أشعار الشاعر حامد زيد وأسلوبه الأدبي

الذهب

الذهب
الذهب

لقد عايشت الكثير من الأصدقاء والأحبّة

وكان هناك الكثير من اللحظات التي خذلوني

فمع كثرة من اعتقدت أنهم ستر ونجاة

لم أجد من يساندني عندما احتجتهم

منذ أن أصبح الولاء مرتبطًا بمصلحة رخيصة

نسيت تلك الوجوه التي نصحتني وابتعدوا عني

بدون التطرق إلى اختلافات أو أنساب

كنت أحسبهم ثلاثة، لكنهم تخلوا عني

علمتهم كيف تحقق الأهداف، لكنهم خذلوني

وسرعان ما استغلوا قوتهم لضدي

لأنني أصغرهم سناً، أصبحوا أعداءً لي

ومنذ أن أثبت نجاحي، أظهروا أنيابهم

حتى النصيحة لم يرغبوا في تقديمها لي

فالعطايا عندهم أصبحت شروطًا وأعباءً

لو طلبت منهم العفو، لما أعطوني شيئًا

طالبًا النصيحة، كأني تاجر يبحث عن غفلة

هل كانت نصيحة؟ وماذا لو زوّجوني؟

كنت سأكتب لنفسي مشاريع وعتاباً

ولا أدري إذا ما قرؤوني فقد تناقضوا عقلي معهم

كأنهم يتنازعون، فغالبًا ما كانوا في صراع داخلي

يريد الكثيرون غيري، ويأتون لي بأقل ما يشاءون

مثلما أعطيتهم جفني، وأنا أرقبهم في عيوني

إن رأوني، فلا أرى إلا أسرابهم تتلاشى

من مكان ما نظروا إلي، لأجدهم يشيدون بوجودي

مما يحرق أعصابي من غيابهم

وحتى زعلهم من بعضهم إذا طرقت عليهم

هل تعلو نظرتي، وأنا لا أزال شابًا؟

ورغم ذلك، هجمتني أقلام الشعر

حتى إن سقط شهاب على نجمي بظلمهم

يكفيني أن اسمي بات كبيرًا بعيون الناس

كما قال والدي: إذا انطلقت، فلا تخشى شيئًا

لو كانوا يستطيعون تقديري، لقاموا بتقديري

طالما قبري يحتضن شرف مرقابي

على كثرة ما تستطيعون، فدفنوني

لو لم أكن ذئبًا، لما نهشتني الكلاب

لو لم أعلم كيف أُثبت وجودي، لغدوني غائبًا

لو لم أستطع محو أثرهم، لأدرجوني

أصبحت الأمور أصعب لأنهم صاروا أعداءً

جننتهم كما فعلوا بي

ولم أتيت لهم أقدّم أقوالاً وبيانات

حتى أبدلوا أكبادهم هم الذين جاءوا بي

يا ويل وجهي، كانت دموعي تملأ عيني

لم تجف، ولا استحوا من طعني

كلما كان هناك منظر مريب، كنت أرتاب

كان الوحيد الذي حرّك شجوني

قبلة صلاة، ذكر، خشوع، وكتاب

وأمي على سجادة النور بجانبي

تدعو الله أن يفتح لي الأبواب

تتوسل له بتقوى ليكون عوني

من كثرة ما خفقت بأدعيتها، تذوب

حسناً، بدأت تشعر أن زملائي كرهوني

بشرّتها بأن لدي أصدقاء وأحباب

لست وحدي، فهناك من يريدني

منذ أن أنجزت قلمي للألقاب

توجهت لهم في دفاتري واحتفظت بهم

الله أنعم علي بهم كأقارب وأصدقاء

منذ جئت، وجذبتهم إليّ كما أعجبتهم

وإعجابهم بي ليس مجرد إدعاء

بطريقتي، بشروحي، بطرحي، بلوني

لو تحدثت عن نفسي بأنني بشر، أكون كاذبًا

لو قلت: دمي من ذهب، صدقوني

لو كانت الأمور حسبما يشاؤون، لزرعوا لي الأعشاب

لو بيدهم يتشبهون، لأشبوهني

من كثرة ما أصبحوا من طباعي وعاداتي

حتى بلبسة شموخهم قلدوني

كثيرون دعوني وأغلقوا الأبواب في وجهي

وكثيرون أولئك الذين أبكي لهم، لن يحتملوني

إذا قامت الدنيا على هدمهم، مع كل المظاهر

وكانت محبةكم من زمان تتمنى زوالاً

