أجمل مواعظ وعبر مالك بن دينار

نستعرض اليوم بعضًا من أجمل ما قاله مالك بن دينار من مواعظ وعبر، التي تعكس حكمته وفلسفته في الحياة. وُلِد يحيى مالك بن دينار البصري في زمن عبد الله بن عباس، وكان يتمتع بصفاته المشابهة لصفا الصحابة الكرام. ورغم أنه ليس من الصحابة، إلا أنه يُعد من التابعين الذين عرفوا بالرضا والقناعة.

قصة توبة مالك بن دينار:

من المثير للاهتمام أن مالك كان متورطًا في ملذات الحياة الدنيا، حيث انغمس في المعاصي وشرب الخمر. لكن أنعم الله عليه بالتوبة، فعندما رأى رؤية تتعلق بيوم القيامة، كانت تلك الرؤية هي النقطة التي غيرت مجرى حياته، وبدأ بعدها بالتوجه إلى الله بتوبة صادقة.

صفات مالك بن دينار:

أظهرت الأبحاث حول حكم مالك بن دينار أنه اشتهر بصفات عديدة جعلته مثلاً يُحتذى به. كان زاهدًا في الدنيا، يخشى الله سبحانه، ويدعو إلى محاربة النفس والشهوات، ويتسم بالصبر ويبتعد عن مواطن الشبهات. وكان يحصل على قوت يومه من كده وعمله.

أجمل ما قال مالك بن دينار من مواعظ وعبر:

من خلال بحثنا في مواعظ مالك بن دينار، توصلنا إلى مجموعة من الأقوال المؤثرة:

يكفي الإنسان شرًّا أن يكون غير صالح وسط الصالحين.
جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم.
من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله.
لا يتصالح المؤمن والمنافق مثلما لا يتصالح الذئب والحمل.
يكفي الإنسان خيانة أن يكون أمينًا للخونة.
البكاء على الخطيئة يُزيل الخطايا كما تزيل الرياح الأوراق اليابسة.
ما من عبد عوقب بعقوبة أعظم من قسوة القلب.
منذ أن عرفت الناس، لم أفرح بمَدحهم ولم أكره ذمهم. لماذا؟ لأن حامدهم مُفرط، وذامهم مُفرط أيضًا.
كان الأبرار يتواصون بثلاث: حبس اللسان، وكثرة الاستغفار، والعزلة.
الخوف من عدم قبول العمل أشد من العمل نفسه.
من ابتعد عن زهرة الدنيا فهو من الغالبين لهواه.
إن لم يكن في القلب حزن فهو خراب.
ما من نعمى للمتنعمين مثل ذكر الله.
من علامات حب الدنيا هي الدوام في الشبع.
بقدر ما تحزن للدنيا يخرج هم الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك.
بئس العبد من كان همه هواه وبطنه.
تجنب كل جليس لا تستفيد منه خيرًا.
اعلم أنه من الفساد العظيم أن يتحدث الإنسان بكل ما يسمع.

أجمل ما قاله مالك عن الدنيا:

لم يبق لي من طيبات الدنيا إلا ثلاثة: لقاء الإخوان، وتهجد بالقرآن، وبيتٌ خالٍ يُذكر فيه الله.
الدنيا كالثعبان، لينة الملمس وفي جوفها السم القاتل، يتحذر منها ذوي العقول وينجذب إليها الصغار.
سمع مالك أحدهم يقول: لو أعطاني الله – تعالى – بيتًا صغيرًا لرضيت بذلك، فرد عليه مالك: ليتك زهدت في الدنيا كما زهدت في الجنة.
إن الله تعالى لديه عقوبات في القلوب، وضيق في العيش، وضعف في العبادة، وحزن في الرزق.
خرج أهل الدنيا ولم يذوقوا أطيب ما فيها، قالوا: وما هو؟ قال: معرفة الله.
لو استطعت أن لا أنام فلم أنم، مخافة أن ينزل العذاب وأنا نائم، ولو وجدت أعوانًا لفرقتهم في جميع الدنيا، قائلاً: يا أيها الناس، النار، النار.
ما من عقوبة أشد من أن يسلب الله الحياء من القلب.
عجبًا لمن يعلم أن الموت مصيره والقبر مورده، كيف يقر بعينه في الدنيا؟ وكيف يطيب له العيش فيها؟
أشد ما يواجه السفيه هو الإعراض عن رده، وعدم إظهار التأثير له.

روائع مالك بن دينار:

كان مالك بن دينار يبكي، ويبكي أصحابَه، ويقول: اصبروا على طاعته، فإنما هو صبر قليل وغنيمة طويلة، والأمر أعجل من ذلك.
قال مالك: وددت لو أذن لي الله يوم القيامة أن أسجد سجدةً، فيعلم أن ذلك قد رضي عنه، ثم يقول لي: يا مالك، كن تُرابًا.
الصدق والكذب يتصارعان في القلب حتى يظهر أحدهما على الآخر.
كان مالك يقوم طوال الليل متمسكًا بلحيته، ويقول: يا رب، قد علمت سكنى الجنة وسكنى النار، فأي الدارين هي من نصيبي؟
إن الأبرار تتأجج قلوبهم بأعمال البر، وإن الفجار تتأجج قلوبهم بأعمال الفجور، والله يرى همومكم، فليكن همومكم في خير.
جعل الله الدنيا دار مفر والآخرة دار مقر، فخذوا لمقرّكم، واخرجوا الدنيا من قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ولا تفشي أسراركم عند من يعلم خفاياكم، ففي الدنيا عشتُم ولغيرها خُلِقتم.
رحم الله عبدًا قال لنفسه: ألست هي صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم نهرها، ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكانت هي قائدًا لها.

أروع كلمات لمالك بن دينار:

إذا لم يعمل العالم بتعاليمه، فإن موعظته تزول عن القلوب كما يزول القطر عن الصفا، ومن لم يأنس بحديث الله عن حديث المخلوقين، فقد نقص علمه، وعمي قلبه، وضيع أمره.
دخل لص على مالك بن دينار، فلم يجد ما يأخذ، فناداه مالك: لم تجد شيئًا من الدنيا، أترغب في شيء من الآخرة؟ قال: نعم، فأجابه: توضأ وصل ركعتين، ففعل ثم جلس وخرج إلى المسجد سائلين عنه، فقيل: جاء ليسرق، فسرقناه.
كن عالماً أو متعلماً، واحذر الثالثة فإنها مهلكة، ولا تكون عالماً حتى تكون عاملاً، ولا تكون مؤمناً حتى تكون تقياً.
يا حملة القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض، فإن الله ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فيصيب الحسَّ فتكون فيه الحبة، فلا تمنعها نتانة موضعها من أن تهتز وتخضر.
فيا حملة القرآن: ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ أين أصحاب سورة؟ أين أصحاب سورتين؟ ماذا عملتم فيهما؟