تعريف أحلام اليقظة
تعد أحلام اليقظة (Daydreaming) وفقًا لعلم النفس نمطاً من الاستجابات البديلة التي يتبناها الفرد كوسيلة للتعامل مع رغباته غير الملباة في الحياة الواقعية. غالبًا ما تُستخدم هذه الأحلام كطريقة للتخيل، مما يساعد على تخفيف حدة القلق والتوتر الناتج عن الدوافع التي يسعى الشخص لتحقيقها.
أظهرت أبحاث علم النفس أن 96% من البالغين يشاركون في أحلام اليقظة بشكل يومي، والتي تشكل حوالي نصف أفكار الفرد المعتادة، مما يثبت أن هذه الحالة تعد نشاطاً طبيعياً وضرورياً في العديد من الأحيان.
ومع ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن أحلام اليقظة قد تؤثر أحيانًا سلباً على الأداء اليومي للفرد، أو قد تكون دليلاً على مشاكل نفسية، خاصة عندما يتجاوز استخدامها الحد المعقول.
كيفية تشكل أحلام اليقظة
تم اكتشاف كيفية عمل الدماغ أثناء أحلام اليقظة بالصدفة من خلال دراسة جماعة من العلماء لنشاط الدماغ خلال مهام عقلية معينة، حيث اتضح أن أجزاء محددة من الدماغ تصبح أكثر نشاطًا خلال فترات التوقف بين المهام. وقد تم تفسير ذلك كما يلي:
شبكة الدماغ التنفيذية مسؤولة عن معالجة المشكلات المعقدة وتُستخدم عند التركيز على المهام الخارجية، في حين أن شبكة الدماغ الافتراضية تكون أكثر نشاطًا خلال أحلام اليقظة وتتميز بنشاط دماغي منخفض المستوى.
تتألف هذه الشبكة الافتراضية من ثلاثة مناطق رئيسية في الدماغ تعمل على إدارة الخيال والذاكرة، وهما:
- القشرة الجبهية الأمامية الوسطى: تنشط عند تخيل سيناريوهات معينة، مما يساعد الفرد على تصور الصور بشكل واقعي.
- القشرة الحزامية الخلفية: تنشط عندما يخطط الشخص للمستقبل أو يسترجع ذكرياته الشخصية، التي تشكل هوية الفرد.
- القشرة الجدارية: تُعنى بتخزين الذاكرة العرضية في الحُُصين، وغالبًا ما ترتبط بأحداث أو تجارب محددة كالتخرج أو اللقاءات الأولى.
أنواع أحلام اليقظة
يمكن تصنيف أحلام اليقظة إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
أحلام اليقظة الإيجابية
تكون هذه الأحلام ذات تأثير إيجابي على الفرد، حيث تعزز من التحفيز الذاتي وتساعد في التخطيط للمستقبل وتدعم الاستقرار النفسي. تعمل على تنشيط الجانب الأيمن من الدماغ وتقوية الوصلات العصبية، مما يقوي الذاكرة، وبالتالي يدعم الابتكار وحل المشكلات، كما أثبتت الأبحاث من خلال التصوير المغناطيسي للمخ أن المناطق المرتبطة بحل المشكلات تصبح أكثر نشاطًا خلال حالة أحلام اليقظة.
أحلام اليقظة المزعجة
ترتبط غالبًا بمشاعر سلبية مثل الشعور بالذنب أو القلق، مثالاً على ذلك تخيل الانتقام من شخص ما أو تصور أحداث سيئة.
ضعف الانتباه
هذا النوع قد لا يتضمن أحلام اليقظة بالمعنى التقليدي؛ إذ يكون الفرد في حالة وعي أكبر من الأنواع السابقة نتيجة صعوبة التركيز على المهام أو بسبب انقطاع التفكير بشكل متكرر.
أسباب حدوث أحلام اليقظة
هناك عدة أسباب تدفع الأفراد للجوء إلى أحلام اليقظة، منها:
- الشعور بالإحباط.
- نقص الثقة بالنفس.
- صعوبة التكيف مع الواقع.
كما يوجد مجموعة من المحفزات التي قد تؤدي إلى دخول الشخص في عالم أحلام اليقظة، مثل الاستماع إلى الموسيقى أو مشاهدة الأفلام أو الشعور بمشاعر معينة.
فوائد أحلام اليقظة
تتعدد الفوائد المرتبطة بأحلام اليقظة، خاصة عندما تكون إيجابية، ومن أبرز هذه الفوائد ما يلي:
- تقليل التوتر والقلق: حيث تمنح أحلام اليقظة الدماغ فرصة للاسترخاء من الأفكار والمشاكل الخارجية.
- المساعدة في حل المشكلات: قد يسهم الهروب من الواقع في تنشيط الدماغ لإيجاد حلول فعالة لمشاكل معينة.
- تحقيق الأهداف: يعتمد الرياضيون والفنانون على أحلام اليقظة للتدريب الذهني مما يساعدهم في الوصول إلى الأداء المطلوب.
- زيادة القدرة الإبداعية: تساعد أحلام اليقظة في تطوير القدرة على التفكير الإبداعي، مما يعزز الابتكار والاستنتاج.
أضرار أحلام اليقظة
تظهر أضرار أحلام اليقظة عندما تُستخدم بشكل مفرط، مما يجعل الشخص يعيش في عالم خيالي بعيد جدًا عن الواقع. وقد يؤدي ذلك إلى الغرق في أفكار سلبية، مما قد ينجم عنه مشاكل صحية عقلية ونفسية، تُعرف أحيانًا باسم أحلام اليقظة الضارة (Maladaptive daydreaming).
تظهر آثارها السلبية في فقدان التركيز وضعف الذاكرة، مما يؤدي إلى تدني الأداء الشخصي. كما ترتبط مع الصحة النفسية من خلال مواجهة أفكار سلبية بشكل مفرط. الأفراد الأكثر عرضة لهذه الحالة هم الذين يعانون من:
- اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
- الوسواس القهري.
- اضطرابات القلق.
- أنواع معينة من الاكتئاب.
- الاضطرابات الانفصالية.
- اضطرابات الوسواس القهري.
أما العلامات الصحية التي قد تشير إلى أحلام اليقظة المفرطة فتشمل:
- تعابير وجه غير إرادية.
- حركات جسدية متكررة.
- أصوات تصاحب أحلام اليقظة.
- استمرار أحلام اليقظة لفترات طويلة تمتد من دقائق إلى ساعات.
- صعوبة التركيز.
- صعوبات في النوم.