أحاديث الرسول حول تحذير الظُّلم
تتعدد الأحاديث النبوية الشريفة التي تتناول موضوع الظُّلم وتبرز حرمته، مشددةً على أهمية تجنب هذه الفعلة. تتنوع هذه الأحاديث ما بين النصوص التي تذكر الظلم بشكل صريح، وتلك التي تشير إلى أمثله وصور مختلفة له. ومن بين هذه الأحاديث:
- حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يرويه عن الله عز وجل: (يا عبادي إنّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تظَّالموا… يا عبادي إنَّما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثمّ أوفّيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه). في هذا الحديث القدسي، يظهر تحذير الله من الظلم وأهمية العدل بين العباد، مما يدل على عظمة حرمته ووسائل غفرانه.
في هذا السياق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقوا الظلمَ، فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ يوم القيامة، واحذروا الشحَّ فإنه أهلك من كان قبلكم). إذ يبرز الحديث ضرورة تجنب الظلم، ويشبهه بالظلمات التي تحيط بالظالم يوم القيامة.
- وفي رواية عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن الرسول قال: (اتَّقوا دعوةَ المظلومِ، وإن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجابٌ). يبين هذا الحديث أهمية دعوة المظلوم، وكيف أنها تصل إلى الله بلا حواجز، مما يشير إلى سرعة استجابتها.
- كما أكد النبي -عليه الصلاة والسلام- على ضرورة نصرة إخواننا المسلمين فقال: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال أحد الصحابة: يا رسول الله، أفرأيتَ إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه، أو تمنعه من الظلم فإنّ ذلك نصره).
أحاديث الرسول في بعض صور الظُّلم
وردت في بعض الأحاديث النبوية الشريفة إشارات إلى صور محددة من الظلم، دون ذكر لفظ “الظلم” بشكلٍ مباشر، ولكنها تنضوي تحت مفهوم الظلم بشكلٍ واضح. ومنها:
- قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (قال اللهُ: ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة: رجلٌ أعطى بي ثم غدرَ، ورجلٌ باع حرًّا فأكل ثمنَه، ورجلٌ استأجرَ أجيرًا فاستوفى منهُ ولم يُعطِه أجرَه). يوضح هذا الحديث كيف يُعاقب الظالمين في الآخرة على خيانتهم واستغلالهم للآخرين.
- وروى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (هل تدرون ما المفلِسُ؟… إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا… فيُعطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته… ثمَّ طُرِح في النَّارِ). يعكس الحديث هنا العواقب الوخيمة للظلم، وكيف يتم محاسبة الظالم حتى على صلاته وعباداته.
أنواع الظُّلم
تنقسم أنواع الظلم بشكل عام إلى ثلاثة فئات حسب تقييم بعض الفلاسفة:
- ظلم بين الإنسان والله تعالى، والذي يتمثل بالكفر أو الشرك أو النفاق، كما ورد في قوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
- ظلم بين الإنسان وذوي الحقوق، حيث يتجاوز على حقوق الغير.
- ظلم الإنسان لنفسه، كما في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
ومن الملاحظ أن النواعين الأولين من الظلم يدخلان ضمن النوع الثالث، حيث إن هم الإنسان بالظلم وارتكابه يعد ظلمًا لنفسه، وعواقبه تعود بالضرر على نفسه الظالمة.