قصائد في المدح والفخر
- يقول ابن الرومي:
يا من لا يُعجبه مديحٌ، وعفو الشتم له فاضلٌ،
أجدك في الشعر ما تجد له كفؤاً،
لمجدك أين استقامت بك الطريقُ.
كأنك قد نزلت في عرش المعالي،
بينما الشمس والقمر معك يضيئان.
فإن الله أعلى منك قدراً،
ويرضيه من الحمد القليل.
- يقول ابن نباتة المصري:
يا من أرى فيها نسبي قد تكامل،
لو لم يكن لي فبيتٌ ولا نسب.
لا تأمرني بمدح الحاضرين، فما،
أراه في فضلهم ولا أحس به في قلبي.
بين مدح القوم يغلبني سبب،
ما دام لي في معانيكم شغف.
- يقول المتنبي:
إنما أُحافظ على المدح بعيني،
وليس بقلبٍ لما أرى من خُلُق الأمير.
من خِصالٍ إذا نظرتُ إليها،
نظم لي من غرائب المنثور.
قصيدة في المدح للبحتري
أحجُاباً بعد المديح ومَطلاً،
بعد وعدٍ طاب به الجزم.
ليس مثلي على الضيم، يا أبا نصر،
ولا أقبل الذل في الميادين.
أجعلت جزائي من مدحك لي،
إهمالاً وغفلةً دون قضاء؟
واستهنت بعيداً لأني صرت باليسر،
سماءً وصرت بالعسر أرضاً.
أولستُ الذي كنتُ لك الوَدِ كليا،
وأصفَيْتُكَ المحبة خالصة؟
يا كثير المماطلة، كم، وإلى متى،
أُقاضِيكَ موعداً لا يُقضى؟
كلما سِرْتُ في قضاء ما لي،
عنقا، سرت في المماطلة ركضاً.
قد حطَّطْناك بعضَ ما كان في الوعد،
لنا واجباً لتنجز بَعْضاً.
واقتصرنا على الدنانير، فا جعلها،
لنا هديةً، وإن أردتَ قرضاً.
وثغورٌ كأنّها اللؤلؤ الرطب،
أو الأقحوان يهتز غضاً.
لا تنكرني في الوصال، وإن أظهرتَ،
لي ظلماً وجفوةً وبغضاً.
قصيدة “أمن ازديارك في الدجى” للمتنبي
أمن ازديارك في الدجى الرقباء،
إذ كنتِ في ظلامٍ كالنور.
قلق الجميلةِ مثل المسك، هتكها،
ومسيرها في الليل ذو ذكاء.
أسفي على أسفي الذي دلّني،
عن علمه الذي به كنتُ خفاء.
وشكي من فقد السقام، لأنه،
كان لي، لما كان لي أعضاء.
مثلَتِ عَيْنكِ في حشاي جراحةً،
فتشابهَ كِلتا القصتين نجلاء.
نفذت على السابرية ورُبما،
تندفع فيه الصعيدة السمراء.
أنا صخرة الوادي إذا زُوحمَتْ،
فإذا نطقتُ فقولي الجوزاء.
وإذا خفيتُ على الغبي فَعاذرٌ،
أن لا تَراني مُقلة عمشاء.
شيمُ الليالي أن تشكّك ناقتي،
صدري بها أفضى أم البيداء.
فتبيت تُسئد مسئداً في نياها،
إسآدها في المَهْمَه الإعنضاء.
بينما وبين أبي علي مثلهم،
كشم الجبال ومثلهم رجاء.
وعقاب لبنان وكيف بقطعها،
وهو الشتاء وصيفهن شتاء.
لبس الثلوج بها علي مسالك،
فكأنها ببياضها سوداء.
وكذلك الكريم إذا أقام ببلدةٍ،
سال النضار بها وقام الماء.
جمَد القطار، ولو رأته كما تَرَى،
بهتت فما تَتَبجس الأنواء.
في خطه من كل قلب شهوة،
حتى كأن مداده الأهواء.
ولكل عين قرة في قربه،
حتى كأن مغيبه الأذاء.
من يهتدي في الفعل ما لا تهتدي،
في القول حتى يفعل الشعراء.
في كل يومٍ للقوافي جولة،
في قلبه ولأذنه إصغاء.
وإغارة في ما احتواه كأنما،
في كل بيتٍ فيلقٌ شهباء.
من يظلم اللؤماء في تكليفهم،
أن يصبحوا وهم له أحراء.
ونذيمهم وبهم عرفنا فضله،
وبضدها تتبين الأشياء.
من نفعه في أن يُهاج وضره،
في تركه لو تفطن الأعداء.
فالسلم يكسر من جناحي ماله،
بنواله ما تجبر الهيجاء.
يعطي فتُعطى من له يد اللُهى،
وتُرى برؤية رأيه الآراء.
متفرق الطعمين مجتمع القوى،
فكأنه السراء والضراء.
وكأنه ما لا تشاء عُداته،
متمثلاً لوفوده ما شاءوا.
يا أيها المجدَى عليه روحه،
إذ ليس يأتيه لها استجداء.
احمد عُفاتك لا فجعتَ بفقدهم،
فَلَتَرْكُ ما لم يأخذوا إيثاء.
لا تكثُر الأموات كثرة قلةٍ،
إلا إذا شقيتَ بك الأحياء.
والقلبُ لا ينشق عما تحته،
حتى تحلّ به لك الشحناء.
لم تُسمَ يا هارون إلا بعدما اقترعت،
وتنازعت اسمكَ الأسماء.
فغدوت واسمك فيكَ غير مشاركٍ،
والناس في ما في يديكَ سواء.
لعمت حتى المُدن منكَ مِلاؤُ،
ولفُتَّ حتى ذا الثناء فَناء.
ولجُدتَ حتى كدتَ تبخل حائلاً،
للمنتهى ومن السرور بكاء.
أبدأت شيئاً ليس يُعرف بديته،
وأعددت حتى أُنكر الإبداء.
فالفخر عن تقصيرك بكَ ناكِبٌ،
والمجدُ من أن يُستزادَ براء.
فإذا سُئلتَ فلا لأنك مُحتاجٌ،
وإذا كُتِمتَ وشَت بكَ الآلاء.
وإذا مُدِحتَ فلا لتكسبَ رِفعةً،
للشاكِرينَ على الإله ثناء.
وإذا مُطِرْتَ فلا لأنك مُجدبٌ،
يُسقى الخصيب ويُمطَر الدأماء.
لم تحك نائلك السحابُ وإنما،
حُمِت به فصبيبها الرُحَضاء.
لم تلقَ هذا الوجهَ شمس نهارنا،
إلا بوجهٍ ليس فيه حياء.
فبأيّما قدمٍ سعيتَ إلى العُلَى،
أدمت الهلال لأخمَصَيكَ حذاء.
ولك الزمان من الزمان وقايةٌ،
ولك الحمام من الحمام فداء.
لو لم تكن من ذا الورى اللذذ منك هو،
عقمَت بمولد نسلها حواء.
قصيدة لإبراهيم الأسود
أمير الفخر والمجد العريق،
وفرد الدهر من كرم وجود.
حديثٌ علاك للأفواه طيب،
وللإسماع أطرب من نشيد.
ولو نظموه في سمطٍ لأغنى،
حسان الغيد عن عقدٍ فريد.
تلوه في الهجاء على حتى،
نعمت بطيبه بعد الهجود.
وما كذبت برؤياي، لكن،
تحقق بعدها فنمت سعودي.
أتى بشراه يحملها نهار،
ألا أنعم فيه من يومٍ سعيد.
فكان أذكى في قلبي وأشهى،
على أذني من نغمات عود.
فقلت عميد لبنان تحلى،
بشامل عطف ماركل العميد.
احلك في محل اميل قبلاً،
وسوف تفوز منه بالمزيد.
ويحظى البرلمان إذا انتداه،
بنوه منك بالرأي الرشيد.
وفوزك في مكان اميل فالٌ،
بان ستفوز في فخرٍ جديد.
وتخلفه بمنصبه محلى،
بحكمته وبالعزم الشديد.
وتجري فيه مثل أبيك شوطاً،
ونقفو مثله أثر الجدود.
فجدك كان فيه خير،
وليس له نظيرك من حفيد.
وكان أبوك فيه ذا مضاءٍ،
يلين لبأسه قلب الحديد.
وانت ولي عهدهما المفدى،
ومنصبك الجديد من الشهود.
فعش متسماً ذروات فخر،
تجاري الشهب في شأو الصعود.