحم.
- العداوة المتوارثة
وترتبط هذه المشكلة بالخلافات القديمة التي قد تستمر لسنوات بين الأخ وأخيه، مما يمنع أبناءهم من زيارة أعمامهم أو أقاربهم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك تعقيدات الشراكات التجارية التي تنشأ نتيجة سوء الفهم والافتقار إلى الشفافية.
بالإضافة إلى تأخير تقسيم الميراث، حيث يحدث ذلك عند حدوث خلافات بين الورثة، مما يؤدي إلى تأخير توزيع الإرث ويؤدي إلى الفراق والقطيعة.
- انتشار النميمة بين أفراد العائلة، مما يؤدي إلى تعزيز مشاعر العداء والبغضاء بينهم، حيث يكون كل طرف مشغولًا بالمشكلة بدلاً من الحل.
- التسويف في زيارة الأقارب إلى درجة الانقطاع نتيجة للتأجيل المستمر والكسل.
- النفور الذي يشعر به الزائر بسبب عتاب الأقارب له وملاحظاتهم.
علاج قطيعة الرحم
يمكن معالجة قطيعة الرحم من خلال إزالة الأسباب التي تؤدي إليها. من المهم فهم أهمية صلة الرحم وضرورة مراعاة آداب الزيارات، مثل احترام خصوصيات الآخرين والتجاوز عن إساءاتهم، ومقابلتهم بالإحسان، وقبول اعتذاراتهم إن اعتذروا، والمسامحة عنهم حتى في غياب الاعتذار.
كما ينبغي أن نتحلى بالتواضع واللين عند التعامل معهم، ونقدم الدعم بقدر المستطاع دون انتظار مقابل، مع مراعاة ظروفهم النفسية والاقتصادية. ومن الضروري تجنب التقليل من شأنهم لأي سبب.
واحدة من أبرز مشكلات القطيعة هي الجهل، لذا إذا عملنا على إرشاد الأفراد وتعليمهم الأبعاد الدينية والاجتماعية لصلة الرحم، فمن المحتمل أن ننجح في جذب انتباههم وتحفيز دوافعهم نحو تعزيز الروابط الأسرية. ولا يوجد أفضل من كتاب الله وسنة نبيه كمرجع في هذا الشأن.
كيفية تحقيق صلة الرحم
تتجلى صلة الرحم في الزيارات، متابعة أحوال الأقارب، زيارة المرضى، تقديم المساعدة للفقراء، تقدير الأغنياء، المشاركة في أفراحهم، تقديم العزاء في مصائبهم، دعائهم، التعامل معهم بلطف وخلق حسن، ومساعدتهم في حل مشكلاتهم، وإصلاح ذات البين، واستضافتهم وأخذهم بعين الاعتبار.
فضل صلة الرحم
توجد العديد من النصوص الشرعية التي تجلّي فضل صلة الرحم، ومنها:
- قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ)؛ فهذه الآية تشيد بالواصلين.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)، وكلمة ينسأ تعني: يُطيل الله في عمره ببركة صلة الرحم.
- عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال: (يا رسول الله، أخبِرنِي ما يُقرِّبُنِي من الجنة ويُباعدني من النار، قالَ: تَعبدُ اللهَ ولا تُشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم).
عقوبة قاطع الرحم
توجد نصوص شرعية عديدة توضح عقوبة قاطع الرحم، ومنها:
- قال الله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).
- عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ، قالَ ابنُ أَبِي عُمَرَ: قالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ).
- عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الرَّحِمُ شِجْنَةٌ، فمَن وصَلَها وصَلْتُهُ، ومَن قَطَعَها قَطَعْتُهُ).