آخر سورة نزلت في القرآن الكريم

آخر سورة نزلت من القرآن الكريم

آخر سورة نزلت من القرآن الكريم
آخر سورة نزلت من القرآن الكريم

من الجدير بالذكر أنه لا يوجد نص صريح يدل على آخر السور نزولا في القرآن الكريم. وقد استند الصحابة إلى ما سمعوه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مما أدى إلى اختلاف الآراء حول تحديد آخر سورة. وفيما يلي توضيح لهذا الاختلاف:

  • روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبيد الله بن عبد الله، أنه قال: (قال لي ابن عباس: تعلم، وقال هارون: تدري، ما هي آخر سورة نزلت من القرآن؟ قلت: نعم، إذا جاء نصر الله والفتح، قال: صدقت). وهذا ما يرافقه تأكيد ابن عباس وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- بأن سورة النصر نبأت بقرب أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
  • أفاد البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن آخر سورة نزلت هي سورة التوبة، حيث نقل البخاري عنه قوله: (وآخر سورة نزلت براءة).
  • وذكر جبير بن نفير أن سورة المائدة هي آخر ما نزل من السور، بينما أشارت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- إلى ذلك بقولها: (يا جبير، هل تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم، فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه).

أسباب الاختلاف حول آخر ما نزل من القرآن الكريم

أسباب الاختلاف حول آخر ما نزل من القرآن الكريم
أسباب الاختلاف حول آخر ما نزل من القرآن الكريم

إن اختلاف العلماء في تحديد آخر ما نزل من القرآن الكريم يعود إلى عدة عوامل، منها: الإشارة إلى آخر ما سمعه النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته، أو آخر ما تلته الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- كذلك. كما أن الاختلاف ناشئ عن الاجتهاد والترجيح؛ حيث لم يتوفر أثر يحدد آخر ما نزل وهو مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. ويعود أحد أسباب هذا الاختلاف إلى تداخل الأمور بعلاقة بتدوين القرآن، إذ قد يُظن أن ما دُوِّن آخراً هو آخر ما نزل. كما أن عدم الوصول إلى نص صريح يُستدل به ساهم في هذا الاختلاف، حيث يتطلب معرفة آخر ما نزل دلائل واضحة. وتجلت مصادر الخلاف في تنوع النصوص المنقولة، مع عدم الاتفاق على رأي واحد، مما جعل الاجتهاد في النقل أمرًا ضروريًا.

آخر آية نزلت من القرآن الكريم

آخر آية نزلت من القرآن الكريم
آخر آية نزلت من القرآن الكريم

تعددت الآراء في تحديد آخر الآيات التي نزلت على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد ذكرت آية الكلالة* الواردة في سورة النساء، حيث نقل الإمام البخاري عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه قال: (آخر آية نزلت: {يستفتونك قل: الله يفتيم في الكلالة} وآخر سورة نزلت براءة). كما ورد عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أن آخر آية كانت آية الربا من سورة البقرة، في قوله -تعالى-: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين)؛ وقد أخرج البخاري عنه قوله: (آخر آية نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- هي آية الربا). وتواترت أقوال من صحابة آخرين مثل: عمر بن الخطاب وأبي سعيد الخدري، حيث ورد أن آخر آية كانت: (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون). وأشار أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- إلى أن آخر الآيات كانت من سورة التوبة، في قوله -تعالى-: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عانتُم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم*فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)، كما روي عنه أيضًا قوله في حديث غريب: (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأني بعدها آيتين: لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى: وهو رب العرش العظيم. قال: هذا آخر ما أنزل من القرآن).

كما ذهب سعيد بن المسيب وابن شهاب إلى القول بأن آخر ما نزل من القرآن هو آية الدين من سورة البقرة بقوله -تعالى-: (يا أيها الذين آمنوا إذا تدائنتُم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه… واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم)، وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن أم سلمة أن آخر آية نزلت قوله -تعالى-: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى…); حيث قالت: (يا رسول الله، لا نسمع الله ذَكَر النِّساءَ في الهجرة بشيء؟ فأنزل الله…)، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآية هي آخر آية نزلت في شأن النساء، كما أخرج البخاري في صحيحه أيضًا عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (نزلت هذه الآية: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم} هي آخر ما نزل، وما نسخها شيء)، إلا أن هذه الآية لا تُعتبر آخر ما نزل بشكل كامل، بل آخر ما نزل في حكمٍ محدد، وهو القتل العمد.

ومن الجدير بالذكر أن هناك اعتقادًا خاطئًا شائعًا بين البعض، يشير إلى أن قول الله -سبحانه-: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) هو آخر آية نزلت من القرآن الكريم. بعض العامة والخاصة اعتقدوا أن إكمال الدين يتزامن مع انتهاء نزول القرآن، وهذا غير صحيح، ولم يقله أحد من العلماء الثقات؛ إذ نزلت الآية المذكورة: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله …) بعدها بشهرين، وقبل وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بتسع ليالٍ؛ وهو ما أشير إليه من قبل ابن أبي حاتم -رحمه الله-. أما تفسير إكمال الدين في هذه الآية فيعني إظهاره وإقراره، بحيث أتم المسلمون شعائر حجهم بشرف فتح مكة، بحيث فُتح لهم الحج دون مشاركة أي مشرك، وهو ما أوضحه ابن جرير الطبري -رحمه الله-. وقد أفاد عدد من العلماء، من بينهم السدي وغيره، بأنه يُفهم من الآية إكمال الفرائض والأحكام، إذ لم ينزل بعدها شيء من التحليل والتحريم باستثناء آيات تكرّس ما سبق بيانه من الأحكام. كل ذلك يُظهر عدم صحة القول بأن آيات إكمال الدين في سورة المائدة هي آخر ما نزل من القرآن، وقد اجمع علماء القراءات القرآنية على ذلك.

* الكلالة: تعني الميت الذي ليس له ولد ولا والد، وتتعلق بأحكام الميراث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *