أثر البلاستيك على البيئة
يتسبب التلوث الناتج عن المواد البلاستيكية المتنوعة في العديد من الأضرار التي تؤثر على جميع الأنظمة البيئية ومكوناتها. تشمل هذه المواد البلاستيكية: النفايات والمخلفات الناتجة عن الأنشطة البشرية والمنزلية التي يتم إلقاؤها في المسطحات المائية، بالإضافة إلى الجزيئات البلاستيكية الدقيقة الموجودة في المحيطات وشبكات الصيد البلاستيكية وغيرها.
أثر البلاستيك على اليابسة
تعد المواد البلاستيكية المكلورة (Chlorinated Plastics) مصدراً للمواد الكيميائية الضارة التي يمكن أن تؤثر سلباً على التربة المحيطة بها. هذه المواد الكيميائية قد تتسرب إلى المياه الجوفية والمسطحات المائية المجاورة، مما يلحق الضرر بالكائنات الحية التي تشرب من تلك المياه. ومع ذلك، يبدو الأثر الكبير أكثر وضوحاً في مواقع مكبات النفايات المليئة بالمنتجات البلاستيكية.
تحتوي هذه المكبات على كائنات حية دقيقة تسهم في تسريع عملية تحلل البلاستيك، مما يؤدي إلى إنتاج غاز الميثان، الذي يُعتبر أحد العوامل الرئيسية في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري. بينما تقوم بعض الدول بتركيب أجهزة لالتقاط غاز الميثان من مكبات النفايات وتحويله إلى طاقة، لا يزال هذا الحل غير مُطبّق بشكل شامل في جميع أنحاء العالم، مما يُبقي المشكلة قائمة.
أثر البلاستيك على البحر
تتسبب المنتجات البلاستيكية في تلوث المسطحات المائية بسبب تصريف مياه الأمطار، حيث تتدفق هذه المياه إلى البحار والمحيطات، مما يدخل ضمن السلاسل الغذائية للكائنات الحية. يمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث العديد من الأمراض على المدى الطويل لكافة الكائنات الحية بما في ذلك الأسماك والحيوانات والإنسان بسبب انبعاث العديد من العناصر والمركبات الكيميائية من المنتجات البلاستيكية مثل الرصاص والزئبق، والكادميوم، وفثالات ثنائي إيثيل هكسيل (Diethlhexyl Phthalate).
تشير التقديرات لعام 2012 إلى وجود حوالي 156 مليون طن من مخلفات المواد البلاستيكية في محيطات العالم، وهذا يشمل: الأكياس البلاستيكية، وأوعية الطعام، والبوليسترين، بالإضافة إلى حبيبات البلاستيك الدقيقة (Nurdles) التي تعد من أكثر أنواع الملوثات انتشاراً في المحيطات.
كما تتعرض مياه المحيطات لتلوث كبير جراء حبيبات البلاستيك الدقيقة التي تسربت من السفن أثناء عمليات الشحن، حيث تستخدم هذه الحبيبات في تصنيع المنتجات البلاستيكية. تشير التقديرات إلى أن هذه الحبيبات تمثل حوالي 10% من نفايات الشواطئ في العالم. على الرغم من أن المواد البلاستيكية تتحلل في المحيطات خلال عام، إلا أن عملية التحلل هذه قد تنتج مواد كيميائية سامة مثل بيسفينول A (Bisphenol A) والبوليسترين.
أثر البلاستيك على الحيوانات
تواجه الحيوانات العديد من المخاطر بسبب المخلفات البلاستيكية التي تهدد حياتها. أظهرت الإحصائيات أن أكثر من 400,000 نوع من الثدييات البحرية تموت بسبب تلوث المحيطات بالمواد البلاستيكية. يشكل ابتلاع الحيوانات لهذه المخلفات والتشابك بها المخاطر الأكبر. تشهد الدراسات وجود أكثر من 260 نوعاً من الحيوانات الفقارية واللافقارية تتعرض للخطر بسبب تناولها للمواد البلاستيكية.
على سبيل المثال، السلاحف البحرية التي تتغذى بشكل رئيسي على قناديل البحر غالباً ما تخلط بينها وبين الأكياس البلاستيكية. كذلك تعاني العديد من الطيور البحرية من تشابكها في مخلفات البلاستيك. وفي إحصائية أخرى، تحتوي بطون طيور النورس في بحر الشمال على ما معدله 30 قطعة من البلاستيك. يؤدي ابتلاع الحيوانات للمواد البلاستيكية إلى انسداد القناة الهضمية مما يسبب جوعها وانخفاض التغذية، مما قد يؤدي إلى الوفاة.
تتعرض الحيوانات البحرية أيضاً للخطر بسبب تشابكها في الشبكات البلاستيكية المهملة، مما يقلل من قدرتها على الحركة والعثور على الطعام، مما يسبب لها أضرارًا جسيمة. وتؤدي هذه الظروف إلى آثار أقسى مثل الغرق والاختناق، مما يؤدي في النهاية إلى الوفاة.
