أحداث غزوة أحد وتأثيرها وذكر بعض الشهداء فيها

أحداث غزوة أُحد

أحداث غزوة أُحد
أحداث غزوة أُحد

بداية غزوة أُحد

بداية غزوة أُحد
بداية غزوة أُحد

دخل النبي -عليه الصلاة والسلام- مع جيشه المكون من سبعمئة مقاتل بعد انسحاب ثلاثمئة من المنافقين إلى أرض أُحد، حيث تمركز في مواقع ملائمة وعين مجموعة من الرماة لحماية الثغرة الوحيدة في ساحة المعركة. وأكد عليهم ضرورة البقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها مهما كانت الظروف، وعُين قائداً لهم عبد الله بن جُبير -رضي الله عنه- لحماية ظهر المسلمين. وقد انطلقت المعركة في يوم السبت السابع من شهر شوّال في السنة الثالثة للهجرة، حيث كانت المعارك شرسة بين الأفريقين. وكان اللقاء الأول بين طلحة بن أبي طلحة العبدري وزبير بن العوام -رضي الله عنهما-، فتقدم الزبير ليُسقط طلحة ويقتله، وبذلك لقبه النبي -عليه الصلاة والسلام- بحواريه. بعد ذلك، تقدم عثمان بن طلحة، فخرج إليه حمزة -رضي الله عنه- وقتله، ثم خرج أخوهم أبو سعد حيث قتله سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، واكتسب المسلمون النصر في جميع المبارزات.

مخالفة الرماة لأمر النبي

مخالفة الرماة لأمر النبي
مخالفة الرماة لأمر النبي

بدأت المعركة تسير لصالح المسلمين دون خسائر بشرية، مما جعل المشركين يفكرون في الفرار والانسحاب، فتراجعوا وتركوا النساء خلفهم. في تلك اللحظات الحاسمة، تخلّى عدد من المسلمين عن مواقعهم ونزل أربعون من الرماة عن الجبل لأخذ الغنائم. وبالرغم من مناشدة عبد الله بن جُبير بأن يتذكروا أوامر النبي -عليه الصلاة والسلام-، إلا أنهم لم يستمعوا. رأى خالد بن الوليد هذه الثغرة في صفوف المسلمين، فاتجه بجيشه حول الجبل. حاول من تبقى من الرماة منعه ولكنهم قُتلوا. وعاد خالد إلى المعركة، مما أدى إلى محاصرة المسلمين من الأمام والخلف، ودعا النبي -عليه الصلاة والسلام- الذين فروا من المعركة، حيث لم يبق معه سوى عشرة من الصحابة.

تعرّض النبي وأصحابه لأذى شديد

تعرّض النبي وأصحابه لأذى شديد
تعرّض النبي وأصحابه لأذى شديد

سمع خالد نداء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وشارك في القتال، فحرض النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه للقتال في سبيل الله، وتقدم سبعة من الأنصار للدفاع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى استُشهدوا. ثم جاء عمارة بن يزيد بن السكن -رضي الله عنه- وقاتل حتى أصيب، واقترب من النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث وضع رأسه على قدمه ومات وهو مُلتصق به. وحاول الباقون الدفاع عن النبي، الذي تعرض لضربات بالحجارة حتى سال الدم من وجهه الشريف. وفي هذه الأثناء، أصيبت النبي -عليه الصلاة والسلام- ضربة على رأسه من عبد الله بن شهاب، ثم جاء عبد الله بن قمئة ليضربه على كتفه. وظل النبي -عليه الصلاة والسلام- يشكو من هذه الإصابة لمدة شهر كامل، حيث أثر ذلك بشكل كبير عليه. واستمر طلحة في الدفاع عن النبي حتى أصيب. وتقدم مصعب بن عمير حاملًا راية المهاجرين وقاتل بشجاعة حتى استُشهد، مما جعل المشركين يظنون أن النبي قد قُتل أيضًا بسبب الشبه الكبير بينه وبين مصعب.

انتشرت شائعة مقتل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وظهرت نسيبة أم عمارة الأنصارية لتشارك في القتال بعد تركها للسقي الجرحى. وقام المسلمون بالتحلق حول النبي -عليه الصلاة والسلام- لدعمه، واستطاعوا الانسحاب به نحو الجبل. عندها، لاحظه أُبي بن كعب، وعلق قائلاً: “لا نجوت إن نجا”. جاء أبو سفيان ليشمت ويسأل عن النبي ويقول: “أُعل هُبل”، فقال الصحابة: “الله أعلى وأجلّ”. وأكدوا له: “الله مولانا ولا مولى لكم”، فقال عمر -رضي الله عنه-: “قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار”. وقد انسحب أبو سفيان ومن معه، مما أنهى المعركة.

نتيجة معركة أُحد

نتيجة معركة أُحد
نتيجة معركة أُحد

أسفرت معركة أُحد عن استشهاد سبعين من الصحابة ومقتل ثلاثين من المشركين. ومن آثار هذه المعركة تراجع هيبة المسلمين في نفوس المشركين، مما شجع باقي الأعراب على التحالف ضدهم. كما أدت إلى تجمع قبائل بني هُذيل وأهل نجد بقيادة طليحة الأسدي. بالإضافة إلى الظروف الحرجة التي واجهتها الدعوة الإسلامية، أدرك الصحابة أخطاءهم ومخالفاتهم أوامر نبيهم، وندموا على ذلك، مما جعلهم يتعهدون بالالتزام بأوامر النبي واتباعها.

شهداء غزوة أُحد

شهداء غزوة أُحد
شهداء غزوة أُحد

استُشهد في غزوة أُحد سبعون من الصحابة الكرام، بينهم أربعة من المهاجرين، وكان البعض يذكر ستة. ومن بين المُهاجرين: حمزة بن عبد المطلب الذي قُتل على يد وحشي، ومصعب بن عمير الذي قُتل على يد ابن قمئة، وعبد الله بن جحش المُلقب بالمجدّع في الله لكثرة ما مُثِل به. ومن الأنصار، كان من بينهم أنس بن النضر، وسعد بن الربيع، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح، وحنظلة بن أبي عامر المعروف بـ”غسيل الملائكة”، وعبد الله بن جُبير الذي عينه النبي -عليه الصلاة والسلام- أميراً على الرماة. وقد وردت العديد من الأدلّة التي تُظهر فضلهم، منها:

  • تمنّي النبي -عليه الصلاة والسلام- لو كان معهم، حيث قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: “(سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ إذا ذُكِرَ أصحابُ أُحُدٍ: أمَا واللهِ لوَدِدتُ أنِّي غودِرتُ مع أصحابِ فَحصِ الجَبَلِ)” أي سفح الجبل. وكان النبي دائماً يصفهم بأنهم إخوانه، ويسلّم عليهم ويدعو لهم عند زيارة قبورهم.
  • إخبار النبي -عليه الصلاة والسلام- أن أرواحهم كانت كأجواف طير خضر عند أنهار الجنة تتناول من ثمارها وتكون تحت ظل عرش الرحمن. وأنزل الله -تعالى- فيهم قوله: “(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)”.

الدروس المستفادة من غزوة أُحد

الدروس المستفادة من غزوة أُحد
الدروس المستفادة من غزوة أُحد

تناول العلماء العديد من الحكم والدروس المستفادة من غزوة أُحد، ومنها:

  • تنبيه الصحابة على أخطائهم، وأن ما أصابهم كان نتيجة أعمالهم، لقوله -تعالى-: “(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ…)”. بعد ذلك، أصبحوا أكثر حرصًا على طاعة النبي -عليه الصلاة والسلام- والابتعاد عن أسباب الهزيمة.
  • الإشارة إلى حكمة الله -تعالى- في تدبير الأمر بين النصر والهزيمة، وبيان الفرق بين المؤمن الصادق والمنافق. فهي امتحانات لكفر الأمة وبشائر النصر للمؤمنين في النهاية، مع التذكير بالتحلي بالتواضع والعزيمة في جميع المعارك.
  • ابتلاء الله -تعالى- لعباده بالنصر والهزيمة، فلا يكون الظفر إلا بعد الانكسار، كما جاء في قوله -تعالى-: “(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ)”.
  • رفع الصحابة إلى مرتبة الشهداء، التي تُعد من أعلى المراتب، فكان في ذلك إعداد لهلاك الأعداء بسبب افترائهم على الإسلام، كما جاء في قوله -تعالى-: “(وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ… )”.
  • توعية الصحابة حول أسباب الهزيمة، مما ساعدهم في تحقيق النصر لاحقًا، كما جاء في قوله -تعالى-: “(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)”.
  • تأكيد أهمية الشورى، حيث رغب النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجهاد داخل المدينة، لكن الصحابة أشاروا إلى خوض المعركة خارجها، ورغم ذلك لم يتراجع النبي عن رأيه بعد استعداده للقتال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *