أبا الزهراء، لقد تجاوزت قدري. من الوهلة الأولى، يمكن للمرء أن يدرك حجم الثناء والمحبة الذي يكنه أحمد شوقي للنبي الكريم، وذلك من خلال قصيدته الشهيرة التي لا تزال تُردد على ألسنة الشعراء المعاصرين وعلى منابر المساجد. هذه القصيدة المعروفة باسم “سلوا قلبي” أو “أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك”، في هذا المقال، سنستعرض بعض أهم مقتطفات هذه القصيدة ونقدم شروحاً لها، بالإضافة إلى الاتجاه الإسلامي في شعر أحمد شوقي.
كيف جعلت قصيدة أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك أحمد شوقي أميرًا للشعراء فنياً؟
- تُعد قصيدة “سلوا قلبي” من أبرز الأعمال الشعرية التي أبدع فيها الشاعر أحمد شوقي، حيث تُظهر تنوعاً غير محدود في مواضيعه، إذ لم يقتصر على الغزل والحب للوطن، بل حقق جدارة لقب أمير الشعراء.
- كما أن أحمد شوقي ارتقى بمكانته من شاعر عادي إلى أمير الشعراء عندما مدح الرسول الكريم، فكانت كلماته تجسيداً لجمال النبي وعظمته، مما أكسبه هذا اللقب الرفيع.
- يمكنني تخيل اللحظة التي سبقت كتابة أحمد شوقي لهذه القصيدة المعجزة. وعلى الرغم من أن الأمر قد لا يكون جوهرياً، لكنه يعكس ليلة غزت فيها الإلهامات مخيلة الشاعر، حيث ظلت القصيدة المتألقة حتى يومنا هذا، تُردد على أسماع الجميع من حولنا، ومن أبرز من غنتها كوكب الشرق، أم كلثوم.
لا تفوتوا قراءة مقالنا حول:
قصيدة أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك
هيا بنا نستعرض معاً جزءاً من هذه القصيدة الساحرة، بدءًا من البيت الذي يشغل هذه المقالة، وهو “أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك”:
- أبا الزهراء، قد جاوزت قدري بمدحك، بيد أن لي انتساباً. فما عرف البلاغة ذو بيان، إذا لم يتخذك له كتاباً. مدحت المالكين فزدت قدراً، فحين مدحتك اقتدت السحابا.
- سألت الله في أبناء ديني، فإن تكن الوسيلة لي أجابا. وما للمسلمين سواك حصن، إذا ما الضر مسهم ونابا.
- كأن النحس حين جرى عليهم، أطار بكل مملكة غراباً. ولو حفظوا سبيلك كان نوراً، وكان من المنحوس لهم حجاباً. بنيت لهم من الأخلاق ركناً.
- فخانوا الركن فانهدم اضطراباً. وكان جنابهم فيها مهيباً، وللأخلاق أجدر أن تهابا. فلولاها لساوى الليث ذئباً، وسلوى الصارم الماضي قرابا.
- فإن قرنت مكارمها بعلم، تذللت العلا بهما صعاباً. وفي هذا الزمان مسيح علم، يرد على بني الأمم الشبابا.
روائع المعنى الأدبي في قصيدة أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك
- يوضح أحمد شوقي كيف زاد شرفه بمدح النبي صلى الله عليه وسلم، مستخدماً تعبير “أبا الزهراء”، ما يعكس حالة من الخجل الممزوج بالطلب، وأهمية هذا الطلب في الانتساب للدين الإسلامي العريق، وهو فخر عظيم.
- كما يُعظم أحمد شوقي اللغة النبوية التي نقلت لنا الأحاديث، مستعرضاً مدى فنها ودقتها، مشيراً إلى أن البلغاء لن يصلوا إلى ذروة الأداء الأدبي من دون الاقتداء بالنبي المصطفى.
- ويُميز شوقي بين مدح زعماء القوم ومدح رسول الله، حيث زادت مكانة المداح بمدحهم، لكنه قاد السحاب كما شاء عند مديح المصطفى.
- يتناول شوقي في بقية أبياته كيف أن الالتزام بالهدى النبوي هو السبيل الوحيد لنجاة الأمة من المحن، مشيراً إلى الشيطان أو المسيخ الدجال، حيث أن سبيل الله واحد بينما سبل الشيطان متعددة.
- ويؤكد شوقي في أبياته الأخرى أن رسالة محمد جاءت لتكمل مكارم الأخلاق، إلا أن أهلها خانوا هذا العهد مما أدى إلى توالي المصائب عليهم.
- بدون تلك الأخلاق الفاضلة، يتساوى المسلم وغير المسلم، مما يعني أنه إن غابت الأخلاق، فإن الأسد يتساوى مع الذئب في طباعه، كما ذكر في قصائده.
لا تترددوا في زيارة مقالنا حول:
أحمد شوقي ومدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم
- لم تكن قصيدة “سلوا قلبي” الوحيدة في هذا السياق، بل لقد قام أحمد شوقي بكتابة العديد من القصائد التي تشجع على الصلاة والحج، وترك لها أثرًا دينيًا عميقاً في نفوس الناس.
- تناول أحمد شوقي في قصائده أيضاً التجليات السياسية في زمن النبي، حيث اعتبر أن رسول الله محمد هو سيد الدنيا والآخرة، وأثنى على نظام الدولة النبوية والخلفاء الراشدين.
- تظهر عمق الرؤية الإسلامية لدى أحمد شوقي من خلال قصيدة “البردة”، التي قدّم فيها مدحاً عظيماً للنبي، محاكيًا فيها قصيدة البوصيري الشهيرة، والتي يبدأها الجميع بعبارة “ولد الهدي فالكائنات ضياء”.
مؤلفات أمير الشعراء أحمد شوقي
- كتب شوقي العديد من قصائد المدح النبوي، مثل “الهمزية النبوية” و”نهج البردة”، بالإضافة إلى مجموعة من القصائد الملحمية العريقة.
- على الرغم من شغفه بالشعر الديني، إلا أن أحمد شوقي لم يغفل عن الحياة، بل برزت مؤلفاته في مجالات المسرح والدراما، مثل “مصرع كليوباترا” و”البخيلة”.
- رحلة أحمد شوقي إلى فرنسا من خلال البعثة الخديوية، جعلته شخصية فريدة في كتاباته، حيث لم يقتصر على نمط واحد، بل قدم أشعاراً نثرية وروايات مثل “عذراء الهند” و”الفرعون الأخير”.
- كما كتب شوقي ما عُرف بـ”الشوقيات”، وهو مجلد يتضمن أربعة أجزاء تحتوي على العديد من أشعاره، حيث أبرزت جمال لغته الشعرية، التي تؤكد أن الشاعر لن ينال اعتراف الجمهور إلا من خلال لغته السليمة المعبّرة.