وفيما يلي جدول يوضح تأثير المنتجات البلاستيكية المختلفة على الحيوانات:
نوع الحيوان | الأمثلة عليه | نوع المخلفات البلاستيكية | الآثار |
الطيور البحرية | جلوم الماء الكبير بطريق ماجلان | أغطية القوارير، فتات البلاستيك، والخيوط | الجوع بسبب انسداد القناة الهضمية وثقب المعدة |
السلاحف البحرية | السلحفاة البحرية الخضراء، والجلد الظهرية | الأكياس البلاستيكية والمخلفات الأخرى | إعاقة تفقيس البيوض، والتعرض للحيوانات المفترسة |
الأسماك | سمك التونة كبيرة العين، سمك الأرز، الميداكاس، يرقات سمك الفرخ الأوروبي | بقايا الخيوط البلاستيكية، جسيمات البلاستيك الدقيقة | ابتلاع بقايا الخيوط، إجهاد الكبد، انخفاض معدل النمو |
الثدييات البحرية | فقمة الفراء، حوت العنبر، أسد البحر الأسترالي | حبيبات البلاستيك، أكياس البلاستيك، معدات الصيد البلاستيكية | تمزق المعدة والجوع، التشابك مع المواد البلاستيكية |
اللافقاريات | يرقات قنفذ البحر، بلح البحر، الجراد النرويجي | حبيبات البلاستيك من البولي إيثيلين، جسيمات البلاستيك الدقيقة | تراكم الحبيبات البلاستيكية في الدورة الدموية |
أثر البلاستيك على الإنسان
تتسبب المواد البلاستيكية في مجموعة واسعة من الأضرار على صحة الإنسان والاقتصاد بوجه عام. إليك أهم هذه الأضرار:
الأضرار الصحية
تمتد آثار التلوث الناتج عن المخلفات البلاستيكية إلى صحة الإنسان. تشير الدراسات إلى وجود ارتباط بين بعض المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة البلاستيك وارتفاع مخاطر الإصابة بمشاكل صحية متنوعة. تُعتبر مادة بيسفنيول A (BPA) من أبرز هذه المواد، ويُعثر عليها في العبوات البلاستيكية التي تحمل رموز إعادة التدوير 3 و7، وقد أظهرت الأبحاث زيادة في احتمال ارتفاع ضغط الدم وتأثيرات سلبية على الدماغ.
أما الفثالات (Phthalates) فهي مواد تستخدم لزيادة مرونة البلاستيك، وتظهر في تغليف المنتجات مثل الألعاب والعناصر الأخرى. تشير بعض الدراسات إلى عدم وجود آثار مؤكدة لها على صحة الإنسان، في حين أظهرت دراسات أخرى وجود صلة بين هذه المواد وزيادة ضغط الدم والسمنة لدى الأطفال. لذلك، يُنصح باستبدال العديد من المنتجات البلاستيكية غير الضارة بأخرى آمنة.
الأضرار الاقتصادية
تؤدي المخلفات البلاستيكية، وخاصة في المسطحات المائية، إلى آثار سلبية كبيرة على النشاط الاقتصادي، مما ينجم عنه خسائر فادحة في العائدات من العديد من القطاعات. من الآثار الاقتصادية للتلوث الناتج عن المخلفات البلاستيكية:
- السياحة:
تعتبر المخلفات البلاستيكية أمرًا غير مرغوب فيه بالنسبة للزوّار الشواطئ، مما يتسبب بخسائر في الإيرادات السياحية، وفي بعض الحالات، يتم إغلاق الشواطئ بسبب تراكم المخلفات. تتطلب عمليات تنظيف الشواطئ وقتاً طويلًا وتكاليف مرتفعة.
- صيد الأسماك:
يعاني قطاع الصيد من آثار اقتصادية كبيرة نتيجة المخلفات البلاستيكية. تتأثر المصائد عندما تعلق الأسماك والمحار في الشبكات أو المعدات المفقودة. هذا يؤدي إلى خسارة فورية في المخزون البحري ويؤثر سلبًا على استدامة المخزون على المدى الطويل.
- الملاحة:
تشكل المخلفات البلاستيكية خطرًا على الملاحة البحرية؛ حيث تتسبب في تعطيل مراوح القوارب مما يؤدي إلى تكبد خسائر مالية كبيرة، إذ تحتاج عمليات الإصلاح إلى وقت طويل وتكاليف مرتفعة.
للمزيد من المعلومات حول كيفية حماية البيئة، يمكنك الاطلاع على مقال حول وسائل المحافظة على البيئة ومقال بحث حول أهمية الحفاظ على البيئة.
لماذا حظيت آثار البلاستيك باهتمام واسع؟
يُعرف البلاستيك بصفاته المتنوعة من حيث الاستخدامات والصلابة. ومع تقدم الزمن، أصبح التلوث البلاستيكي مصطلحًا يُشير إلى تراكم المواد البلاستيكية في البيئة مما يضر بحياة الكائنات الحية. منذ اختراع مادة الباكيليت (Bakelite) عام 1907، حدثت ثورة في صناعة البلاستيك التي أسهمت في التجارة العالمية.
مع نهاية القرن العشرين، لوحظ أن البلاستيك يعد ملوثًا دائمًا في مختلف الأنظمة البيئية من قمم الجبال إلى قيعان المحيطات. لذا، زاد الاهتمام بتأثيرات البلاستيك حيث يُعتبر ملوثاً واسع النطاق.