قراءة في ملامح وجهك
استشعرتُ في ملامح وجهك رسالةً
آذَنَتني بالغدر والتنبيه.
والله، لا أستطيع نسيان ما ذكرته لي من ذكريات الطفولة،
بل ما ذكرت الله في لهفتي-
عندما التقينا، وكان وجهك عابساً في تلك اللحظة،
كتجهم المدين الذي يطالب بدينه.
وكيف لي أن أنسى تلك اللحظات اليقظة،
فتلك الذاكرة لا تفارقني.
أقبلتُ من بعيد، فأفسدت عليّ شعوري،
وكأنك رأيت شيطانًا يتجلى.
لقد قابلتني لدقائق،
وزادني همًا وثقلًا.
كأنك نسيتَ شبابي، وكأنك استوعبتني
كالذي كان.
أو كتمساح هائل يكتم بحر الصين في لمحة،
أو كما لم ينجح عيسى وموسى في شيء.
يا صاحب الوجه الجميل، لماذا أعيبتني؟
فاجمع إلى حسن وجهك إحساناً.
أنت متغير، دائم التردد،
تتبدل في كل لحظة.
تقطع الوصل وتتحول إلى من
يترك وصالك في محبة.
حتى إذا واصلتني، عدت إلى الأنانية،
وصرت تضع لي الحواجز والفراق.
وفي الوقت الذي تكون فيه الحياة صعبة،
تظهر لي علامات من الرخاء.
تُقدّم الوعود، لكن تحققها
ضعيف، إذا تحققنا منها.
حتى إذا أنجزتها مرةً،
أحببت سوى ذلك السر الذي تخفيه وتعلنه.
ولست ممن يحب الخيانات
كما لا يُحبُّ المنّ والعطاء.
نبهتني أنك أصبحت غريبًا عن الناس،
فنفسي تُعاني من عدم التآلف.
لقد أذللتني بشكل كبير، مما زادني قوة،
فكثيرٌ من الناس يرتفعون بعد الإذلال.
فالحب حقيقة فارسل قلبك مع ما الهوى صعب
الحب حق، فلا تنسى قلبك، فإن الهوى ليس بالأمر السهل.
فمن اختاره مُتعَبُ به، وعقله في حيرة.
عش وحدك، فالحب سُقمي وصراعه.
وبدايته معاناة، ونهايته موت.
لكنني أرى في الموت رغبةً
في حياة من أحب، ولديّ واجبٌ نحوه.
لقد نصحتك بما أدركته عن الحب،
فاختر لنفسك ما يلائمك.
إذا أردت أن تعيش بسعادة، فإن مت به،
وإلا، فالعاطفة لها قومٌ.
من لم يمت في حُبه لم يعش حبّه،
فاجمع ما جمعته من النحل فلا تحصد.
تمسك بحبك، واترك الحياء بعيدًا،
وأترك العاشقين، مهما كانوا جزيلين.
ولا تترك المرتبطين، وفادة الحب لها هموم.
حتى إذا جاء الوصل قُدّمت له إعراضًا.
تُضحك الزمن، الحب مرّ وصعب،
وإنسانه صقيع وعلاقتكم.
تُقدم الأمل وتتمنى،
ولكن إنجاز وعودك صعب.
لتنبهني من تجارب العشاق،
فلا قول بلا فعل، ولا أمل بعيد عنك.
ذكرياتك تجلب الحزن والفرح
وهذا الواقع يعيقني ليكن لي الفرصة.
كنت أرى بينكم ترابطًا،
فلما اكتشفت، لم أعد موجودًا.
أنا في قلبي وعقلي، أراك ماثلًا،
وسأظل أحمل الذكرى.
أحبتي، أنتم جواهر الزمن،
فكونوا كما أنتم، فأنا كما لديكم تخصيصًا.
إذا كان حظي هو الهجر،
فذاك الهجر في عيوني وصلة.
وليس الصد إلا التعب، ما لم يكن قلة،
وأصعب شيء شعوري تجاهكم يصبح سهل.
تجد هذا الوجع لي مسكنٌ لطيف،
وبما يرضيكم يعدل الأمر.
إنما حبي يطول بينكم،
فأرى زفراتي وتنهداتي،
أخذتم قلبي، فماذا يجري،
إذا كان لديك كل شيء؟
ابتعدتم، فإني لم أرَ سواي،
سوى زفرةٍ من آلام الحب.
فحبي حيٌ في جفوني خالق،
ونومي بينكم مُحْدِقٌ ودموعي تغسلني.
نظام الحب يجري في دمي،
فأصبح قلبي مشغولًا بالجميع.
فاجعلني منافسًا في البذل والحب،
فإذا أُعطيتني، فلن أكون بخيلًا.
وماتر الهدايا تزيدني حبًّا،
وإذا كنت أخر، لن أقل.
أتوجه لعشاق الحب بسمات،
فاشتهاء القرب والإبعاد أمر صعب.
بل دعاني لأي شيء غيرها،
فما الحب إلا زاوية شديدة.
في حبي، ضيعت سعادتي بالفراق،
بضلال وقلبي بلا هدايا.
فأقول لرشدي: ابتعد، دعني وحدي،
فأنا انشغلت بمشاعري.
وسأواصل خلاصي حتى أجد السعادة،
فسيكون هذا وكأنني أستعيد الخسارة.
مع الأمل، سأحقق النجاح وأختار الحياة،
وأنا على شرف الهوى، سأبقى.
ما أخلصت بيننا من عهود، فهي باقية،
وإن غفلت أو ملت، سيظل القلب مرتبطًا.
ترى عيني، كيف ستنظر إليّ،
ليرى ما أحببتهم، وسأكون عائدًا.
ما برحت معاني أحبتي،
فإن لم نذهب، سيظل على شكل صورة.
هم نصبَ عيني، واضحون حيثما ساروا،
وهم في قلبي غائبون مخلّدون.
أريد الصبر لهم، مهما غفوا،
لكنني أريد أن أكون في حضنكم إن كنتم بعيدين.
إذا لم تزوريني، فقد أتى الطيف زوراً
إذا لم تأتي، فقد زارني الطيف،
وقد كنت مستغرقًا في الأمان.
قال: لقد بَعُد المسير، فقلت لها:
من يعاني الشوق لا يمكن أن يغيب.
قالت: كذبتُ على طيفي، فقلتُ لها:
إذن سأعاديك، يا من تسعى.
لن أبتعد إلى ما كان بعيدًا،
ولا أحظر إليك شيئًا من فؤادي.
ولا أبدي شغفًا إليك،
إذ أغلق عينيك بأسفار الدموع.
قالت: تحلف يمينًا لا كفيل لها،
ألا تخشى عذاب الله والنار؟
ما الحياة إلا دار فناء
لَعَمْرُكَ، فالحياة بدار فناء؛
يكفيك ما في الموت من خوف.
فلا تعشق الزخارف، حبيبي، فالسعادة
تُعبّر عن مشاق.
حلاوتها مشبّعةٌ بالمرارة،
ونعيمها مزدوج بشقاء.
لا تسير ورائع ولكنك من تراب،
فمن أكثرك بحب الزهر لن ينضج.
قليل من تجدهم في الشكر يحمدونه،
وقليل من يرضى بقدرهم.
ولله نعمة رائقة عطاء،
إذ تجعله رضى وزين۔
لا يمر يوم بدون اختلاف،
ولا كل أيام الشاب سواء.
إذا لم يكن سوى أوقات شقاء،
وفيه سعادة وفقر وخير.