تقنيات متقدمة لمواجهة تلوث المحيطات
التكنولوجيا النووية في مكافحة تلوث المحيطات
تمثل التقنية النووية إحدى أبرز الأساليب لمكافحة التلوث البلاستيكي في المحيطات، وهي معروفة باسم “التكنولوجيا النووية لمراقبة التلوث البلاستيكي” (بالإنجليزية: Nuclear Technology for Controlling Plastic Pollution) وتختصر بـ (NUTEC Plastics).
هذه الطريقة تعتمد على أسلوبين رئيسيين لتحليل تلوث مياه المحيطات البلاستيكي، وهما:
الرصد البحري
توفر هذه التقنية تقييمًا دقيقًا لمستوى التلوث البحري الناجم عن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، حيث تتعقب وتحلل حركة هذه الجسيمات وآثارها على النظام البيئي المائي. استنادًا إلى تلك البيانات، يُمكن تطوير سيناريوهات حول خطر التلوث واتخاذ الإجراءات الملائمة لمواجهته.
إعادة التدوير بواسطة الإشعاع
تشمل هذه العملية استخدام أشعة غاما والأشعة الإلكترونية كطريقة إضافية إلى أساليب إعادة تدوير البلاستيك التقليدية، حيث تسهم التقنية النووية في تعديل أنواع معينة من المواد البلاستيكية وتغيير خصائصها لإعادة استخدامها. يمكن دمج هذه التقنية مع العمليات التقليدية لتدوير البلاستيك من خلال ما يلي:
- فرز الملوثات البلاستيكية المعالجة ميكانيكيًا وفقًا لنوع البوليمر الخاص بالمادة.
- تحليل البوليمرات البلاستيكية إلى مكوناتها الأساسية التي يمكن استخدامها كمواد خام لإنتاج Plastics جديدة.
- تعديل البلاستيك ليكون قابلاً للدمج مع مواد أخرى لتشكيل مواد أكثر متانة.
- استعمال التحليل الإشعاعي لتحويل البلاستيك إلى طاقة ومواد أولية.
تقنيات تتبع التسرب النفطي في المحيطات
يعتبر التسرب النفطي من المخاطر الرئيسية التي تساهم في تلويث المحيطات، حيث شهدت عدة حوادث تسرب أدت إلى ارتفاع مستويات التلوث إلى نسب تهدد الانتعاش البيئي. كان حادث التسرب النفطي في الخليج المكسيكي عام 2010 إحدى أكثر الحوادث تدميرًا.
نتيجة لهذه الحادثة، طورت شركة أدفيسيان (Advisian) تقنية مبتكرة لتحديد مواقع التسرب النفطي في مياه المحيطات، تُعرف بالعوامات الخاصة بتقديم بيانات حول التسرب النفطي (Oil Spill Tracking Buoys) ورمزها (OSTBs). بدأ تطوير هذه التقنية في بداية السبعينات من القرن الماضي.
تُطلق هذه العوامات بكثرة في مكان التسرب، وتتحرك تدريجيًا مع اتجاهات التيارات المائية، مما يساعد في تحديد مواقع التلوث النفطي وانتشاره. كل عوامة مزودة بنظام تحديد المواقع، مما يتيح مراقبتها عبر الأقمار الصناعية وتقييم مستويات التلوث، وبالتالي تسريع عملية الوصول إلى مواقع التلوث وتنظيفها.
تقنيات لحماية المحيطات من تلوث البلاستيك
تعد مشكلة تلوث المياه البلاستيكية في المحيطات من أكثر القضايا انتشارًا وتهدد صحة البيئة البحرية. إن التلوث يؤثر سلبًا على صحة الكائنات البحرية ويغير من جودة الغذاء المقدمة للبشر، كما يساهم أيضًا في التغيرات المناخية حول العالم.
يصل ما يزيد عن 8 ملايين طن من البلاستيك إلى المحيطات سنويًا، مما يمثل 80% من النفايات البحرية المتواجدة في أعماق البحر أو على سطحه. لذا، من الضروري الالتفات إلى تقنيات حديثة للتخفيف من آثار هذا التلوث، والتي يمكن تقسيمها إلى فئتين:
- تقنيات وقائية
تركز هذه التقنيات على منع تسرب المواد البلاستيكية إلى المحيطات.
- تقنيات علاجية
تعتمد هذه التقنيات على جمع أكبر قدر ممكن من المواد البلاستيكية التي وصلت إلى مياه المحيطات، وهناك تقنيات مخصصة لجمع المواد البلاستيكية الكبيرة وأخرى تركز على إزالة الجزيئات الصغيرة.
تقنيات وقائية
من أبرز التقنيات الوقائية لحماية المحيطات من التلوث البيئي ما يلي:
- فاصل القمامة على نظام الصرف (بالإنجليزية: In-line Litter Separator)
يتم تثبيت فاصل للنفايات ضمن نظام الصرف لتجنب وصول المواد البلاستيكية الناتجة عن العواصف إلى مياه المحيطات.
- مصيدة العواصف لجمع النفايات (بالإنجليزية: Stormtrap Trashtrap)
تستخدم شبكة مائية تعتمد على تدفقات المياه لالتقاط القمامة والمواد البلاستيكية العائمة من مياه الأمطار ومياه الصرف.
- كرات كورا (بالإنجليزية: Cora Ball)
كرات صغيرة تستخدم في آلات غسل الملابس لالتقاط الألياف البلاستيكية الدقيقة، وتمنع بذلك تسربها إلى شبكة الصرف الصحي.
تقنيات علاجية
من أبرز التقنيات العلاجية المخصصة لحماية المحيطات من التلوث ما يلي:
- وحدة مائية عائمة
تُعرف بـ (Holy Turtle)، وهي وحدة عائمة بطول 305 متر تُسحب بواسطة مركبين بحريين لجمع النفايات البلاستيكية العائمة في المحيط.
- روبوت قنديل البحر
روبوت يتحكم به عن بُعد لجمع النفايات البلاستيكية الكبيرة في المسارات المائية.
- تحديد مواقع المواد البلاستيكية الدقيقة
يستخدم جهاز مائي يعمل عن بُعد يعتمد على الأشعة تحت الحمراء للكشف عن المواد البلاستيكية الدقيقة وتحديد مواقعها لمعالجتها.
تقنيات لحماية البيئة البيولوجية في المحيطات
مجسات لمزارع الأسماك
توجد دراسات لوضع مجسات مائية في المحيطات لمراقبة الأسماك وتحديد تجمعاتها، مما يساعد على جمع بيانات دقيقة عن بيئتها، وتحليلها لتطوير أفضل طرق تحسين ظروف حياة الأسماك وإدارة تغذيتها وحمايتها من التلوث والأمراض.
تقنية تتبع الجليد
تساهم تقنيات تتبع الكتل الجليدية في حماية الناقلات النفطية من التصادم بها، من خلال تقديم إنذارات مبكرة عند الاقتراب منها، مما يقلل من مخاطر التصادم والكوارث البيئية.
كاميرات الذكاء الاصطناعي
تُستخدم كاميرات تعمل بمقومات الذكاء الاصطناعي لتوفير رؤية شاملة في الأعماق البحرية، حيث ترصد الأنواع المهددة بالانقراض، وتجمع بيانات حول حركتها وأصواتها لتوثيق التغيرات البيولوجية.
أثر التقنيات الحديثة على حماية المحيطات من التلوث
لقد ساهمت التقنيات الحديثة مثل أجهزة الاستشعار والأقمار الصناعية والروبوتات، بالإضافة إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، في تحسين فهمنا لبيئات المحيط وتقييم حالة التلوث بها. هذه البيانات أصبحت تعطي صورة دقيقة عن التغيرات الحاصلة في المحيطات ونظمها البيئية.
إن المعلومات المستخلصة تعزز من الأساس الذي يُبنى عليه السياسات والإجراءات على المستوى الوطني والدولي للعديد من المنظمات المعنية بحماية المحيطات، حيث تسهم في تحقيق هدف التنمية المستدامة رقم 14 المتعلق بحماية الحياة المائية.
تبعات إهمال مشكلة تلوث المحيطات
يُفضي إهمال مسألة تلوث المحيطات إلى العديد من المخاطر التي تهدد النظام البيئي، وأبرز هذه المخاطر تشمل:
- خطر يهدد حياة الكائنات البحرية
تعتبر الكائنات البحرية من أبرز ضحايا تلوث المحيطات بسبب تسرب النفط أو المواد البلاستيكية. يتسبب تسرب النفط في اختناق الأسماك مما يؤثر على تكاثرها، كما أن بعض الكائنات البحرية قد تستهلك المواد البلاستيكية عن طريق الخطأ، مما يؤدي لموتها.
- انخفاض مستويات الأكسجين المذاب في المياه
تتواجد كميات هائلة من المواد البلاستيكية التي تتحلل ببطء شديد، مما يستنزف الأكسجين في المحيط ويؤدي لانخفاضه إلى مستويات حادة قد تهدد الكائنات البحرية.
- تهديد لصحة الإنسان
تتسرب السموم التي تبتلعها الأسماك والكائنات البحرية إلى الأنسجة البشرية، مما قد يؤدي إلى انتشار أمراض مزمنة مثل السرطانات والتشوهات.
شهد العالم تطورات كبيرة في استخدام تقنيات حديثة لمكافحة تلوث المحيطات، وأبرزها التقنية النووية لمكافحة التلوث البلاستيكي، بالإضافة إلى تقنيات أخرى تعتمد على الذكاء الاصطناعي لجمع المواد البلاستيكية ومنع وصولها للمحيط.
يُعتبر التسرب النفطي من أخطر أنواع التلوث، لذا تم تطوير تقنيات عديدة لمكافحته، ومنها العوامات المتخصصة في تتبع التسرب وجمع البيانات، بالإضافة إلى تقنيات تتبع الكتل الجليدية لتفادي التصادمات.