المؤاخاة بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع
تحدثت الروايات عن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، الذي هاجر إلى المدينة، حيث قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بربط عرى الأخوة بينه وبين سعد بن الربيع، الذي كان لديه ثروة كبيرة. وقد عرض سعد على عبد الرحمن أن يتنازل له عن نصف ثروته وأن يوفر له واحدة من زوجاته ليتزوجها.
لكن رد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- كان الحكمة عندما قال: “بارك الله في مالك وأهلك، فقط أرشدوني إلى السوق”. ومن ثم بدأ عبد الرحمن في ممارسة التجارة وحقق نجاحًا باهرًا، حيث كان يتبرع لجيش المسلمين والفقراء بمئات الآلاف من الدنانير.
أبو الدحداح ونخلة الجنة
وقع نزاع بين غلام يتيم ورجل من الصحابة الذي كان يمتلك نخلة. وكان الغلام يريد بناء سور حول شجره، لكن تلك النخلة كانت تعترض طريق البناء. فذهب الغلام إلى النبي ليعرض عليه مشكلته، فطلب النبي من الرجل التنازل عن النخلة لكنه رفض. ثم طلب منه الهبة للنخلة، ولكنه أيضًا أبى.
حث النبي الرجل على أن يكون له بديل في الجنة، لكنه لم يستجب. وعندما كان أبو الدحداح يستمع إلى ما يحدث ورأى الرجل يرفض هذه العروض، قرر أن يسعى للحصول على الأجر، فقدم للرجل بستانه مقابل نخلة الجنة.
شجاعة أبي بكر في الدفاع عن النبي
لقد كان لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- مواقف تاريخية في الدفاع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتصدي لإيذاء قريش له. ومن أبرز هذه المواقف ما ذكر في صحيح البخاري، حيث قام عقبة بن أبي معيط -وهو من كفار مكة- بخنق النبي بردائه. فاندفع أبو بكر لدفع عقبة عن رسول الله، ليقول له: “أتقتلون رجلًا يقول ربّي الله؟ وقد جاءكم بالبينات من ربّكم.”
ومن بين الصحابة الذين شهدوا لشجاعة أبي بكر، كان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، الذي سأل أصحابه يومًا عندما كان خليفة المسلمين عن رأيهم في أشجع الناس. فأجابوه أنه هو، لكن علي ردّ عليهم بأن هناك من هو أشجع منه وهو أبو بكر، وذكر لهم بعضًا من مواقفه البطولية.
وفي غزوة بدر، كان أبو بكر -رضي الله عنه- ملازمًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث كان يبذل روحه للدفاع عنه، حاملاً سيفه لمواجهة أي من كان يقترب من رسول الله محاولًا قتله.
وكانت له أيضًا مواقف كبيرة عندما هاجمت قريش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقولهم: أنت من جعل الآلهة إلهًا واحدًا؟ ولم يقترب منه أحد من الصحابة سوى أبو بكر الذي دافع عنه قائلاً: “ويلكم، أتقتلون رجلًا يقول ربّي الله.”
شهامة عثمان بن طلحة
لقد أظهر عثمان بن طلحة -رضي الله عنه- شجاعة كبيرة وكرمًا حتى قبل إسلامه، حينما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحابة بالهجرة إلى المدينة. هاجر أبو سلمة مع زوجته أم سلمة وابنه، لكن أهل أم سلمة منعوها من مرافقة زوجها. حينها أخذ بنو أبي سلمة الصغير منها رداً على فعل اهلها.
بقيت أم سلمة -رضي الله عنها- حزينة لفراق زوجها وابنها، حتى سمح أهلها لها بالذهاب. وفي الطريق، التقت بعثمان بن طلحة الذي كان قبل إسلامه في منطقة التنعيم. فسألها عن وجهتها، وعندما علم بأنها تريد اللحاق بزوجها ولا تملك سوى ابنها، رافقها عثمان وأرشداها إلى مكان زوجها. وقد أثنت أم سلمة -رضي الله عنها- على خلق عثمان وحسن معاملته في تلك الرحلة. وأسلم عثمان -رضي الله عنه- في هدنة الحديبية في السنة الثامنة للهجري.
