أسباب سعة الرزق
وعد الله -عز وجل- عباده بتوفير أرزاقهم إلى أن تنقضي أعمارهم، حيث قال -سبحانه-: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين). وأوصاهم بالتوكل عليه والرضا بما قسمه لهم، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم). فالعبد يعمل لتحقيق رزقه ثم يتوكل على خالقه، راضياً بما قدره الله له.
التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب
يعتبر الأخذ بالأسباب من العناصر الأساسية التي يقوم عليها التوكل على الله. فالأخذ بالأسباب هو الوسيلة التي توصلك إلى غاية التوكل، إذ لا يوجد توكل دون أسباب. ومع ذلك، لا ينبغي أن يعتمد العبد على الأسباب وحدها. فالله -عز وجل- هو الحسب والمدبر لكل الأمور، ولذلك يجب أن يكون توكل العبد عليه توكلاً صادقاً وعميقاً، مع الإيمان الكامل بأنه لا نافع ولا ضار سواه.
يعد التوكل على الله من الأسباب التي تحقق ما يأمله العبد؛ فمن يعتمد على عقله يضل، ومن يعتمد على جاهه يذل، ومن يعتمد على ماله يفقر. أما من يعتمد على الله، فلا ضلال ولا ذل، ولا فقر. وفي النهاية، تتلاشى الأسباب ويبقى مسببها -سبحانه وتعالى-.
الاستغفار والتوبة
يعد تجنب الذنوب والمعاصي من أهم الأسباب التي تُجلب الرزق؛ لأنها تحرم مرتكبها من البركة في الدنيا والآخرة. قال الله -عز وجل-: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفُ عن كثير). فالأفعال السيئة التي يرتكبها العبد تمنعه من الرزق، ولذا يجب عليه التوبة إلى الله من هذه الذنوب.
والاستغفار هو وسيلة عظيمة لجلب الرزق، حيث قال الله -عز وجل-: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا*يرسل السماء عليكم مدرارًا*ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا).
تقوى الله تعالى
تشمل التقوى الابتعاد عن كل ما نهى الله عنه، والخوف من الوقوع في سخطه وعذابه، وحماية النفس من ارتكاب الأفعال المحرمة. يجب على المؤمن أن يحمي جميع جوارحه عن اقتراف الأخطاء، بحيث يمتنع بصره وسمعه ويده وقدمه عن فعل ما حرّم الله.
لذلك، اعتبر الله التقوى وصيته للعباد منذ القديم وحتى الآن، وقد دعا الأنبياء أيضاً إلى ذلك. قال -عز وجل-: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله). كما وصى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- أيضاً بالتقوى.
وأعطى الله المتقين وعداً بأن يوفّر لهم آليات الفرج والرزق في الأوقات الصعبة. فقال -عز وجل-: (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا*ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً).
الإنفاق في سبيل الله
يعتبر الإنفاق في سبيل الله من الوسائل الفعالة لجلب الرزق وسعته. يتنوع مجالات الإنفاق، فهناك الإنفاق على الفقراء والمحتاجين، وكذلك الإنفاق لنصرة دين الله. وما يُنفَق في سبيل الله يُعد سبباً لجلب خير في الدنيا وفتح أبواب الرزق.
وفي الآخرة هناك جزاء عظيم للمنفق، تحقيقاً لقول الله -عز وجل-: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين). فالصَدقة تعتبر وسيلة لجلب البركة وزيادة المال.
ومن الأمثلة على ذلك ما قامت به إحدى زوجات النبي -رضي الله عنها- حين ذبحت شاة، ثم وزعتها على الفقراء وأبقت منها الذراع. فسألها رسول الله عن الشاة، فقالت: ذهبت كلها، وبقي الذراع. فأجابها النبي: بل بقيت كلها وذهب الذراع، فكان هدفه توضيح أن أجر ما أنفقته سيبقى له عائد بالثواب.
صلة الرحم
تُعَد صلة الرحم من أفضل القربات إلى الله، حيث إنها تعزز البركة في العمر والرزق. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحب أن يُبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه). فصلة الرحم تُعد سبباً لتوفيق الله لعباده.
كما تفتح هذه الصلة أبواب الرزق، لذا يجب على المسلم تخصيص وقت لزيارة أرحامه والاطمئنان عليهم والتواصل معهم. الرحم أولى من يرتبط بهم بالرحم والعناية، قال -عز وجل-: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم).