أسباب غزوة أحد
تمثل السبب الأساسي وراء غزوة أحد في التأثير العميق الذي تركته غزوة بدر السابقة في نفوس المشركين، الذين تكبدوا خسارة أمام المسلمين. ولذا، قرر المشركون التوجه لقتال المسلمين لأسباب متعددة، منها:
- الرغبة في الثأر والانتقام.
- استعادة مكانتهم المرموقة بين القبائل العربية.
- تأمين مسارات تجارتهم إلى الشام.
أطراف المعركة
جرت غزوة أحد بين المسلمين والمشركين، حيث قامت قريش بتجميع ثلاثة آلاف مقاتل تحت قيادة سفيان بن حرب متجهين نحو المدينة المنورة. بعدما وصل الخبر إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بشأن نية المشركين، دعا أصحابهم لاستشارتهم حول سبل مواجهة التهديد.
ثم خرج النبي برفقة المسلمين إلى جبل أحد الواقع خارج المدينة. بلغ عددهم قرابة الألف مقاتل، ولكن عبد الله بن أبي بن سلول، زعيم المنافقين، انسحب مع ثلاثمئة مقاتل، مما أدى إلى تقليص عدد المسلمين إلى سبعمئة مقاتل.
مكان وزمان وقوع الغزوة
وقعت غزوة أحد في السابع من شوال في السنة الثالثة للهجرة. وقد استشار النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه في كيفية مواجهة المشركين. في البداية، رغب في القتال داخل المدينة لتفادي التعرض لتفوقهم. ومع ذلك، كان لدى بعض المقاتلين مثل حمزة بن عبد المطلب وجهة نظر في الخروج من المدينة، ونظرًا لضغوطهم، قرر النبي النزول عند رغبتهم. وعندما خالفوا رغبته في الواقع قرروا تجهيز أنفسهم لملاقاة المشركين في أحد، فاتخذوا لها مواقع قرب جبل أحد، بحيث كانت ظهورهم وعسكرهم موجهين نحوه والمدينة في مرمى نظرهم.
بداية غزوة أحد
التحضير للغزوة
استعد النبي -عليه الصلاة والسلام- للقتال، حيث وضع خمسين رامياً فوق جبل الرُّماة على الجانب الغربي لتأمين ظهور المسلمين أمام هجمات المشركين. وأوصاهم قائلاً: (لا تبرحوا حتى أذن لكم، سواء انتصرنا أو هزمنا).
ورسم النبي ثلاث رايات:
- لواء مع أسيد بن حضير.
- لواء للمهاجرين تحت قيادة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، بينما رأى البعض أنه كان لمصعب بن عمير.
- لواء للخزرج وكان للحباب بن المنذر -رضي الله عنه- أو سعد بن عبادة.
في حين بدأت قريش في الاستعداد لمواجهة المسلمين بقيادة أبي سفيان بن حرب، حيث كان قد أسند قيادة الميمنة لخالد بن الوليد، والميسرة لعكرمة بن أبي جهل، بينما تولى صفوان بن أمية إدارة المشاة وعبد الله بن أبي ربيعة المسؤولية عن الرماة.
محاولة سفيان لزعزعة عزيمة المسلمين
أدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الجمعة، ثم حث المسلمين على الصمود وأخبرهم بأن النصر سيكون من نصيبهم إن اجتهدوا. بعد صلاة العصر، اجتمع الجميع استعدادًا للمعركة، لكنها شهدت محاولة من قريش لإثارة الخلاف بين صفوف المسلمين، حيث أرسل سفيان بن حرب رسالة للأنصار يقترح فيها أن يتركوا له والمسلمين المجال، غير أنهم لم يتفاعلوا مع ذلك، فبدت ثقتهم تتأصل في قلوبهم.
استمرت قريش في محاولاتها لتفكيك صفوف المسلمين، فأرسلوا الراهب الفاسق عبد عمرو بن صيفي لتحريضهم على النبي -عليه الصلاة والسلام- ورفض تواجههم، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل حيث غلبت إيمان المسلمين وثباتهم.
التقاء الجيشين
عندما تصادمت القوات، بدأت المعركة بشراسة، وتبددت صفوف المشركين، حيث انتقلوا للوراء مع النساء. وقد ارتفع صوت كبش الكتيبة طلحة بن أبي طلحة العبدري، الذي كان يحمل لواء المشركين،مشهوراً بقوته وشجاعته، غير أن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- أجهز عليه.
استمر المشركون في محاولاتهم، حيث حمل عثمان بن أبي طلحة المصير ذاته، وقام حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- بقتله، مما أدى إلى استمرار هذا الوضع حتى سقوط عشرة من بيت أبي طلحة. ونتيجة لذلك، فقدت راية المشركين ولم تُرفع مرة أخرى، بينما تقدم أبو دجانة -رضي الله عنه- ليحقق انتصارات متوالية، حتى واجه حنظلة -رضي الله عنه- قائدهم سفيان بن حرب، لكن حنظلة لقي حتفه على يد أحد المشركين.
انحدار الرماة عن جبل الرماة دون إذن النبي
عندما احتدمت المعركة وهُزم المشركون، اعتقد الرماة أن النصر تحقق وعليه نزلوا عن الجبل ليجمعوا الغنائم، لكن قائدهم عبد الله بن جبير أوضح لهم أهمية البقاء في مواقعهم. ومع ذلك، خالف الرماة هذه الوصية وبدأوا بالنزول، مما أسفر عن بقاءه مع مجموعة صغيرة في أعلى الجبل.
حصار المسلمين من جميع الاتجاهات
استغل خالد بن الوليد هذا الانسحاب عن جبل الرماة، فهاجم المسلمين من الخلف وقامت بعض النسوة بقيادة الهجوم، مما تسبب في تراجع المسلمين وتعجلهم، حتى سقط منهم سبعون صحابياً، من ضمنهم عم الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير -رضي الله عنهما.
إشاعة وفاة النبي
مع تعمق القتال وتزعزع صفوف المسلمين، قُتل مصعب بن العمير، الذي كان يشبه النبي، مما جعل قاتله يعتقد أنه قَتل النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، فصاح بهذا الأمر مما تسبب في إحداث بلبلة في صفوف المسلمين. ومع ذلك، فقد صمد النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنهك خلال المعركة، إذ تعرض لإصابات وكسر في الرباعية اليمنى تزامنًا مع تساقط الدم من وجهه الكريم.
دفاع الصحابة عن النبي
حرص الصحابة، الذين توافدوا للدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى مع شاع خبر وفاته، وكانت قائمة الدفاع تضم:
- أبو بكر الصديق.
- علي بن أبي طالب.
- أبو دجانة.
- سعد بن أبي وقاص.
- طلحة بن عبيد الله.
- أم عمارة بنت كعب.
نتائج غزوة أحد
تجسد أبرز نتائج غزوة أحد فيما يلي:
- استشهاد سبعين صحابياً ودفنهم في أحد.
- انتشار النفاق بين أوساط المنافقين في المدينة عقب ما حدث للنبي -عليه الصلاة والسلام-.
- انطلق المسلمون إلى حمراء الأسد من أجل استرجاع الهيبة.
موقف الرسول بعد انتهاء المعركة
عقب انتهاء المعركة، توالى المسلمون خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- داعين الله عز وجل، حيث قال النبي: (اللهم لك الحمد الكامل، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضلت، ولا مضل لما هديت، ولا معطى لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مُقرَّب لما بعدت، ولا مباعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من فضلك، ورحمتك، وبركتك ورزقك).
شهداء غزوة أحد
كما تم ذكره سابقًا، من النتائج المترتبة على غزوة أحد استشهاد سبعين صحابياً، منهم:
- حمزة بن عبد المطلب عم النبي -عليه السلام-.
- مصعب بن العمير، حامل لواء المسلمين وشبيه النبي.
- عبد الله بن جحش.
- أنس بن النضر.
- سعد بن الربيع.
- عبد الله بن عمرو بن حرام.
- حنظلة بن أبي عامر.
- عبد الله بن جبير.