أعمال يوم عرفة للحاج
يُعتبر اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، المعروف بيوم عرفة، من أبرز الأيام التي تُنفذ فيها مناسك الحج. يقوم الحاج في هذا اليوم بمجموعة من الأعمال الهامة، فيما يلي توضيح لها:
المبيت في منى ليلة عرفة
يُعتبر المبيت في منى ليلة عرفة من السنن المستحبة في الحج، وليس إلزامياً. يُفضل للحاج أن يقضي تلك الليلة في منى ويُصلي فيها صلاة الفجر، ثم ينتظر حتى تشرق الشمس، وبعد ذلك يغادر لمتابعة أركان الحج.
الوقوف في عرفة
يُعد الوقوف في عرفة الركن الرئيسي للحج، ومن تفوته هذه الوقفة فإنه يُعتبر لم يُؤدّ الحج. وفي حالة فواته الوقوف، يتعين عليه التحلل بأن يؤدي عمرة كاملة، تشمل الطواف والسعي، ويعود لأداء الحج في العام المقبل، امتثالاً لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).
كما أكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهمية الوقوف بعرفة بقوله: (الحَجُّ عَرَفةُ). يبدأ وقت الوقوف في عرفة من زوال الشمس يوم عرفة، بينما يبدأ الفقهاء الحنابلة من فجر يوم عرفة، مستندين إلى أن النهار يمتد طوال اليوم.
يستمر وقت وقوف الحجاج في عرفة حتى فجر يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة. وعند طلوع فجر هذا اليوم، لا يُعتبر الوقوف في عرفة صحيحاً، ومن فاتته هذه الوقفة فقد فاته الحج.
نظراً لأهمية الوقوف بعرفة، وردت العديد من السنن التي يُستحب أن يقوم بها الحاج، من أبرزها:
- النزول بمسجد نمرة إن تيسّر له، والبقاء فيه حتى الزوال.
- صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً في مسجد نمرة بعد الزوال.
- استقبال القبلة أثناء وقوفه في يوم عرفة.
- توجيه جبل عرفة نحو القبلة إذا تيسّر له ذلك.
- الإكثار من الذكر والدعاء وطلب الحاجات، بالتضرع إلى الله -تعالى-.
- تكرار قول: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)، فهذا هو أفضل الدعاء في عرفة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- البقاء على طهارة أثناء الذكر والدعاء في عرفة قدر الإمكان.
التلبية
تُعتبر التلبية سنة مؤكدة للحاج بدءاً من لحظة إحرامه، وتستمر خلال كل وقت ومناسك يؤديها. وتنتهي التلبية عند بدء رمي جمرة العقبة في يوم النحر. وقد ذكر بعض الفقهاء أن التلبية واجبة وترتبت دماء على تركها.
ينبغي للحاج أن يلبي في عرفة وهو يشعر بمعاني التوحيد والتعظيم والافتقار إلى الله -تعالى-. ومن أشهر صيغ تلبية النبي -صلى الله عليه وسلم- ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ).
المبيت في مزدلفة
بعد وقوف الحاج في عرفة، يتوجب عليه المبيت في مزدلفة وإقامة صلاة المغرب والعشاء جمع تأخير، حيث تُصلى المغرب بثلاث ركعات والعشاء بركعتين قصراً. وتجدر الإشارة إلى أن قيام تلك الليلة غير مشروع.
حكم صيام يوم عرفة للحاج
يتميز صيام يوم عرفة بفضل عظيم وأجر كبير للمسلمين غير الحجاج، ولكن بالنسبة للحاج، يُفضل كثير من العلماء عدم الصيام في ذلك اليوم، حيث إنّه قد يُضعفه عن أداء أعمال عرفة والاجتهاد في الدعاء والذكر. وقد يفضل أن يصومه الحاج إذا لم يؤثر ذلك عليه ولم يُضعفه.
لم يصم النبي -صلى الله عليه وسلم- في عرفة، وكذلك معظم الصحابة -رضوان الله عليهم-، حيث إن الدعاء والاجتهاد في ذلك اليوم يُعتبر أفضل من الصيام بالنسبة للحاج، إذ قد يجد الحاج صعوبة في المناداة والدعاء في حالة الجوع والعطش.