طالما ألصقوا في عيبي وعيباني

ابتعدت عنهم كما ابتعدوا عني

فلو كان في بخوتي شيء يستحق محاسبة

قدمت على نفسي قبل أن يأخذوا لي

نذرًا عليّ لقطع يدي لو فعلت بيدي

ليس عيبًا أن أكون مدعوًا ولا أرى ترحابًا

العيب لو أرجعتهم أسبحتني بدعوتي

طالما أقدم ولا يعتبرون لي حسابًا

حرمت على نفسي الذهاب إن أرادوني

غدر الخناجر

غدر الخناجر
غدر الخناجر

عفا الله عن خطايا غدر الخناجر والقلوب

سأسامحك وأتركك تحت ظلام حالك وحيدًا

توسل إليك أن توفر دموعك، فإن هدر الدموع ذل

لا يوجد أحد يصبر على ما أصبر عليه في غربتك

أعيب عليّ أن أنقض عهدي، فالرجل أفعاله

وإذا قلت سأقطع أحبالك، فإني ساف قطع أحبالك

لأكسب صفاء عينيك، تجرعت الألم

مظاهر وأنت ورحم الله حالك، لأشعر بحالك

فما فعلته في حياتي لا يذكر ولا يقال

فحتى العدو، وهو عدو، لا يعمل أعمالك

تمست لي في همومك واستقبلتي على الغربال

أنت تأخذني ولم تترك لي دلالك

تحملت معاناتي لأجلك، وكان حملي كالأجبال

ذهبت من العذاب ولم أقف إلا بجالك

لماذا عندما أتيت إليك متواضعًا، استقببتني باختيال؟

معك، إلى متى سأصبر، وصبري بحالك عزيز؟

كما أقبلت لنظراتك، لازم أن تؤدير لى بوفاء

وكما قد حشمتك، أطلق قلبك لأشواك

لا يوجد أحد بجانبي لأضطر لمسايرتك بهذا الشكل

فأنا لا أبيع لك ولا أنا أصغر مطالعك

جئت لأحبك بفؤاد ومشاعر، ولست تمثالًا

أريد أن أسكنك وأعيش بك وأبقى لك

أريد رضائك من رحلتي وألجأ لك

لم تهمني بالعقائد، كنت أعزك مربط الشرف

لم أكن أحبك حيًا، بل كنت أحبك هكذا

تخيّل من كم أخاف أن تجد الزعل مدخلًا

أخاف أن أخطي على طيفك وأدوس خطواتك

تبعناك، والعرب يتبعون رعود البارق

ورأيت المطر يتبعك في سَفرك وإقامتك

كأن الذي خلق حسنك خلقني مع جسدك

أريد قلبك يشعر بأنه فقد رجلاً بمحبته

سيطرتني من بنات عينيك، وخسرت رضاك بإهمالك

صحيح أن الفراق قاسٍ، ولكن الوصال محال

صعب علي أن أرضي غرورك وأضعف قبالك

بعد ما حققت عيني ما تريد، أبعدك للأحلام

هل أعود للسهر؟ – يا خوي لا فالله، ولا فالك

سأغير نظرتك فيني وأجيك كل يوم بحال

أكون أقرب من ثيابك ولا تتخيّل

سأجمعك وأنتثرك وأعود لأنثرك واهتمامك

لو خنتك وزعلتك ورضيتك وأزعل منك

سأرسم بثرى وجهك وأدفن صورتك بالتراب

أريد أن أشكو للعرب فراقك وأضحك على عذالك

أمتعك وصلاً، وأهديك الفراق وصلاً

سأفعل كما أراك، وسأفعل ما تفعله

لكي تعلم من فينا المعنى ومن هو ذو بال

أريدك أن تتذوق فنجاني كما أذوق فناجك

نصيحة واحتفظ بها، قصر معك الزمن أو طال

أريدك أن تسمع كلامي جيدًا وأن تضعه في بالك

إذا كان حبك زائغًا، فلك عندي حب شغف

لا! وأبشر بعد بحب زائغ ليس مزيفًا

وإذا كنت تعني بوضعي إهانة، لتشمت العدالة

فليس أنت وليس غيرك أو حتى عشرة من أشكالك

الأم

الأم
الأم

قصيدتي تضيف لجمالها في عيوني

وأنا أنقي معانيها بنقاء أسلوبها

وأكتب معانيها من الشوق والمحبة

لأمي، وأنا أصغر شاعر بين أبنائها

كتبتها في غربتي يوم غادرتني

حينما طرالي السفر لم أدر كم قدرتها

أمي، وأنا أوصف لها مدى حبي لها

وإن لم أحدثها عن شعري، فهي بلا شك تعرفني

لأمي مكانة في القلب والجوف

مكانة لا يضاهيها محبوب آخر

أقرب من ظلالي حتى وسط غربتي

وأنا بالقرب منها أكثر من ظلالها

لم أرى عيوني غيرها من الناس

ولا خلق ربي سواها مثلها

أغلى من الناس جميعًا، وأكرم من زرع الغيم

أسعى لنيل رضاها وأتمنى قربها

وما طلبته من حياتي هو وصالها

الصدق مرساها، والأشواق بحرها

عاطفة وإحساس الحب هما رأس مالها

أهيم بها وأبتسم عندما يسأل القلب

وسأكون دائمًا في خدمتها لأحمل تعبها

كما أنني أتحمل مشاق الدنيا والأحزان

وأعمد على عاتقي جبال همومها

وأتعذب لأريح قلبها عند الشقاء

وأعيش أتعذب فقط ليستريح بالها

تربية أبي على الطيب، ذكرى يشتاق لها

الذي منحني الحياة ومجالاتها

نور لي دروبي وأنا طفل صغير

حتى تركني أحد رجالها

الوالدين أولى بالإحسان من الجميع

وأولى بتكريم النفوس وعدلها

وأقولها وأنا على الله متكل

والله عليم بقدرتي واحتمالي

يا كلمة أغلى من الناس جميعًا

يا شمس في قلبي بعيد زوالها

يا فرحة تملأ لي الكون بأسره

يا شجرة تكبر وتنمو بظلالها

تضحك لي الدنيا عندما أرى عودها

مثل السما الذي يضيء بطلته

فلا شك أن البعد عنها كالحافة لا تقدر

ناري تتزايد بالشوق إليها

ولا أعيش في بلاد أبعاد، ولا أرض غيرها

ولا في عيوني، لو لم تكن في وجهها

الأرض التي تدوسها أمي برمالها

أموت فيها وأدفن في رمالها

أول الغيث

أول الغيث
أول الغيث

بسم الله، وأكبر وأول الغيث فرسان

جادت غيومه وانبنى السّور من طين

كما الثرى ينبت مباني وجدرانًا

وكما السماء تمطر شيوخًا وسلاطين

نوُدِع سكابه الله على قصر دسمان

وأمطرت يا غيث الضّعاف والمساكين

يا شيخ جابر، يا سلايل كحيلان

أنشهد أن ما فعلته قليل جداً

أقولها كلمة ولا أن أندم

فإذا عدت إلى الرجال الأقوام

سافرت بلدان وتجاوزت بلدان

وعلى مدى عيني شعرت بكرم الرجال

على كثرتها، لم أجد مثل الشيخ جابر

الله جمع طيبة هذه الأرض في إنسان

قرم، فطره الله على العقل والدين

سلطان، وكأنه ليس لأي سلطان

واحد، وهو يساوي في نظرنا ملايين

يا شيخ طيبك يرهق العقول والأذهان

نظرة طموحك تتعب العقل والعين

مدّة يدينك طالت الإنس والجن

وأعمالك الخيرية شابت الشياطين

من يخطئ بمقام أسياد العرب فإنّه مخطئ

أنت الوحيد الذي قلبت الأقدار

والله إن مدحت طيبة غيرك لا ينصف

فزعتك، وأين كان حيث فزع ربيعهم؟

الفرق واضح والرجال شتّان

والناس بدأت تعرف الجيد والسيء

ولو كان عند حكام العرب مكانك إيمان

ما كانت فلسطين ضاعت من بين أيدينا

يا درعنا الذي لم يتزعزع ولم يهن

يا سيف عدل سله على مرّ السنين

يأبو مبارك، والله أنك كحيلان

وأنشهد أن ما فعلته قليل للغاية

مرّت علي الطيبات في أشكال وألوان

قابلت حكام وملوك وسلاطين

على كثرة ما رأيت من شجاعة الحكام

لكنني لم أجد مثل الشيخ جابر حتى الآن.

فراق الأكابر

فراق الأكابر
فراق الأكابر

الله يعين العقل ويثبّت الدين

في حيّز حزن لا ينتهي ولا يمر

في صدورنا يشبه طعون السكاكين

وفي عيوننا كأنها أكفان ومقابر

حنّا نحزن لشيوخ لا يُنسون

كيف لا نحزن على الشيخ جابر

يا أغلى ما دمع على شانه العين

يا أعزّ من ناحت عليه المنابر

يا متعب بعطفك شموخ السلاطين

ومثبّت بزهدك سمو المخابر

يا من خلقه الله وطنًا للمساكين

يا أصدق قصيدة سيلتها المحابر

رحلت وتركت محبتك دينٌ عندنا

علمتنا معنى فراق الأكابر

يا سيدي، من أين نجد مثل طيبتك؟

وأنت الذي تكبر وغيرك يكابر

إن غاب جابرنا، كيف يأتي جابر من أين؟

إحنا ملاهيفك كما تعلم

حنّا يبكينا فراق البعيدين

فكيف لا نُبكي على موت جابر؟

الجريمة

الجريمة
الجريمة

يوم ثارت في جنون من جنون الجاهلية

عاتبتني حتى اشتعلت شراييني من لهبها

واستفزتني، وفزت وزعلت مني كثيرًا

وضاق صدري من حديثك حينما زعلت

من بعد ذلك، لم يبق لي شيء في محانيها

أسدلت دمعة من محاجري للبكاء

وربّي، لم أخطط أبداً أن أبدأ معها بالخطيئة

لكنها هي من تعدّت حدودها في لحظة غضب

وربّي، كنت أقارع العتاب بحسن نية

لكنني كنت بالفعل الوحيد الذي أعجبها

ربما كنت قاسيًا في عتابي معها قليلاً

فهي كانت دائمًا تتمنى راحتي وتحب تعبها

جرحني بكلامها، وكبرت قضيتي

وخسرت في كل عرق من شراييني كسبها

ولا كان فيها للإفراط تقدير عدها

فالجفاء كانت تعافه، لكن لا أدري عما قلبها

أتمنى لو لم أذهب لأقياس قيمتي عند بدوية

رجعت لكي كل عرق من حبها، ولما نالتها

وأخبرتني كيف بالجفاء انتصرت وأبقيت ضحية

وعلمتني كيف لو غلبني القلب، فلا غلبتها

وعلمتني، عندما صدت، عنفوان الجود

كيف لا تظهر للمقفي لو انتزع شيء منها

راجب بين القبايل والعرب وأهل الحمية

عاقلة لا تنثر إلا نخلة تعرف ثمرةها

إن عادت ذكرتني في خفوق العامرية

وإن تمادت، تحصن بإبليس الرجيم ولا بدل

جفنها لا يترك السامرية

تسحبه برضاه، إن عيونه سهت، سحبها

ولت تكون من الحروف الأبجدية بديلاً

إحذري، فإن كلمتها تعطي مكانًا لأحرف الكلمة

والحروف، حينما تتخطى، تخرج من شفتَيها

كأنها قصيدة، لكن ربي لم يكتبها

وماذا يمكنني أن أضع، وما الذي أستطيع وصفه؟

لا يوجد في حسنها عيب إلا أنها تحجبها

شعرها فيه الخوي الذي تبرأ من خويه

والشفاه التي لو اشتمت الماء، اختلطت ذوبها

كأن في ضمة شفاهها جمرتين مشتعلة

كل من حس بدفئها ستحترق عند قربها

شاهدتها كالجريمة وابتليت بها

غلطة جئت لأتحاشى ظلمها، لكن ارتكبتها

كل شيء رأيته فيها يحمل نبرة الجاذبية

موهبة من فضل ربي، وأشهد أن الله وهبها

كلها لله، بل بنتٌ فتانة هذه آدمية

أعجبتني من البداية، من رأسها لكعبها

لو تفاعلت معي، شعوري بالهدية سيساهاي الهدية

لم تفي لي ولو تبيع ثيابها وأغلى ذهبها

هملتني والقلوب بجرهدية جرهدية

وأحرقتني، والمحبة تنمو في نارها

ولا أقول كنت أكابر، وليالي السงين

قد تكون أيها الخائفة، أدري أنك من دون حاجة

لاحظ مكاني، وأنت تعلم أين هي أمتك

اذهب لها، وإن وجدت فيها قلبًا يأمل في مجيئي

تحقق لها فيما يتعلق بأسرتها، وإن كان قد تم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *