التشبيه الضمني
التشبيه الضمني هو نوع من التشبيه حيث لا يتم ذكر المشبّه والمشبه به بشكل صريح، بل يتم الإشارة إليهما بشكل غير مباشر. يتقارب هذا النوع من التشبيه مع التشبيه التمثيلي، فهما كلاهما من الأنواع المركبة. ومع ذلك، يتطلب التشبيه الضمني بشكل أساس حذف أداة التشبيه، ويرتبط المشبّه والمشبه به بعلاقة نحوية مثل كون أحدهما مبتدأ والآخر خبر، أو باستخدام إحدى أدوات الربط.
أمثلة على التشبيه الضمني من القرآن الكريم
نستعرض فيما يلي بعض الأمثلة:
- قال الله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}؛ هنا يشبّه الله حال الشخص الذي أنفق ماله ولم يجد ثمراً نتيجة لتقدم العمر والطمع في المنافع، بحال بستان ملئ بالأشجار المثمرة الذي أصابه إعصار فهلك.
- ويقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذلِكَ}؛ حيث يُشير الله إلى تنوع الناس في طباعهم وألوانهم بتفاوت أشكال الجبال وألوانها.
أمثلة على التشبيه الضمني في الشعر
- سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم
وفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ
في هذا البيت من شعر أبي فراس الحمداني، يُشبه الشاعر نفسه بالقمر الذي يُفتقد في الليالي الحالكة، مشيراً دون ذكر التشبيه بشكل مباشر.
- ضَحوكٌ إِلى الأَبطالِ وَهوَ يَروعُهُم
وَلِلسَيفِ حَدٌّ حينَ يَسطو وَرَونَقُ
في هذا البيت للبحتري، يُشبه الشاعر ممدوحه الذي يواجه أعداءه بابتسامة، بالسيف اللامع الذي يُضرب به الأعداء، دون التصريح بهذا التشبيه.
- قَد يَشيبُ الفَتى وَلَيسَ عَجيباً
أَن يُرى النَورُ في القَضيبِ الرَطيبِ
هذا البيت دعبل الخزاعي يصف فيه الشيب الذي يصيب الفتى بالنور الذي يظهر في الأغصان، معبراً عنه بدون ذكر التشبيه بشكل مباشر.
- لا تُنكِري عَطَلَ الكَريمِ مِنَ الغِنى
فَالسَيلُ حَربٌ لِلمَكانِ العالي
في هذا البيت لأبي تمام، يشبّه حالة الشخص الكريم الذي فقد المال بالسيل الذي لا يحتفظ بالماء، موضحاً المعنى بطريقة ضمنية.
- وَمَا أَنا مِنهُمُ بِالعَيشِ فيهِم
وَلَكِن مَعدِنُ الذَهَبِ الرَغامُ
هذا البيت من شعر المتنبي يتحدث عن نفسه، مشبهاً مكانته بين قومه بالذهب المدفون بين التراب، دون ذكر التشبيه بروح مباشرة.
- وَمِنَ الخَيرِ بُطءُ سَيبِكَ عَنّي
أَسرَعُ السُحبِ في المَسيرِ الجَهامُ
وختاماً، يُشبه في هذا البيت تأخر عطاء الممدوح بتأخر سحب المطر، مشيراً إلى ذلك دون التصريح الصريح.
- مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ
ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ
هذا البيت أيضاً للمتنبي، يشبّه حال من يعتاد الذل بحال الميت الذي لا يؤلمه الجرح، في إشارة ضمنية.
- تَرجو النَجاةَ وَلَم تَسلُك مَسالِكَها
إِنَّ السَفينَةَ لا تَجري عَلى اليَبَسِ
هذا البيت لأبي العتاهية يشبّه الشخص الذي يسعى للنجاة دون اتباع الطرق الصحيحة بالسفينة التي لا تستطيع الإبحار على اليابسة، وهو أيضًا مثال على التشبيه الضمني.
- ويْلاهُ إنْ نَظَرتْ وإن هِيَ أعْرضتْ
وقعُ السِّهام ونَزْعُهُنَّ أليم
وفي هذا البيت من أشعار ابن الرومي، يُشبه الشاعر حال محبوبته عند النظر إليه أو الإعراض عنه بتأثير السهام على الجسم، مشيراً إلى ذلك بشكل غير مباشر.