حصل عثمان بن طلحة على مفتاح الكعبة في يوم فتح مكة وأعطاه للنبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن النبي أبقاه معه وأكد أن هذه المهمة ستبقى من اختصاص بني شيبة، تكريمًا لعثمان وقبيلته.
بطولة أم عمارة في الدفاع عن النبي
أم عمارة -رضي الله عنها- كانت من الصحابيات الشجاعات اللواتي شاركن في المعارك، وسجل التاريخ موقفها البطولية في غزوة أحد. عندما زادت حدة المعركة واحتشد المشركون حول النبي -صلى الله عليه وسلم-، ظهر ابن قميئة ليعلن: دلوني على محمد لا نجوت إن نجا.
وقفت أم عمارة -رضي الله عنها- في طريقه برفقة مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، لكنه استشهد، لتظل أم عمارة وحدها في مواجهة الكافر الذي أصابها بجروح بالغة، لكنها لم تستسلم واستمرت في الدفاع. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يراقبها بينما كانت تصاب بأعداد كبيرة من الجراح.
نادى ابنها ليعصب جراح أمّه، دعا لهم بالبركة. وعندما سمعت أم عمارة صوت النبي، طلبت منه الدعاء لها بأن يكونوا معها في الجنة، واستجاب النبي لطلبها، مما أسعدها للغاية.
عند عودتها إلى المدينة، أرادت الخروج مرة أخرى مع النبي عندما دعا من شارك في الغزوة، لكن جراحها منعتها. فقد أحاط بها نساء المسلمين لعلاج جراحها. وبعد أيام، سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حالها فأخبروه بأنها بصحة جيدة.
امتناع عثمان بن عفان عن الطواف حول الكعبة قبل النبي
كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- هو رسول النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قريش قبيل صلح الحديبية. بينما انتشرت أخبار وجود رسول الله وأصحابه في الحديبية، أرسل عثمان ليخبر قريش أنهم جاءوا لأداء العمرة ولا يريدون القتال، مهدئًا بذلك من قلوب المسلمين المتواجدين في مكة.
قضى عثمان بعض الوقت في مكة، وعندئذٍ جاء سهيل بن عمرو إلى رسول الله وتحققت المصالحة. ظنّ بعض الصحابة بأن عثمان ربما قد طاف بالبيت، لكن النبي أخبرهم أن عثمان لن يطوف في حال بقاء المسلمين محرومين من الطواف. وعندما عاد عثمان أخبرهم بما حدث ورد النبي.
رد عليهم عثمان قائلاً: “بئس ما ظننتم بي فمن المؤكد لو بقيت هناك سنة كاملة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقيماً بالحديبية لما طفت بها حتى يطوف بها رسول الله”. هذه المقولة تعكس مدى حب عثمان واحترامه للنبي، لكن يتعين التنويه أن هذا الأثر ضعيف على الرغم من أن فصول إرسال عثمان إلى قريش في صلح الحديبية موثقة.
تنازع الصحابة حول تربية أمامة بنت حمزة
كان الصحابة يتسابقون لفعل الخير وابتغاء الأجر، كفالة اليتيم واحدة من تلك الفضائل. عندما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- مغادرة مكة ضمن عمرة القضاء، تبعته أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب وهي تنادي: “يا عم”. وقد كانت يتيمة، حيث قُتل والدها حمزة -رضي الله عنه- في غزوة أحد.
تنازع في حضانتها ورغبة تربيتها ثلاثة من الصحابة: علي بن أبي طالب وجعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة -رضي الله عنهم-. قال علي: “إنها ابنة عمي وأنا من أحق بها”، بينما قال جعفر: “هي ابنة عمي وزوجتي تكون خالتها”. واستند زيد إلى كونه عمّها من الرضاعة.
في النهاية، حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصالح جعفر، نظرًا لأن خالتها هي زوجته، والخالة بمنزلتك الأم. وطيب النبي قلوبهم بكلمات لطيفة، وكان هذا الخيار أفضل لأمامة التواجد مع خالتها، حيث كان جعفر في حال أفضل من علي وزيد. كان الصحابة، رغم قلة مواردهم، يتنافسون لكسب شرف كفالة اليتيم والفوز بالأجر.