عتبنا على الأيام قبل ظهوره
- يقول ابن سناء الملك:
عتبنا على الأيام قبل ظهورها
فأعتبنا حتى اعتذرنا من العتب
يُخافُ ويُرجى صولةً وسماحةً
إذا جادَ في سلمٍ وإن صال في حرب
فقيل له في الحرب يا مهلك الأعداء
وقيل له في السلم يا فاضح السحب
تُخافُ عوادي بأسه وهو ضاحكٌ
ويُرهَبُ من أسيافه وهي في القُرب
ويستعبد الأحرار بالبذل واللهوَ
وينصر من قبل العساكر بالرغبة
تودّ عداوة أن تكون رعيةً
لتعوا لديه وهي آمنةُ السرب
ترى الشمسُ من إجلالها لمحلّه
إذا ما دنت للغرب تسجد للغرب
يا طارداً بالهجر لهوي
- يقول ابن الساعاتي:
يا طارداً بالهجر لهوي
أسرفت في صلفٍ وزهو
وذهبتَ لا تحنو على
دنفٍ ولا ترثي لنضو
ملآن من شوقٍ ومن
سهرٍ إلى وسنان خلو
وتلّتضحك كلما
أسخطتني فبكيت شجوي
ويزيد في ظمأي وما
ء الدمع ماءٌ غير مُروي
فإذا حلفت على الوصا
ل فنيةٌ قُرنتْ بلغو
هي شيمة الأيام في الح
الين من كدرٍ وصفو
أمررتَ عيشي كله
فاسمح بيوم منه حلو
وغضبتَ إي أني بحب
بك مذنبٌ فامنن بعفو
فالدمع للعدوان لا
ينفكُّ من جيٍ وعدو
وإذا ونت منه السوابق
حثَّ من نفسي بحدو
مزقت صبري كلهُ
فمتى تلافاهُ برفو
أهلاً بطيف زار بعد جفائه
- يقول ابن الساعاتي:
أهلاً بطيفٍ زار بعد جفائه
ركب الهوى فدنا على عداوئه
نثرت عقود الزمن ليلة هديه
والبرق يبسم في متون سمائه
عرسٌ من الأحلام زف لمقلتي
فيه زفاف البدر في ظلمائه
فأتى الذّ من الكرى في مقلةٍ
سهدت ومثل الهدي عند التائه
قمرٌ تنقّل من سحاب لثامهِ
يوم الوداع إلى سرار خبائه
قلبي وطرفي منزلاهُ إنما
نخشى حلول الطرف من أنوائه
وقضيب بانٍ كان نرجس طرفه
يوم التلاقي شوكَ ورد حيائه
يرضى ويغضب فهو محيٍ قاتلٌ
في حالتيه بوصلهِ وجفائه
ذو الوجه يخصر ماؤه من نارهِ
ويضيءُ جذوة ناره في مائه
أسر الكرى فتخذت وجدي شافعاً
فيه وكان الدمعُ من طلقائه
وهب الجداية منهُ طول نفاره
وحبا قضيب البان من خيلائه
يا عاذل الصب الكئيب وقلبهُ
سرُ الهوى العذريِّ في سودائه
ما كان رخص الدمع لولا أنهُ
سام الوصال صدَّه بغلائه
ومن العجائب أن نيل دموعه
متزيد والجدب في أحشائه
لو ذقت طعم دنوّه وبعادهِ
لعرفت سهل الشوق من برحائه
منعت ظباء المنحنى بأسوده
وأشد ما اشكوه فتك ظبائه
فعلت بنا وهي الصديق لحاظها
كظبى صلاح الدين في أعدائه
يعاتبني في الدين قومي وإنما
- يقول المقنع الكندي:
يعاتبني في الدين قومي وإنما
ديونيَ في أشياء تُكسبهم حمدا
ألم يرَ قومي كيف أُسر مرة
وأُعسِرُ حتى تبلغ العسرة الجهدًا
فما زادني الإقتار منهم تقرباً
ولا زادني فضل الغنى منهم بعدا
أسدّ به ما قد أخَلّوا وضيعوا
ثغور حقوق ما أطاقوا لها سدّا
وفي جفنةٍ ما يُغلق البابُ دونها
مكللة لحماً مُدققاً ثردا
وفي فرسٍ نهدٍ عتيقٍ جعلتهُ
حجاباً لبيتي ثم أخدمته عبدا
وإن الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لمختلف جداً
أراهم إلى نصري بطيئون وإن همُ
دعوني إلى نصرٍ أتيتهم شدا
فإن يأكلوا لحمي وفرتُ لحومَهم
وإن يهدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا
وإن ضيعوا غيبي حفظتُ غيوبَهم
وإن هم هووا غيّي هويتُ لهم رشدا
وليسوا إلى نصري سراعًا وإن همُ
دعوني إلى نصيرٍ أتيتهم شدا
وإن زجروا طيراً بنحس تمرُّ بي
زجرتُ لهم طيراً تمرُّ بهم سعدا
وإن هبطوا غوراً لأمرٍ يسؤني
طلعتُ لهم ما يُسرُّهُم نجدا
فإن قدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُنِي
قدحتُ لهم في نار مكرمةٍ زندا
نفاق
- يقول نزار قباني:
كَفَانَا نِفَاق!..
