علم الإحصاء
قبل الغوص في تفاصيل أنواع الإحصاء، من المهم وضع تعريف شامل ومحدد لعلم الإحصاء من حيث جوانبه النظرية والتطبيقية. يشير علم الإحصاء نظريًا إلى المجال العلمي الذي يلامس جميع مجالات الحياة الأساسية، ويستخدم لحل المشكلات وتفسير الظواهر المتنوعة، من خلال جمع البيانات والمعلومات ذات الصلة الوثيقة بالمشكلة أو الظاهرة المدروسة. تنقسم هذه المعلومات إلى نوعين: معلومات أساسية أولية ومعلومات ثانوية.
أما من الناحية التطبيقية، فإن الإحصاء يتمثل في جمع وتنظيم وعرض البيانات، بالإضافة إلى تحليلها باستخدام الأساليب العلمية والرياضية، وذلك بهدف الحصول على معلومات دقيقة ونتائج موثوقة تمكّن الباحثين من اتخاذ قرارات مدروسة.
تاريخيًا، تم استخدام علم الاقتصاد لجمع البيانات حول أعداد السكان، وذلك لأغراض متنوعة، مثل تشكيل الجيوش أو لتحقيق توزيع عادل للثروات العامة، أو لتطوير البلدان. ولكن في العصر الحديث، أصبح علم الإحصاء جزءًا لا يتجزأ من جميع جوانب الحياة، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية. ومن الأمثلة على استخداماته الحالية تحديد معدلات المواليد والوفيات، ومعدلات البطالة، وغيرها من المؤشرات.
أنواع الإحصاء
الإحصاء الوصفي
يعبر الإحصاء الوصفي عن الأساليب المستخدمة لتنظيم وعرض وتفسير ووصف البيانات. يتم استخدام الجداول والرسوم البيانية بجانب المقاييس الإحصائية المختلفة مثل مقاييس التشتت والنزعة المركزية والوسيط، بالإضافة إلى الوسط الحسابي والمنوال. هذه الأساليب تُستخدم بشكل أساسي في الدراسات الميدانية، وكذلك في تقييم البحوث العلمية والأكاديمية والمشاريع التي تتعلق بالقطاع العام، ولكنها لا تهدف إلى استنتاج نتائج أو استدلالات حول الظواهر المدروسة.
الإحصاء الاستنتاجي أو التحليلي
يركز الإحصاء الاستنتاجي على العمليات الإحصائية التي تهدف إلى استنتاج مجموعة من الخصائص التي تتسم بها أفراد مجتمع الدراسة. إذا كان هذا المجتمع كبيرًا، فمن الصعب دراسته بشكل كامل، لذا يلجأ الباحثون إلى أخذ عينة تمثيلية. هنا تظهر أهمية هذا النوع من الإحصاء في الاستدلال حول المجتمع المدروس، حيث يُستخدم لتحليل البيانات الخاصة بالعينة المسحوبة بشكل عشوائي للوصول إلى قيم عددية تعكس خصائص المجتمع.
ينقسم الإحصاء الاستنتاجي إلى قسمين رئيسيين: القسم الأول هو التقدير الإحصائي، الذي يتعلق بطرق التعرف على المجتمع غير المعروف، بينما يتناول القسم الثاني الفروض الإحصائية، حيث يقوم الباحث بوضع افتراضات يتم اختبار صحتها إحصائيًا، وهي تُعرف علميًا باسم “Hypothesis testing”.