قصائد تعبر عن حب الأخوة

ذكريات الأخ بعد فراقه

ذكريات الأخ بعد فراقه
ذكريات الأخ بعد فراقه

تقول الخنساء:

ذكرتُ أخي بعد تمنّع الخلي
فانحدر الدمع في عيني انحدارا
بخيولٍ اتشحت بأبطالها
قامت دمارا ودمرت أقواما
تتصيد بالرمي قدرا من ضياعها
وتختصم الكبش بصورة مفاجئة
فألحقته القوم تحت وطأة الحرب
وأرسلت مهرَك فيها فغارا
وكنت تؤمن له بعودٍ مستقر
إذا تطابقت وأنغشي في حرارا
فذلك في الحُكم مكروه
وفي السلم تلهو وترخي الجوارب
وكم كانت الحرائق تملؤها صخبا
جعلت رداءك فيها كخمار
لتنقض شأوا على قُربهِ
وتكسب حمدًا وتحمي الذمار
وتروي السنان وتوقع العُضب
كما وعودها طباخة حين تفيض
فتعلو الخيول بحياض النجاة
وتعطي العطاء وتوقع العشار
كأن القتود إذا شدها
علىّلويز مسابقةً لصورة
تمكّن في دفء أرطاته
أهاج العشي له فثارا
فدار، فلما رأى سربها
أحسّ قنصًا قريبًا فطارا
يشقّس سرباله هاجراً
من الشدّ لما أخذ في الفرار
فبات يقنص أبطالها
وينعصر الماء منه انصهارا

أخي

أخي
أخي

يقول الدكتور ياسر الدرويش:

أخي، إن قسمت أوضاع الدُنيا
طريق الغربة القاسية
وفرّق بيننا أمواج
من الإعسار والبأس
وظهرت عودة المشتاق
بين (الطور) و(الناس)
فلا تنسى ما مضى
فليس أخوك بالنَاسي
أخي، قد مزّقت الأسفاف
جسدك الشامخ الراسخ
وعادت عاديات الشيطان
فوق الفؤاد والرّاس
ومرآتي تطالعني
بوجه مُتعَب وقاسي
تريني إذ أقلّبها
بقايا عدّ أنفاسي
أخي، قد مرت الأيام
بين الموج والمماس
ولم أمسك سوى زبد
ورملٍ بين أرماس
وأفكارٍ تسلّم لي
لوسواسٍ وخنّاس
وعُدت بدون أجنحة
كعباس بن فرناس
أخي، إن ودّعت الدنيا
شتاءً بعد أقراس
وزيّن عُشه الحشو
بين النّدِّ والآس
ومال الغصن مُنثنياً
بأكمامٍ وأجراس
ترقّب عودتي فجراً
فقد أسرَجتُ أفراسي
أخي، إنّي على شوقٍ
للُقيا الأهل والناس
لثْم الأرض في وطنٍ
يُرافقني كإحساسي
إلى أُمّي، ووجه أبي
وزيتيونِ وأغراسي
أتظنّ أنني أنسَى
ويحصي الله أنفاسي؟

تُؤرقني الذكريات عند المساء

تُؤرقني الذكريات عند المساء
تُؤرقني الذكريات عند المساء

تقول الخنساء:

تؤرقني الذكرى حين أمسي
فأصبح وقد بليتُ بفقدٍ عظيم
على صخرٍ وأيّ شابٍ كصخرٍ
في يومٍ كريهٍ وقطعانٍ حزن
وللخصم الألدّ إذا تعدى
ليأخذ حق مظلومٍ بقنصٍ
فلم أرَ مثله فقدٍ لجني
ولم أرَ مثله فقدٍ لإنس
أشده على صروف الدهر
وأفصل في الخُطوب بدون لبس
وضيفٍ طارئ أو مستجيرٍ
يُرَوَّع قلبه من كل جرس
فأكرمه وآمنه فأمسى
خليًّا من كل بؤس
يُذكّرني طُلوع الشمس صخراً
وأذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكيّن حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي
ولكن لا أزال أرى عَجولاً
وباكِيَةً تَنُوح ليوم نحس
أراها والهةً تبكي أخاها
عشيّة رُزئي أو غبّ أمس
وما يبكون مثل أخي ولكن
أُعزي النفس عنه بالتأسّي
فلا والله لا أنساك حتى
أُفارِق مهجتي وتنشقّ رمسي
فقد ودعتُ يومَ فراق صخرٍ
أبي حسان لذّاتي وأنسي
فيا لهفي عليه ولهف أمي
أيمسي في الضريح وفيه يمسي