فما نَفْعُهُ كلُّ هذا العِناق؟
ونحنُ انتهينا
وكُلُّ الحكايا التي قد حكينَا
نِفَاقٌ ..
نِفَاقْ ..
إنَّ قُبْلاتِكَ الباردةَ
على عُنُقي لا تُطَاق
وتاريخُنا جُثَّةٌ هامِدَهْ
أمام الوَجَاق
كَفَى ..
إنَّها الساعةُ الواحِدَهْ ..
فأينَ الحقيبَهْ؟..
أَتَسْمَعُ؟ أينَ سَرَقْتَ الحقيبَهْ؟
أجَلْ. إنَّها تُعْلِنُ الواحِدَهْ..
ونحنُ نلُوكُ الحكايا الرتيبَهْ
بلا فائِدَهْ..
لِنَعْتَرِفِ الآنَ أنَّا فَشِلْنَا
ولم يبقَ مِنَّا
سوى مُقَلٍ زائغَهْ
تَقَلَّصَ فيها الضياءْ
وتجويفِ أعْيُنِنَا الفارغَهْ
تَحَجَّر فيها الوفَاءْ
كَفَانَا..
نُحَمْلقُ في بعضنا في غَبَاءْ
ونحكي عن الصِدْق والأصدقاءْ
ونَزْعُم أنَّ السماءْ..
تَجنَّتْ علينا..
ونحنُ بكِلْتَا يدَيْنَا
دَفَنَّا الوفاءْ
وبِعْنَا ضمائرنَا للشتاءْ..
وها نحنُ نجلسُ مثلَ الرفاقْ
ولسنا حبيبينِ .. لسنا رِفَاقْ
نُعيدُ رسَائلَنا السالِفَهْ..
ونضحكُ للأسطُر الزائفَهْ..
لهذا النِفَاقْ
أنحنُ كتبناهُ هذا النِفَاقْ؟
بدون تَرَوٍ .. ولا عاطِفَهْ..
كَفَانَا هُرَاءْ..
فأينَ الحقيبةُ؟.. أينَ الردَاءْ؟..
لقد دَنَتِ اللحظةُ الفاصِلَهْ
وعمَّا قليلٍ سيطوي المساءْ
فُصولَ علاقَتِنَا الفاشِلَهْ..
عندما يكون العتاب دليلاً على الحب
- يقول عبد الرحمن العشماوي:
عصى الدمع عيني فلم يهطل
وقلبي بنار الأسى يصطلي
أيا مقلتي أنا في حاجة
إلى دمع عيني فلا تبخلي
فما يغسل الحزن عن خاطري
سوى الدمع همي به ينجلي
أيا ساكنا في فؤادي متى
تريح وترتاح يا مشغلي
وأين أراك على دربنا
تسير على عهدك الأول
حملتك في القلب ريحانةً
فكيف تحولت كالمنجل
حصدت السعادة في خاطري
ولم تتمهل ولم تمهل
لقد كنت كالشهد في طعمه
فصرت أمرّ من الحنظل
أيا راحلاً خلف أهوائه
تأمل حنيني ولا ترحل
نزلت إلى السفح مستسلماً
فياليت أنك لم تنزل
وياليت أنك أدركت ما
وراء السراب ولم تغفل
وسالمتني ثم حاربتني
فهل كنت تبحث عن مقتلي؟
وكيف جعلت ربيع المنى
خريفاً وقد كنت كالجدول؟
لقد ذبل الزرع في روضتي
ولولا جفاؤك لم يذبل
فكيف أمد إليك يدو
وسهمك مازال في المفصل؟
أيا صاحبي لا تدعني على
طريق الظنون بلا موئل
إذا صدق الناس في سعيهم
فسوف يسيرون للأفضل