الإيمان القوي بالله
من زهديات أبي العتاهية:
آمَنتُ بِاللَّهِ وَأَيقَنتُ
وَاللَّهُ حَسبي حَيثُما كُنتُ
كَم مِن أَخٍ قد خَانَ وُدُّهُ
وَلا تَبَدَّلتُ وَلا خُنتُ
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى صُنعِهِ
إِنّي إِذا عَزَّ أَخي هُنتُ
ما أَعجَبَ الدُنيا وَتَصريفَها
كَم لَوَّنَتني فَتَلَوَّنتُ
لِلبَينِ يَومٌ أَنا رَهنٌ بِهِ
لَو قَد دَنا يَومي لَقَد بِنتُ
ما أَنا إِلّا خائِضٌ في مُنىً
قَبَّحتُها طَوراً وَحَسَّنتُ
يا عَجَباً مِنّي وَما اِختَرتُ مِن
شَكّي عَلى ما قَد تَيَقَّنتُ
يا رَبَّ أَمرٍ زَلَّ عَنّي إِذا
ما قُلتُ إِنّي قَد تَمَكَّنتُ
وَ الدَهرُ لا تَفنى أَعاجيبُهُ
إِن أَنا لِلدَهرِ تَفَطَّنتُ
التأمل في وحدتك مع الزمن
من زهديات أبي نواس:
إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ
خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
ولاَ تَحسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ ساعة
وَلا أنَّ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب
لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَتْ
ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ
فَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى،
ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوبُ
إذَا ما مضَى القَرْنُ الذّي كُنتَ فيهمِ
وخُلّفْتَ في قَرْنٍ فَأنْت غَريبُ
وإنَّ أَمرأً قَدْ سارَ خمسِينَ حِجَّةٍ
إلى مَنْهِلِ مِنْ وردِهِ لقَرِيبُ
نَسِيبُكَ مَنْ ناجاكَ بِالوُدِّ قَلبُهُ
وَلَيسَ لمَنْ تَحتَ التّرابِ نَسيبُ
فأحْسِنْ جَزاءً ما اجْتَهَدتَ فإنّما
بقرضِكَ تُجْزَى والقُرُوضُ ضُروبُ
المشاعر عند الفراق
من قصائد ابن طفيل في الزهد:
يا باكياً فرقة الأحباب عن شحط
هلا بكيت فراق الروح للبدن
نور تردد في طين إلى أجل
فانحاز علواً وخلى الطين للكفن
يا شد ما افترقا من بعد ما اعتلقا
أظنها هدنة كانت على دخن
إن لم يكن في رضى الله اجتماعهما
فيا لها صفقة تمت على غبن
توبة غير حقيقية
من قصائد أبي العتاهية في الزهد:
تتوب عن الذنوب إذا مرضتا
وترجع للذنوب إذا بريتا
إذا ما الضر مسّك أنت باكٍ
وأخبث ما يكون إذا قويتا
فكم من كربةٍ نجّاك منها
وكم كشف البلاء إذا بليتا
وكم غطّاك في ذنبٍ وعنه
مدى الأيام جهراً قد نُهيتا
أما تخشى وأن تأتي المنايا
وأنت على الخطايا قد دُهيتا
وتنسى فضل ربٍ جاد فضلاً
عليك ولا ارعويت ولا خشيتا
الانشغال بالدنيا
من زهد أبي نواس:
لاَ تَفْرُغُ النَّفْسُ مِنْ شُغْلٍ بِدُنْيَاهَا
رَأَيْتُهَا لَمْ يَنَلْهَا مَنْ تَمَنَّاهَا
إِنَّا لَنَنْفسُ فِي دُنْيَا مُوَلِّيَةٍ
وَنَحْنُ قَدْ نَكْتَفِي مِنْهَا بِأَدْنَاهَا
حَذَّرْتُكَ الْكِبْرَ لاَ يَلْعَقْكَ مَيْسَمُهُ
فَإِنَّهُ مَلْبَسٌ نَازَعْتَهُ اللهَ
يَا بُؤْسَ جَلْدٍ عَلَى عَظْمٍ مُخَرَّقَةٍ
فِيهِ الخُروقُ إِذَا كَلَّمْتَهُ تَاهَ
يَرَى عَلَيْكَ بِهِ فَضْلًا يُبِينُ بِهِ
إِنْ نَالَ فِي الْعَاجِلِ السُّلْطَانَ وَالْجَاهَ
مُثْنٍ عَلَى نَفْسِهِ، رَاضٍ بِسِيرَتِهَا
كَذَبْتَ يَا خَادِمَ الدُّنْيَا وَمَولاَهَا
إِنِّي لأَمْقُتُ نَفْسِي عِنْدَ نَخْوَتِهَا
فَكَيْفَ آمنُ مَقْتَ اللهِ إِيَّاهَا
أَنْتَ اللَّئِيمُ الَّذِي لَمْ تَعْدُ هِمَّتُهُ
إِيثَارَ دُنْيا إِذَا نَادَتْهُ لَبَّاهَا
يَا رَاكِبَ الذَّنْبِ قَدْ شَابَتْ مَفَارِقُهُ
أَمَا تَخَافُ مِنَ الأَيَّامِ عُقْبَاهَا
العلم أساس الحكمة
من زهديات بكر بن حمّاد:
تبارك من ساس الأمور بعلمه
وذلّ له أهل السّموات والأرض
ومن قسم الأرزاق بين عباده
وفضّل بعض الناس فيها على بعض
فمن ظنّ أنّ الحرص فيها يزيده
فقولوا له يزداد في الطّول والعرض!
احفظوا دينكم
من قصائد أبي العتاهية في الزهد:
لاحَ شيبُ الرأسِ منِّي فاتَّضحْ
بَعدَ لَهْوٍ وشَبابٍ ومَرَحْ
فَلَهَوْنَا وفَرِحْنَا، ثمّ لَمْ
يَدَعِ المَوْتُ لذي اللّبّ فَرَحْ
يا بَنِي آدَمَ صُونُوا دينَكُمْ
يَنْبَغي للدّينِ أنْ لا يُطّرَحْ
واحْمَدُوا اللهَ الذّي أكرَمَكُمْ
بنذيرٍ قامَ فيكُمْ فنصَحْ
بخطيبٍ فتحَ اللهُ بهِ
كُلَّ خيرٍ نلتُمُوهُ وشرَح
ابن من لو يُوزَن الناس به
في التقى والبر طاشوا ورجح
فنذير الخير أولى بالعلى
ونذير الخير أولى بالمدح
أين أهل الديار من قوم نوح
من قصائد عدي بن زيد في الزهد:
أَينَ أَهلُ الدِيارِ مَن قَومِ نوحٍ
ثُمَّ عادٍ مِن بَعدِهِم وَثَمودُ
بَينَما هُم عَلى الأَسِرَّةِ وَالأَنما
ط أَفضَت إِلى التُرابِ الجُلودُ
وَالأَطِبّاءُ بَعدَهُم لَحِقوهُم
ضَلَّ عَنهُم سَعوطُهُم وَاللَدودُ
وَصَحيحٌ أَضحى يَعودُ مَريضاً
وَهوَ أَدنى لِلمَوتِ مِمَّن يَعودُ
ثُمَّ لَم يَنقَضِ الحَديثُ وَلَكِن
بَعدَ ذا كُلِّهِ وَذاكَ الوَعيدُ