تداعيات تلوث التربة
تتعرض التربة للتلوث بشكل كبير نتيجة اختلاطها بمواد ملوثة متنوعة مثل المواد الكيميائية، ومياه الصرف الصحي، والمبيدات الزراعية، والمواد المشعة، والرصاص، والأملاح، والمواد الخطرة الأخرى التي يتم التخلص منها بطريقة غير آمنة. علاوة على ذلك، تلعب بعض العوامل الطبيعية دورًا في تلوث التربة. تساهم هذه المواد الملوثة في التأثير السلبي على صحة الإنسان عندما تتسرب إلى المحاصيل مثل الخضراوات والفواكه التي تنمو في التربة الملوثة. كما أن تنوع الملوثات يؤدي إلى تعدد الأضرار البيئية، مما يسبب آثارًا سلبية كبيرة على صحة الإنسان والبيئة بشكل عام.
تأثيرات تلوث التربة على صحة الإنسان
طرق انتقال الملوثات إلى الجسم البشري
يمكن أن تدخل الملوثات المختلفة إلى جسم الإنسان من خلال عدة طرق، ومنها:
- تناول التراب: يُعتبر تناول التراب (Geophagia بالإنجليزية) من أبرز العوامل التي تنقل ملوثات التربة إلى الجسم. قد تُدخل هذه الملوثات إلى جسم البالغين من خلال تناول الخضراوات والفواكه غير المغسولة بشكل كافٍ. كما أن الأطفال يكونون أكثر عرضة لهذه المواد أثناء اللعب. عند دخول الملوثات إلى الفم، يمكن أن تُمتص من قبل بطانة الفم أو تنتقل إلى الجهاز الهضمي، حيث تصل إلى الكبد ويمكن أن تُعاد إلى الجهاز الهضمي. تظل بعض المواد الكيميائية في الجهاز الهضمي، مما قد يؤدي إلى آثار سلبية على صحته. وتجدر الإشارة إلى أن الأطفال يمتصون الرصاص بمعدل يزيد عن خمسة أضعاف ما يمتصه البالغون.
- الاستنشاق: تُسهم جزيئات التربة الملوثة التي تُستنشَق في تراكم هذه الجزيئات في الرئتين، بل وقد تتسرب إلى مجاري الدم، مما يؤدي إلى حدوث أمراض متعددة. ومع ذلك، فإن تأثير الاستنشاق على الأشخاص العاملين في المجالات الزراعية يعد منخفضاً مقارنة بتأثير تناول التراب، حيث تظهر النتائج السلبية على المدى الطويل مع التعرض المستمر.
- اللمس المباشر: يمكن أن يؤدي التلامس المباشر مع التربة الملوثة إلى التعرض لأعراض صحية إذا كانت تحتوي على معادن ثقيلة مثل الكروم 6 والزئبق غير العضوي. كما يسرع الجلد من امتصاص بعض المركبات العضوية المتطايرة.
- تسرب الملوثات إلى النباتات والمياه الجوفية: يؤدي تلوث التربة إلى تلوث المياه الجوفية، مما يتسبب في تلوث مياه الشرب. وتنتقل هذه الملوثات إلى النباتات، ثم تستهلكها الحيوانات والإنسان، مما يعني أنها تؤثر سلباً على السلسلة الغذائية. تشمل الملوثات الديوكسينات والكادميوم، بالإضافة إلى الزرنيخ، والذي يتسرب إلى المياه الجوفية مما يؤثر على صحة الإنسان والحيوانات على المدى الطويل.
تأثير الملوثات على صحة الإنسان
تؤثر الملوثات الناتجة عن تلوث التربة بشكل كبير على صحة البشر، مما يؤدي إلى حدوث مجموعة من المشاكل الصحية، مثل الطفرات الجينية والمشاكل الخلقية والأمراض المزمنة الذي يصعب علاجها. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر تلوث التربة سلبًا على إنتاج المحاصيل الزراعية بسبب انخفاض خصوبتها نتيجة نقص العناصر الغذائية الأساسية، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث مجاعات.
كما يمكن أن يتلوث التربة من خلال الهواء المحمل بالغبار، خاصةً الجسيمات التي تقل عن 10 ميكرون، والتي قد تسبب تهيج في الجهاز التنفسي عند استنشاقها. ويزداد خطر الغبار عندما يحتوي على ملوثات خطيرة مثل المواد المشعة والمعادن الثقيلة والمواد الكيميائية الضارة، مما قد يزيد من مستويات السيلينيوم والزئبق والرصاص في التربة، جميعها عوامل تؤثر سلبًا على صحة الإنسان.
تختلف الأضرار الناتجة عن تلوث التربة وفقًا لنوع الملوثات، حيث يمكن أن يتسبب الكروم في مشاكل معوية، بينما يؤدي الزئبق إلى العديد من الأمراض. يمكن أن يتراكم الزرنيخ في الشعر والأظافر ويسبب أمراض جلدية، في حين أن الكادميوم قد يؤدي إلى آلام معوية وهشاشة العظام.
تأثير تلوث التربة على البيئة
تؤدي ملوثات التربة إلى الكثير من الأضرار البيئية، حيث يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية على صحة النبات والحيوان. إذ تؤثر هذه الملوثات بشكل مباشر على التركيب الكيميائي للتربة، مما يؤدي إلى انخفاض العمليات الحيوية للنباتات وتراجع إنتاج المحاصيل وتدمير الزراعة. ويتغير التركيب الكيميائي للتربة نتيجة وجود الملوثات، مما يؤثر على الكائنات الحية التي تعتمد على هذه التربة في غذائها.
على سبيل المثال، تعمل البقوليات على تثبيت النيتروجين في التربة من خلال علاقاتها التكافلية مع بكتيريا الريزوبيا، وهو عنصر أساسي لنمو النباتات. ومع ذلك، فإن زيادة مستويات الزرنيخ يمكن أن تعيق هذه العملية، مما يخفض من وتيرة تثبيت النيتروجين ويخفض بالتالي من كفاءة التربة لزراعة المحاصيل.
تواجه النباتات نمواً ضعيفاً في التربة الملوثة نتيجة عدم قدرتها على التكيف مع التغيرات الكيميائية، مما يسبب خللاً في توازن النظام البيئي. كما يؤدي تلوث التربة إلى انخفاض عدد الكائنات الحية الدقيقة ويؤثر سلبًا على صحة التربة، مما يقلل من خصوبتها ويجعلها غير صالحة للزراعة نهائياً، وهذا بدوره يؤثر على الإنتاج الزراعي ويزيد من مستويات المواد السامة في المحاصيل، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة.
للمزيد من المعلومات حول تلوث التربة، يمكنك الاطلاع على المقال حول بحث عن تلوث التربة.
أما إذا كنت مهتماً بمعرفة المزيد عن تلوث البيئة بشكل عام، يمكنك الرجوع إلى المقال حول بحث عن تلوث البيئة.