مقتطفات من رباعيات جلال الدين الرومي
قال جلال الدين الرومي:
هذا الصباح، قمت بقطف بعض الورود من البستان.
كان يخالجني شعور بالخوف من أن يلاحظني البستاني،
لكنني سمعته يُخاطبني برفق شديد:
“ما الورود؟ سأهديك البستان كله”.
هذا يوم الضباب والمطر،
لذا يجب أن يجتمع الأصدقاء،
فالصديق هو مصدر سعادة لصاحبه،
كالزهور التي تنبت في فصل الربيع.
قلت: “لا ينبغي عليك أن تجلس حزينًا بجوار المعشوق،
فلا تصاحب سوى ذوي القلوب الرقيقة والودودة،
وعند دخولك البستان، لا تتوجه نحو الأشواك،
بل اجلس بالقرب من الورود، وأزهار الياسمين والنسرين”.
الرومي والعشق الإلهي
قد أنزل الله على محمد: “يا نبي،
لا تقرب إلا العشاق، وابتعد عن غيرهم”.
مهما أضاءت شعلتك في هذا العالم،
فإن النار تنطفئ بمصاحبة الرماد.
يتمتع المؤمنون والعادلون بالحياة الأبدية،
فإن الروح النقية تستقبل الموت،
وهو ليس عقابًا أو ظلمًا، بل تجلٍّ،
فقد كانت الروح تعاني قبل الموت، هذه آلامها.
عند وفاتي،
احملوني لي،
وسلّموا جسدي إلى معشوقي.
إذا قبّل شفتي الجافتين،
وأعاد إلي الحياة، فلا تتعجبوا!
لا رفيق سوى العشق
لا حب يُضاهى حبًا بلا حبيب،
ولا عمل صالح يعدل عملًا بلا هدف،
إذا كان بوسعك أن تتخلص من السوء والتمسك به،
فتلك هي الخدعة الماكرة!
أنا الواحد الذي أكون،
يصبح مئة مني،
يقولون إنني أُدور حولك،
لكن ذلك هراء، إنني أُدور حول نفسي.
يطير طائر سماوي نحو الجهة الأخرى من العالم،
في اتجاه اللا اتجاه.
من بيضة السيمورغ وُلِد.
إلى أين يطير؟ أخبرني إن لم يكن نحو السيمورغ.
لا رفيق سوى العشق،
طريق بلا بداية أو نهاية،
ينادي الرفيق هناك:
ما الذي يُهملك حين تكون الحياة مُحاطة بالمخاطر؟
قصيدة: قلبك من سيقودك
قلبك هو الذي سيقودك نحو عشق قلبك،
وروحك هي التي ستحملك إلى عشق روحك،
لا تتخلَ عن ذيل ثوب حزنك،
فهذا الألم سيقودك إلى الدواء.
أنت وحيد إذا كنت مع العالم بدوني،
فإن لم ترافق أحدًا وكنت برفقتي، فأنت مع العالم.
لا تتعلق بالعالم، بل كن أنت العالم.
تُصبح عبدًا إذا ارتبطت به للحظة،
وإذا أذعنت للشهوة والرغبة،
فستكون شقيًا بائسًا.
تنازل عن كل ذلك لترى بوضوح،
لماذا جئت، وإلى أين تذهب.
قصيدة: أولئك الذين احترقوا بنار الخريف
أولئك الذين احترقوا بنار الخريف،
تجنبوا نعمة الربيع،
والآن نخيط الثياب الجديدة،
نتعلم الدلال والدهاء،
يا من يسكن قلبي، حان الوقت لأن تجعل منه منزلاً،
يا من يكسر عهد التوبة، حان الوقت لتحطيم العهد.
قد اكتست هذه الخمرة الأرجوانية بمثل هذا اللون،
وحان الوقت لتتبدل من يد إلى يد كزهرة،
ويضرب يداً بيد عندما يراني ثملاً،
يقول: “لقد نسي التوبة وأصبح ثملاً”.
توبتنا تشبه نفخ الزجاج:
يصعب صنعها، لكنها سهلة الكسر.
في حبك، يتضح بطلان كل حيلة،
لقد أراق الهجر دم قلبي: لقد ضاع.
لهذا الألم القادم منك، لا أريد أي دواء،
فمن يقدر على مداواته؟ ألمي لا يُعد شيئًا.
هذه اللحظة التي أدور فيها حولك،
هي لي النديم والخمر والكأس والدور،
في هذه اللحظة التي يتجلى فيها جمالك،
تكون روحي في ذهول، كموضح موسى بن عمران.
حكم وأقوال جلال الدين الرومي
- استمع إلى صوت الناي كيف يعبر عن آلام الحنين، يقول: “مذ قُطعت من الغاب وأنا أحنُ إلى أصلي”.
- صورتك تسكن في عيني، واسمك لا يفارق شفتي، وذكراك في أعماق روحي، فلمن سأكتب إذن، وأنت تتمشى في كل هذه الأماكن؟ انكسر القلم وتمزق الورق.
- الوداع يقع فقط لمن يعشق بعينيه، أما من يحب بروحه وقلبه فلا يوجد انفصال أبدا.