في قصيدته “أتحبني وأنا ضريرة”، يروي الشاعر نزار قباني حديثًا مفعم بالعاطفة بينه وبين محبوبته العمياء، حيث يسعى إلى إقناعها أن فقدانها للبصر لا يعني أن مشاعره تجاهها ستتغير، أو أنه سيفكر في الارتباط بغيرها من النساء.
أتحبني وأنا ضريرة
يعتمد نزار في هذه القصيدة على الأسلوب الحواري، حيث ينقسم المقطع الأول إلى قسمين: الأول يتمثل في كلمات المحبوبة، والثاني يتضمن ردود الحبيب الذي يحاول إقناعها بحبه العميق:
- قالت له:
- أتحبني وأنا ضريرة؟
- وفي الدنيا بناتٌ كثيرة،
- الحلوةُ والجميلةُ والمثيرة،
- ما أنت إلا بمجنون،
- أو مشفقٌ على عمياء العيون.
- قال:
- بل أنا عاشقٌ يا حلوتي،
- ولا أتمنى من دنيتي
- إلا أن تصيري زوجتي.
- وقد رزقني الله المال،
- وما أظن الشفاء مٌحال.
- قالت:
- إن أعدت إليّ بصري،
- سأرضى بكَ يا قدري،
- وسأقضي معك عمري.
- لكن ..
- من يعطيني عينيه؟
- وأيُّ ليلٍ يبقى لديه؟
- وفي يوم جاءها مُسرعًا:
- أبشري، قد وجدّتُ المتبرّع،
- وستبصرين ما خلق اللهُ وأبدع،
- وستوفين بوعدك لي،
- وتكونين زوجةً لي.
شرح المقطع الأول من قصيدة نزار
المقطع الأول يبرز عمق حب الحبيب لمحبوبته، حتى بعد أن فقدت بصرها، لدرجة أنه يعبّر عن استعداده لمنحها عينيه لكي تتمكن من رؤية الحياة وتوافق على الزواج منه:
- يفتتح المقطع بكلمات المحبوبة التي تتعجب من حبه لها رغم عماها.
- توضح له أن الدنيا مليئة بالفتيات الجميلات والمبصرات، حيث تصف حبه بأنه ضارب من الجنون والشفقة.
- يرد الحبيب موضحًا أن مشاعره تنبع من الحب والإخلاص، وأن أمله الأسمى هو الزواج منها.
- يعلن أنه يمتلك الثروة الكافية لضمان حياة مرفهة لها، ويمنحها الأمل في إمكانية الشفاء واستعادة البصر.
- تجيبه بأنها سترضى بحبه فقط عند استعادة بصرها، لكنها تتساءل عن هوية الشخص الذي يمكنه منحها عينيه.
- يعود إليهم حاملًا خبرًا سعيدًا عن وجود متبرع، الذي سيمكنها من رؤية العالم مجددًا وتحقيق وعدها بالزواج.
المقطع الثاني من قصيدة نزار
في المقطع الثاني، تكشف الأحداث عن عدم وفاء المحبوبة بوعدها بالارتباط، عندما تكتشف أن الحبيب أعمى أيضًا، لكن حصل على عينيه بدافع الحب:
- عندما استعادت بصرها،
- وجدته يمسك يدها،
- فصاحت:
- أأنت أيضاً أعمى؟!
- وبكت حظها السيء.
- ردّ عليها:
- لا تحزني يا حبيبتي،
- ستصبحين عيوني ودليلي،
- فمتى ستكونين زوجتي؟
- قالت:
- أأنا أتزوج ضريرًا،
- وقد أصبحتُ اليوم بصيرة؟
- فبكى وقال: سامحيني،
- من أنا حتى تتزوجيني؟
- لكني أريد منكِ وعدًا،
- أن تعتني جيدًا بعيوني.
شرح المقطع الثاني من قصيدة نزار
في هذا المقطع، يبرز نزار رد فعل المحبوبة حين ترى حبيبها لأول مرة بعد أن استعادت بصرها:
- تصرخ عندما ترى الحبيب، وتسأله بدهشة إن كان أعمى كذلك، ثم تُعبّر عن حظها السيئ بسبب حبها لشخص فاقد للبصر.
- يرد عليها لطيفًا، محاولًا تهدئتها ويقول لها إنها ستكون معه في قلبه وعيونه، ويتساءل عن موعد زواجهما.
- تُفاجئه بأنها لن تتزوج من شخص أعمى الآن بعد أن استعادت بصرها.
- يبكي على فراقها، إلا أن مشاعره لها تبقى قوية، ويطلب منها أن تعتني بعينيه التي منحها لها قبل أن تفارقه.
من هو نزار قباني
نزار قباني هو شاعر سوري، له العديد من الدواوين الشعرية والقصائد، وعمل أيضًا كدبلوماسي:
- أثبت مكانته كأحد رواد الشعر المعاصر في العالم العربي، ولا يزال اسمه يُذكر بعد وفاته.
- وُلد عام 1923، ونشأ في دمشق ضمن عائلة ذات تأثير ثقافي وتعمل في التجارة.
- تخرج في إحدى الجامعات السورية بعد دراسة الحقوق، ثم بدأ مسيرته الدبلوماسية.
- أتقن عدة لغات بجانب العربية، مثل الإسبانية والفرنسية والإنجليزية.
- تزوج عن حب من بلقيس بعد أن عشقها لسبع سنوات، رغم رفض عائلتها في البداية نظراً لشهرته في التغزل بالنساء.
- وحظي بموافقة عائلتها بعد سبع سنوات، وأنجب منها ابنة وولداً هما “زينب” و”عمر”.
- وقد كتب قصيدة مؤلمة حول وفاة زوجته بلقيس، التي قُتلت في بيروت عام 1981 بسبب انفجار سيارة.
عن قصيدة حب أعمى
تعرف هذه القصيدة أيضًا باسم “حب أعمى”، حيث تبدأ بقصة فتاة عمياء، وتنتهي بالقصة بحب أصبح أعمى:
- تعد القصيدة من بين القصائد الحزينة في ظاهرة الحب، نظراً للنهاية المؤلمة فيها لما تعكسه من غدر المحبوبة وصدمتها للحبيب.
- غنى الفنان تيم حسن كلمات هذه القصيدة بصوته، ونشر التسجيل عبر منصة اليوتيوب، مما ساعد على انتشارها بين الأجيال الشابة.