أركان الكعبة وأسماؤها
تتكون الكعبة المشرفة من أربعة أركان، حيث تتجه هذه الأركان نحو الاتجاهات الأربعة الرئيسية (الشمال، الجنوب، الشرق، الغرب) مع انحرافات طفيفة. فيما يلي تفاصيل كل ركن:
الركن العراقي
يتجه الركن العراقي نحو الشمال، وأُطلق عليه هذا الاسم لأنه يتوجه صوب بلاد العراق. يُعرف أيضًا بالركن الشمالي، وتبلغ المسافة بين الحجر الأسود والركن العراقي أربعة وخمسون شبرًا.
الركن الشامي
يُشير الركن الشامي نحو الغرب، حيث سُمي بذلك لأنه يتجه نحو بلاد الشام. ووفق السنة النبوية، ليس من المستحب لمس الركن الشامي والعراقي أو الإشارة إليهما، لأنهما ليسا بنهاية الكعبة، ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه مسهما أو فعل شيئًا مشابهًا.
الركن اليماني
يتوجه الركن اليماني نحو الجنوب، وسُمّي بهذا الاسم لأنه يستهدف بلاد اليمن. يُعد هذا الركن آخر ما يمر عليه الحاج أو المعتمر من بين الأركان الأربعة. ومن المستحب أثناء الطواف استلام الركن دون تقبيله، والدعاء بينه وبين الحجر الأسود بقول: (رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
يتعين على الحاج أو المعتمر استلام الركن اليماني في كل شوط خلال الطواف عند الإمكانية، بأن يقوم بتمرير يده عليه ويقول: “بسم الله والله أكبر”. وفي حال عدم القدرة على ذلك، يمكنه المتابعة دون الإشارة إليه أو التكبير، إذ لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء من ذلك.
ومن المعلوم أن مسح الركن اليماني يعتبر كفارة للذنوب، فقد ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ مسحَ الحجرِ الأسودِ، و الركنَ اليمانيَّ ، يحُطَّان الخطايا حطًّا).
الركن الأسود
يتجه الركن الأسود صوب الشرق، وقد أُطلق عليه هذا الاسم لاحتوائه على الحجر الأسود، ولأنه يستند على قواعد سيدنا إبراهيم -عليه السلام-. يبدأ الطواف من الركن الأسود بناءً على فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويكون استلام الركن الأسود عبر لمس الحجر الأسود بيد الحاج أو المعتمر وتقبيله، مع قول: “الله أكبر”. وإذا لم يستطع تقبيله، ينبغي استلامه بيده، وإن لم يكن ذلك ممكنًا، يمكنه الإشارة إليه من بعيد والتكبير.
الحجر الأسود هو حجرٌ أنزله الله -سبحانه وتعالى- من الجنة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نزلَ الحجرُ الأسوَدُ منَ الجنَّةِ، وهوَ أشدُّ بياضًا منَ اللَّبنِ فسَوَّدَتهُ خطايا بَني آدمَ)، مما يعكس أن الحجر الأسود كان أبيض عندما نزل من الجنة، لكنه اسودّ نتيجة لمآثم البشر.
المسلمون يمسحون الحجر الأسود ويقبلونه اقتداءً بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستقبل الحجر الأسود ويقبله، قائلًا: “وَاللَّهِ، إنِّي لأُقَبِّلُكَ، وإنِّي أَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ، وَأنَّكَ لا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَبَّلَكَ ما قَبَّلْتُكَ”، وهذا يعكس تسليم الصحابة وإيمانهم القوي باتباع السنة النبوية.
أما مقام إبراهيم -عليه السلام- فهو الحجر الذي قام عليه عند بناء الكعبة المشرفة، وقد قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). وقد أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقصة بناء إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- للكعبة، وقد فضل الله مقام إبراهيم وأمر بالصلاة عنده، كما قال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).
الكون وأهمية الكعبة المشرفة
تعتبر الكعبة المشرفة أول بيت وُضع في الأرض لعبادة الله تعالى وحده، كما قال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ). وهي القبلة التي يتجه إليها المسلمين، وتعتبر من المساجد المقدسة التي تُشد إليها الرحال.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى). سُمّيت الكعبة المشرفة بذلك لأنها ذات شكل مكعب، وكانت غالبية بيوت العرب ذات أشكال مدورة، مما يدل على تعظيمهم وتقديرهم للكعبة.