أحبك
- قصيدة من الشعر الغزلي للشاعر نزار قباني:
أحبك حتى يأتي موعد انطفائي
بعينين كأنهما أفق السماء
إلى أن أغيب عن الوجود رويدًا رويدًا
كما يتلاشى الخشب الكستنائي
إلى أن أشعر بأنك جزء مني
وجزء من أفكاري ودمائي
أحبك في غيبوبة لا أفيق منها
أنا عطشٌ يتعذر ارتواؤه
أنا اختناقٌ داخل طيات قميص
دلتني نسماته على كبريائي
أنا عفو عينيك، نحن واحد
ربيع الربيع ومنبع العطاء
أحبك، لا تطرحي أي سؤال
إذ جُرحت من أشعاري وأحلامي
إذا أحببت نفسي، سأحبك
نحن أغانٍ ورجع للأغاني
جارة الوادي
- استعار أحمد شوقي في هذه القصيدة أسلوب الغزل:
يا جارة الوادي، طربتُ عندما عادتني
ذكرى تشبه الأحلام من حديثكِ
يحدثني هواكِ في الذاكرة وفي الأحلام
والذكريات تحكي عنا عبر السنين
مرت بي في شموخها رياض جميلة
كنتُ أتوق للقائكِ عندها
ذكرتني بشوق الصبابة ولهفات الهوى
عندما تلاقيتِ، قبلتُ خطواتكِ
لم أعلم ما طعم العناق عند الحب
حتى رقت ساعتي وقضيتُ بين يديكِ
منحني الأنوثة ليالي أحضانكِ
واحمرّ خدّيكِ من خجل اللحظات
ودخلتُ في ظلامين: فرعك والدجى
ولمستُ شفتك كالصباح المنير
ووجدتُ في باطني نشوةً عظيمةً
من أنفاسك، ومن تلك السلافة التي فيكِ
تسير إليكِ الأنظُر في الملبس من حرير
أو في العاج من أية طرق أتتكِ
ضمّت ذراعيها الطبيعة بنعومة
وأحاطتنا هالة من الأحضان
برد نسيم الحجاز في السحر
- قال عنترة بن شداد في قصيدته بمحبوبته عبلة:
برد نسيم الحجاز في السحر
إذا أتى برائحته العطرة
أحلى لدي مما تحصده يداي
من اللآلئ والمال والبدور
وملك كسرى لا أحتاج إليه إذا
غاب وجه الحبيب عن نظري
أسقي الخيام التي نصبت في
منازل الأنس بعد هطول المطر
منازل يتلألأ فيها البدر
مبراقعات وسط ظلمة الشعر
بيض وسمر تحمي مضاربها
كالأسود في غابات البيض والسمر
أخذت فؤادي فتاة جميلة
مكحلة المقلتين بحور
تريك من ثغرها عند الابتسامة
كأس مدام قد زينت بالدرر
أعارته الظبية سحر عينيها
وبات ليث الشراء يقظًا وحذرًا
حودة رداح هيكاف فاتنة
تخجل بجمالها بهجة القمر
يا عبلة نار الغرام في كبدي
ترمي فؤادي بسهم من شرار
يا عبلة، لولا الخيال الذي يراودني
لأمضيت ليلي في النوح والسهر
يا عبلة، كم من فتنة ابتليتُ بها
وخضت معها بمهنّدٍ يرفرف
والخيول سود الوجوه كالكآبة
تخوض بحر الهلاك والخطر
أوَدافع الأحداث فيكِ لكن
لا أستطيع دفع القضاء والقدر
القصيدة المتوحشة
- قصائد نزار قباني في التغزل بمحبوبته:
أحبيني دون شروط
ودعيني أغوص في خطوط يديكِ
أحبيني لأيام أو لساعات
فأنا لا ألتزم بالأبدية
أنا تشرين، شهر الرياح
والأمطار والبرد
أنا تشرين فاختنقي
كالصاعقة على جسدي
أحبيني
بكل توحشٍ وقوة
بكل حرارة الأدغال
وكل شراسة المطر
ولا تبقي ولا تدرسي
ولا تتصنعي أبدًا
فقد سقطت على شفتيك
كل الحضارة
أحبيني
كزلزال، كموت غير مأمول
وخلّي نهدك الملتهب
يتعرض لي كذئب جائع
وينهشني كما تضرب الأمطار
ساحل الجزر
أنا رجل بلا قدر
فكوني قدري
ابقيني على نهديكِ
كما النقش في الحجر
أحبيني ولا تتسألي عن كيفية
ولا تحملي الخجل
ولا تتساقطي خوفًا
أحبيني دون شكوى
فما يشكو الغمد حين يستقبل السيف
وكوني البحر والميناء
كوني الكيان والمنفى
كوني الصحو والعاصفة
كوني الرقة والعنفوان
أحبيني بآلاف الطرق
ولا تتكرري كما يتكرر الصيف
إني أكره الصيف
أحبيني وعبّري عنها
لأرفض محبتك بصمت
وأرفض أن أحجر حبي
في قبر من الصمت
أحبيني بعيدًا عن بلاد القهر
بعيدًا عن مدينتنا المشبعة بالموت
بعيدًا عن تعصبها
بعيدًا عن جمودها
أحبيني بعيدًا عن مدينتنا
التي منذ زمن لم يصل إليها الحب
إليها الله لم يأتِ
أحبيني دون خوف على قدمك
سيدتي من الماء
فلن تتعمد امرأة
وجسدك فوق الماء
وشعرك يتدفق كالجدول
فنهدك كالبطة البيضاء
لا تعيش بلا ماء
أحبيني بطهري أو بأخطائي
بصحوي أو بأسفني
وغطيني
يا سقفًا مفعمًا بالزهور
يا غابات من حناء
تعرّي
واسقطي مطرًا
على عطشي وصحرائي
وذوبي في فمي كالشمع
وانعجني بأجزائي
تعرّي وامنحي شفتيك نصفين
يا موسى بسيناء
جفون العذارى من خلال البراقع
- تغزل عنترة بن شداد بمحبوبته عبلة قائلاً:
جفون العذارى من خلال البراقع
أحدّ من البيض الرقيق القواطع
إذا جردت، ذل الشجاع وصرعت
مآقيه بفيض المدامع
سقى الله عمي من يد الموت جرعة
وشلت يداه بعد قطع الأصابع
كما قاد مثلي بالمحال إلى الردى
وعلق آمالي بذيل المطامع
لقد ودعتني عبلة يوم بيننا
وداعًا يقتضي أنني غير راجع
وناحت وقالت: كيف تصبح بعدنا
إذا غبت عنا في القفار الشاسعة
وبحقك، لم أحاول في هذا الزمان لذّة
ولا غيرتني عن هواك مطامعي
فكن واثقًا مني بحسن تواصلنا
وعش ناعمًا في غبطة غير جازع
فقلت لها: يا عبلة إني مسافر
ولو عارضت دوني حدود القواطع
خلقنا لهذا الحب من قبل يومنا
فما يدخل التنفيد في مسامعي
أيا عَلَمَ السعدي، هل أنا راجع؟
وأرى في قطرَيك زهر الأراجع
وتبصر عيني الربوات وحاجر
وسكان ذاك الجزع بين المراعي
وتجمعنا أرض الشربهة واللوى
ونرتع في أكناف تلك المراتع
فيا نسيمات البان بالله، اخبري
عبيلة عن رحلي بأي المواقع
ويا برق بَلّغها الغداة تحيتي
وحَيّ دِيـاري في الحمى ومضاجعي
أيا صادحات الأيك، إن متّ فاندبي
على تربيتي بين الطيور السواح
وناحي على من مات ظلمًا ولم ينل
سوى البعد عن أحبته والفجائع
ويا خيل، فابكي فارسًا كان يلتقي
صدور المنايا في غبار المعامع
فأمسى بعيدًا في غرام وذلة
وقيد ثقل من قيود التوابع
ولست باكٍ إن أتتني منيتي
ولكنني أهيف فتجري مدامعي
وليس بفخر وصف بشري وشدتي
وقد شاع ذكري في جميع المجامع
بحق الهوى لا تعذلوني وأقصرو
عن اللوم إن اللوم ليس بنافع
وكيف أطيق الصبر عن من أحبّه
وقد أضرمت نار الهوى في أضالعي