يا جندب، أخبرني ولست بمخبرٍ

يا جندب، أخبرني ولست بمخبرٍ
يا جندب، أخبرني ولست بمخبرٍ

يقول ضمرة النهشلي:

يا جندب، أخبرني ولست بمخبرٍ
وأخوك ناصحك الذي لا يكذب
هل في القضية أن إذا استغنيتم
وأمنتم فأنا البعيد الأجنب
وإذا الشدائد بالشدايد مرةً
أشجتكم فأنا المحب الأقرب
وإذا تكون كريهةٌ أُدعَى لها
وإذا يُحاص الحيس يدعى جندب
ولجندب سهل البلاد وعذبُها
ولي الملاح وخبتهن المجدب
عجب لتلك قضيةٌ وإقامتي
فيكم على تلك القضية أعجب
هذا وجدكم الصغار بعينه
لا أُمّ لي إن كان ذاك ولا أَبُ

البدر الآفل

البدر الآفل
البدر الآفل

يقول إيليا أبو ماضي:

أبعدك يعرف الصبر الحزين
وقد طاحت بهجته المنون؟
رمتك يد الزمان بشرّ سهم
فلمّا قضيت بكَى الحقود
رماك وأنت حبّه كل قلب
شريف، فالقلوب له رنين
ولم يك للزمان عليك ثار
ولم يك في خلالك ما يشين
ولكن كنت ذا خلقٍ رضٍ
على خلقٍ لغيرك لا يكون
وكنت تحيط علما بالخفايا
وتمنع أن تحيط بك الظنون
كأنك قد قتلت الدهر بحثا
فعندك سره الخافي مبين
حكيت البدر في عمرك ولكن
ذكاؤك لا تكوّنه قرون
عجيب أن تعيش بنا الأماني
وأنّا للأماني نستكين
وما أرواحنا إلا أسرى
وما أجسادنا إلا سجون
وما الكون مثل الكون الفاني
كما تفنى الديار كذا البنين
لقد علقتك أسباب المنايا
وفيّا لا يخان ولا يخون
أيدري النعش أيّ فتى يواري
وهذا القبر أيّ فتى يصون؟
فتى جمعت ضروب الحسن فيه
وكانت فيه للحسنى فنون
فبعض صفاته ليثٌ بدر
وبعض خلا له شممٌ ولين
أمارات الشاب عليه تبدو
وفي أثوابه كهلٌ رزين
ألا لا يشمت الأعداء منا
فكل فتى بمصرعه رهين
أيا نور العيون بعدت عنا
ولمّا تمتليء منك العيون
وعاجلك الحمام فلم تودّع
وبنت ولم يودّعك القرين
وما عفت الوداع قلى ولكن
أردت ولم يرد دهرٌ ضنين
فيا لهفي لأمّك حين يدوي
نعيك بعد ما طال السكون
ولهف شقيقك النائي بعيداً
إذا ما جاءه الخبر اليقين
ستبكيك الكواكب في الدياجي
كما تبكيك في الروض الغصون
ويبكي أخوة قد غبت عنهم
وأمٌ ثاكل وأبٌ حزين
فما تندى لنا أبداً ضلوع
عليك، وما تجف لنا شؤون
قد ازدانت بك الفتيان طفلاً
كما يزدان بالتاج الجبين
ذهبت بزينه الدنيا جميعا
فما في الدهر بعدك ما يزين
وكنت لنا الرجاء فلا رجاء
وكنت لنا المعين فلا معين
أبعدك، يا أخي، أبغي عزاء
إذا شلّت يساري واليمين؟
يهون الرزء إلا عند مثلي
بمثلك فهو رزءٌ لا يهون
عليك تقطع الحسرات نفسي
وفيك أطاعني الدمع الحرون
فملء جوانحي حزن مذيب
وملء محاجري دمع سخين
وما أبقى المصاب على فؤادي
فأزعم أنه دام طغين
يذود الدمع عين عيني كراها
وتأبى أن تفارقها الجفون
لقد طال السهاد وطال ليلي
فلا أدري الرقاد متى يكون
كأن الصبح قد لبس الدياجي
عليك أسى لذلك ما يبن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *