آخر السور التي نزلت في مكة
الرأي الأول: سورة المطففين
تعتبر سورة المطففين، المعروفة أيضاً بسورة ويلٌ للمطففين، آخر السور المكية التي نزلت. وقد أشار إلى ذلك الزمخشري في كتابه الكشاف، بالإضافة إلى الإمام السيوطي، الذي ذكر في مؤلفه “الإتقان” أنها آخر السور مكية نزلت في مكة. وقد أُمِر النبي -عليه الصلاة والسلام- بتلاوتها قبل الهجرة، حيث أشار محمد سيد طنطاوي أنها مكية نتيجة تناولها موضوع الأبرار والفجار.
تتألف السورة من ثلاث وستين آية، وتتناول فيها موضوع الغنى وطغيان الأغنياء، واستغلالهم للفقراء. كما تحارب السورة ظاهرة التطفيف في الميزان والكيل، وتتناول مصير الفجار وأعمالهم، ومكانتهم في الآخرة، مقابل الأبرار وما ينالونه من نعيم دائم. وتسخر السورة كذلك من مُجرمي الدنيا وحالهم يوم القيامة، حيث يُسخر المؤمنون منهم. وقد ذكر بعض العلماء أنها نزلت بين مكة والمدينة، كما أُشير إلى أن بعض الآراء تذهب إلى كونها مدنية ماعدا ثماني آيات منها، في حين يُعتبر ابن عباس -رضي الله عنه- أنها مدنية عدا ثمان آيات.
هناك من يُرجح أنها من السور المدنية، وأنها الأولى في الترتيب من ناحية النزول، بينما جاء عن جابر بن زيد أنها نزلت بين مكة والمدينة، وهو ما يجعلها تُصنف كمكية. يتفق العديد من العلماء على أن التصنيف يعتمد على ما نزل بعد الهجرة.
الرأي الثاني: سورة العنكبوت
تعتبر سورة العنكبوت السورة رقم تسعة وعشرون في ترتيب المصحف، وهي من السور المكية. بينما قيل أيضًا إن غالبيتها مكية، فهناك من اعتبرها مدنية أو تتضمن أجزاء مدنية. وهي من بين السور الأخيرة التي نزلت في مكة، حيث أن بعض الآيات نزلت في المدينة. لذا، اختلف العلماء في تصنيفها كمدنية أو مكية. يُعتقد أن سورة العنكبوت مُحتملة أن تكون مكية لأن سورة الروم نزلت قبلها وسورة المطففين بعدها، وكلاهما مكي.
ثمة آراء تقول إنها نزلت على النبي -عليه الصلاة والسلام- أثناء الهجرة بين مكة والمدينة. كما يُشار إلى أن بعض صفات المنافقين المذكورة فيها تُعتبر من الإخبار بالغيب، وأغلب العلماء يُرجح أنها مكية باستثناء أول إحدى عشرة آية منها والآية الستين.
السور المكية
كيفية تحديد السور المكية
هناك عدة طرق لتحديد السور المكية مقارنة بالمدنية، منها:
- السور المكية هي تلك التي نزلت في مكة وضواحيها مثل منى ومزدلفة وعرفات. كما يُقال إن السور المكية تشتمل على الخطابات الموجهة لأهل مكة.
- جانب من الروايات يأتي من الصحابة الذين شهدوا وحي القرآن، أو من التابعين الذين تلقوا المعلومة عن الصحابة. يُقال إنه إذا نُسبت آية معينة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فإن المعيار هنا هو ما عُرف من الصحابة، مثل الآية (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) التي نزلت في مكة.
- الاستدلال الاجتهادي، من خلال دراسة السور والآيات المعروفة مكان نزولها واستنباط الصفات المميزة للسور المكية والمدنية.
- كل ما نزل قبيل الهجرة يعتبر مكيًا حتى لو نزل في مكان غير مكة، حيث يتم التركيز على الزمن وليس المكان.
خصائص ومميزات السور المكية
تمتاز السور المكية بعدد من الخصائص التي لاحظها العلماء، ومنها:
- تركز على تعزيز العقيدة الإسلامية وإثباتها، وتتضمن أوامر للإيمان بالله وتوحيده والابتعاد عن الشرك.
- تسليط الضوء على يوم القيامة وذكره للناس بالنداء “يا أيها الناس”، حيث أن معظمهم كانوا غير مسلمين.
- تشريع أصول العبادات والمعاملات، مع تفاصيل قصص الأنبياء وما واجهوه مع قومهم من العذاب في الدنيا والآخرة، فضلاً عن ذكر الأمم السابقة.