عتاب العاذلين حول قلبي الضائع للمتنبي
عتاب العاذلين يدور حول قلبي الضائع
وهوى الأحباء يتمثل في حالتي السوداء
يشتكي الملام إلى اللائمين شدة عذابه
وينفر عندما يلومونه في آلامه
وبمهجتي، أيها العاذل، الملك الذي
أسخطت أعتابك في سبيل إرضائه
إن كان قد امتلك القلوب، فإنّه
استحوذ على الزمن في أرضه وسمائه
الشمس من أحساده والنصر من
أصدقائه والسيف من أسمائه
أين الثلاثة من ثلاث صفاته
من حسنٍ وإباءٍ ومضاءٍ
مرت الدهور ولم نأتي بمثله
ولقد أتى فعجزنا عن نضرائه
أصبح التباعد بديلاً عن تقاربنا لابن زيدون
أصبح التباعد بديلاً عن تقاربنا
وناب عن جمال لقاءنا الفراق
ألا وقد حان صبح الفراق، أفقنا
حين قام بنا لوقت الفراق ناعينَا
من يبلغ المبتعدة أخبارنا، بفراقهم
حزنًا، مع الدهر لا يبلى ويُبينا
أن الزمن الذي كان يضحكنا
أنسًا بالقرب منهم قد عاد يُبكينا
غَيْظُ الإعداء من تساقينا الهوى فدعا
بأن نغصّ، فقال الزمن آمينَا
فانحلّ ما كان معقودًا بأنفسنا
وانفصل ما كان موصولًا بأيدينا
وقد نكون، وما يخشى تفرقنا
فاليوم نحن، وما يُرجى لتلاقينا
يا ليت شعري، ولم نعتب أعداءكم
هل نال حظًا من العتبي أعادينا؟
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم
رأيًا، ولم نتقلد غيره دينًا
ما حقنا أن تفرحوا بعين الحسود
بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا
كنا نرى اليأس يسلي عوارضنا
وقد يئسنا فما لليأس يُغرينَا
بِنتُم وبنا، فما ابتلت جوانحنا
شوقًا إليكم، ولا جفت مآقينا
نقضي حين تُناجيكم ضمائرنا
حيث يتملّك الأسى لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا، فصارت
سوداء، وكانت بكم بيضاء ليالينا
إذ جانب العيش طلق من تألفنا
ومربّع اللهو صافٍ من تصافينا
وإذا هجرنا فنون الوصل دانية
قطافها، فجنينا منه ما شينا
ليُسق عطركم عهد السرور، فما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينَا
لا تظنوا أن البعد يُغيّرنا
أن طالما غيّر البعد المحبينَا!
والله ما طلبت اهواؤنا بديلاً
منكم، ولا انصرفت عنكم أمانينا
يا ساري البرق غادر القصر واغسِل به
من كان صرف الهوى والود يسقينا
واسأل هناك: هل عنّا تذكّرنا
إلفًا، تذكّره أمسَى يعنّينا؟
ويا نسيم الصبا بلّغ تحيّتنا
من لو على البعد حيّا كان يحيينا
أندلسية لأحمد شوقي
يا نائح الطلح، أشباه عوادينا
نشجى لواديك أم نأسى لوادينا ؟
ماذا تقص علينا سوى أن يدا
قصت جناحك جالت في حواشينا
رمى بنا البين أيكٍ غير سامرنا
أخا الغريب: وظلوا غير نادينا
كلٌّ رمتْه النوى: ريش الفراق لنا
سهمًا، وسلّ عليك البينُ سكينة
إذا دعا الشوق لم نبرح بمنصدع
من الجناحين، عي لا يلبّينا
فإن يك الجنس، يا ابن الطلح، فرقنا
إن المصائب تجمع المصابينَ
لم تأل ماءك تحنانًا ولا ظلمًا
ولا ذكرى، ولا شجًا أفانينا
تجر من فنن ساقًا إلى فنن
وتسحب الذي ترتاد المؤاسينَا
أسى جسمك شتّى حين تطلبهم
فمن لروحك بالنطس المداوينَا
آهًا لنا نازحي أيك بأندلس
وإن حللنا رفيقًا من روابينا
رسم وقفنا على رسم الوفاء له
نجيش بالدمع، والإجلال يثنينا
لفتيّه لا تنال الأرض أدمعهم
ولا مفارقتهم إلا مصلينَا
لو لم يسودا بدين فيه منبهة
للناس كانت لهم أخلاق ذلك الزمان