فهم مفهوم اليأس من رحمة الله
يشير اليأس من رحمة الله إلى شعور الفرد بأن رحمة الله لن تبلغ إليه مطلقًا، مما يعد من مظاهر الشك في قدرة الله -تعالى-، ويعتبر هذا اليأس الذي يخلو من أي أمل ببلوغ رحمة الله نوعًا من الكفر. وإن كان اليأس مجرد ناتج عن الخوف من رحمة الله مع سوء الظن به، فإن ذلك يُصنف كشرك أصغر.
أسباب اليأس من رحمة الله
تتعدد الأسباب والدوافع التي تؤدي إلى اليأس من رحمة الله، ومنها:
- عدم معرفة العبد بصفات الله -تعالى-: حيث يجهل العبد قدرة الله على منح الرحمة، وينسى تنزيهه عن النقائص والحاجة، ويغفل عن كونه عالمًا باحتياجات مخلوقاته.
- الإفراط في الخوف من الله: يعتبر الخوف المدروس والدافع للامتناع عن المعاصي خوفًا محمودًا، بينما إذا تجاوز الخوف حدوده أصبح مذمومًا وقد يؤدي إلى اليأس من رحمة الله.
- الاختلاط باليائسين والقانطين: قد يؤدي التفاعل مع الأشخاص اليائسين إلى اكتساب نفس الخصائص، مما قد يُعاقب به العبد من قبل الله بسبب تصرفاته.
- الاعتماد المفرط على الأسباب: إذا اعتقد الفرد أن النعمة جاءت نتيجة جهوده الخاصة ونسى حق الشكر، فقد يظن أنه لن تتكرر هذه النعمة، مما يعزز مشاعر اليأس.
- الغلو في الدين ورفض الرخص الشرعية: يفضل الله -عز وجل- أن يُستفاد من الرخص المقدمة للمسلمين في أوقات الضعف بدلاً من الاستسلام لليأس.
- فقدان الصبر والرغبة في النتائج الفورية: تميل النفس إلى الاستعجال في النتائج، وعندما تواجه الصعوبات، تنتظر الفرج، وإذا لم تحقق ما ترغب فيه، تُصاب باليأس.
- الانغماس في الدنيا والارتباط المفرط بها: يتعلق قلب الإنسان بمباهج الدنيا، مما يؤدي إلى الحزن على ما فقده من مال أو جاه أو سلطان.
- تدهور الهمة وقلة الإرادة في السعي نحو التغيير: تتراكم الذنوب والأخطاء دون متابعة الإصلاح، مما يُعمق الشعور باليأس من رحمة الله.
- التركيز على جوانب التخويف في الدعوة إلى الإسلام.
معالجة اليأس من رحمة الله
يمكن التغلب على اليأس عبر مجموعة من الوسائل، منها:
- الوعي بأن اليأس من الصفات المذمومة في الإسلام: حيث لم يُذكر اليأس في نص من النصوص بإيجابية، كما قال الله -تعالى-: (إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّـهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ).
- الاعتدال في النقد: يجب أن تكون النظرة نحو الآخرين متوازنة، بعيدة عن التطرف في الإعجاب أو الذم، حيث أن النقد المبالغ فيه يؤثر سلبًا على رحمة الله.
- التأمل في السنن الكونية: الله -تعالى- هو الخالق المدبر للكون، وهو اللطيف بعباده، وقد أرسل الرسل وأنزل الكتب لهدايتهم.
- التفكير في النصوص التي تبشر بنصرة الإسلام: كما قال -تعالى-: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، فالنصر مؤكد للمؤمنين، والتفكير في ذلك قد يساعد على تجاوز اليأس.
- التأكيد على أن مع العسر يسراً: كل عسر يحمل في طياته يسراً، ولا يشتد عليهم إلا ليغفر لهم بلطف الله.
- ما قد تكرهون قد يحمل الخير: ما يواجه المسلم من صعوبات قد يبدو ظاهريًا مؤذيًا، لكن في حقيقته قد يكون فيه الخير بفضل حكمة الله.