شهر رمضان
- يقول محمد بن علي السنوسي:
رمضان بضيائه ينور النفوس،
ويدفع عن ظلامها أسرار الظلام.
أطلق بأضواء الهداية،
وانشر القدسية حول الصفاء.
واغمر مشاعرنا بتقوى،
فهي وانتماؤنا إلى الود.
رمضان، أمل النفوس العطشى للسلام،
يا شهر الخيرات، يا نهر العذوبة.
تسبح الأرواح في محبتك،
كالحمام في جو السماء.
كأنها تضيء ناصعة بالتقوى،
مصفاة من التعب والصيام.
آياتك تشفي الأسقام،
وتطفئ لهيب الأوهام.
رمضان، اعتذر لي، فلست أمامك أو خلفك،
نمنا والأحلام تلاحقنا،
فما يلقاه النائمون،
فالطريق طويل والزحام يشدنا.
وما زال الطموح يجرّنا،
لكن فقدنا السيطرة.
اتبعتنا الأهواء وضحكت،
وانهزمت همم النفوس.
لا انطلاق ولا اقتحام،
فحالك قلق وعبء.
رمضان، كم تمنع من فم،
أمسك عن الطعام والشراب.
لكن الحقيقة في الصيام،
ليس مجرد عن الطعام.
كيف لو كان صياماً عن الأعراض،
سادساً يجتث الأحقاد.
أتمنى لو أن الصيام كان عن النمائم،
وعن الكذب والزور.
وكذلك لو أن القيام كان في سبل الاستقامة.
رمضان، نداء مخلص للمسلمين وللسلام،
ترتفع بها صلاة ودعاء،
تتقدس من رحمة الرحمن.
أسألك الله سبحانه وتعالى،
أن يلهم القلوب الهدى،
في كل عزم وتنفيذ.
استقبال هلال رمضان
- يقول أحمد سالم باعط:
غداً يشرق البهجة والفرح،
وتحتفي القلوب بالشراب والطعام.
غداً ينبلج هلال الصيام،
في موكب ناصر يجلب الطمأنينة.
أشواق القلوب تتوق إليه،
فالحب يهبه ذكريات حلوة.
غداً ستؤذن المناير بالفرحة،
تتجلى الآيات والبشارات.
وقفت أترقب قدومه،
ضيفاً جليلاً ينير الدروب.
تدور الذكريات حول شمائله،
حتى نهفو إلى سمعها.
رأيته العام الماضي في مساجدنا،
يضيء كالشمس والقمر.
يمنح مكارمه حكاية،
يسمعها البر والبحر.
وعندما ودعني،
احترقت شجاعتي بالخوف.
تضاربت مشاعري بين الضلوع،
فقد أظهرت لي صفعات الذنب.
ليس لي سوى الاعتذار يا رمضان،
إذ جئت من آثار أفعالي.
صفحاتي خالية من المحبة،
وطرزي تآكل بفعل الكبرياء.
يا رمضان، مددنا لك الأيادي،
بينما رمتنا الأحداث فوق أحداث.
تاهت قلوبنا عن الحق،
حين سعت وراء الطغيان.
لكني لمست بكلماتٍ تسلق السمع،
وتدفق من ثغر القلوب الآيات.
لم يثنيه عطفه، بل قال محتسبًا،
يا رب، ارحمهم، فهم بشر.
إذا مر نصف رمضان
- يقول أبو نواس:
إذا مر نصف رمضان،
تجدد العزف وانتشر الصوت.
وطرب الناي وتهدلت الدفوف،
واختلفت الصحف بين الزناة.
كان وعد يومٍ لا خلائق فيه،
حتى اجتمعوا واصطفوا.
فكشفوا واحتضنوا وكتفوا،
فبعضهم أرضٌ وبعضهم سقفٌ!
رمضان ماضٍ لكن الباقي موجود
- فاطمة محمد القرني:
“نصف الشهر ضاع” في زحمة الأسواق،
وغداؤنا كان لدعوة، ولكنها بلا قوة.
كلينا مشغول وساكت.
كتل تسحبنا، وخطاها متعثرة.
حركة غير هادئة، تتوهج اهتمامًا.
وعند الغروب، نلهث كأنما فقدنا الطريق.
قيامنا بالليل،
من حين لآخر يتردد.
يا موسم الخير،
أوجه زمرتنا، بحروق الفقر.
“زمن الغوية” صيرك طقوسًا،
يا فرصة للغفران والعتق.
أهلاً رمضان
- يقول جمال بخيت:
قرآن كريم وعظيم،
وآياته تصفني،
ومريم تحكي لي.
النخل يهز جذوعه،
قبل أن ألمسه.
فالمهد كلمة المسيح،
من يعوقها؟
وكل مسلم يؤمن بها،
يدرسها بعقله.
ويجد المهد والقيامة،
وآيات من المحبة والسلام.
للناس.. ترتاح بها.
بيت لحم تعرف الطريق،
من يدنسها؟
والكعبة صديقة،
ترجم أبلستها.
ومصر أمنيتها،
تحرسني وأحرصها.
أجمل أذان للصلاة،
يحتضن كنايسها.
في المهد كلمة المسيح،
جبريل ينقلها لمحمد.
قرآني جليل المعاني،
بعهد الله تحفظ الأمان،
ولله العباد، قسمني،
ووهبني الإنجيل،
ومريم تحكي لي.
رمضان يزعم الغواة أنه مبارك
- يقول ابن الرومي:
رمضان يُزعم أنه مبارك،
وحقيقته طويلة.
شهر لا يقل في الخير،
فالمبارك لا يُقارن بكثير.
الأيام فيه تمتد بجهدها،
وكل يوم يذكرنا بالماضي.
لو يعرف القاطعون مقدار المسافة،
لظنوا أن الشبر ميلاً.
مضى رمضان أو كأني به مضى
- يقول ابن الجنان:
مضى رمضان وكأني أشعر بمغادرته،
وغاب ضياؤه بعد أن كان حاضراً.
فيا عهده، كم كان عزيزاً،
ويا عصره، صعب أن أنساه.
كم كان قادماً كالطيف في الصيف،
أكدت فيه الأوقات تألقها.
ألاه، ما قد تولى عن الغربة،
هل يعود لنا بالسخط أم بالرضا؟
قضيت الحق بجهدي،
فأي إنسان لديه الحق بالأولى؟
كم من يد بيضاء أسدت للإيمان،
فرقت الصفحات جيلاً طاهراً.
وكم من حسن زاده هنا،
عبر محاياه بالإحسان.
فلله من شهر كريم،
تعرضت مكارمه لمن كان أعرض.
ففي المواقف بين الشجون،
أرسل غطاءك وتحيا الذكرى.
وإن قضيت الوقفة قبل وداعها،
فقد قُضيت قبل ليلة القدر.
فكم هي جميلة تلك الليلة،
وحضرها الهاشميون بنعمة.