أبراج بتروناس في ماليزيا
تُعتبر أبراج بتروناس التوأم (Petronas Twin Towers) الموجودة في كوالالمبور، ماليزيا، من أبرز المعالم المعمارية في العالم. تم تصميم هذه الأبراج المذهلة بواسطة المعماري الأمريكي الأرجنتيني سزار بيلي (Cesar Pelli)، وهي تُعتبر المقر الرئيسي لشركة بتروناس، الشركة الوطنية للنفط في ماليزيا. انتهى بناء البُرجين في عام 1998، حيث يصل ارتفاع كل منهما إلى حوالي 452 متراً. وقد اكتمل ارتفاع الأبراج عام 1996 بعد إضافة القمة المدببة (Spires)، مما جعلهما يتفوقان على أبراج سيرز (Sears Towers) التي كانت في ذلك الوقت الأعلى عالمياً، قبل أن تتخطى أبراج بتروناس عمارة تايبيه 101 (Taipei 101) في تايوان، التي يبلغ ارتفاعها حوالي 508 أمتار.
دلالة أبراج بتروناس
تُعتبر أبراج بتروناس رمزاً حقيقياً لماليزيا، وقد تم التعرف عليها عالمياً كمعلَم مميز يتجاوز مجرد الهندسة المعمارية. تقدم هذه الأبراج مجموعة استثنائية من عوامل الجذب، بما في ذلك منتزه (KLCC) الخلاب الذي يقع بجانب الأبراج، ويحتوي على مسارات للمشي والجري، ونافورة راقصة، وبركة سباحة للأطفال. كما يضم المنطقة المحيطة مركز مؤتمرات كوالالمبور ومعرض بتروناس للفنون. يضاف إلى ذلك مركز بتروساينس العلمي (Petrosains) الذي يمزج التعليم التفاعلي مع موضوعات علمية تتعلق بصناعة النفط، حيث يبدأ الزوار في رحلة عبر التاريخ بدءاً من عصر الديناصورات إلى المنتجات النفطية الحديثة.
ترمز الأبراج التوأم للعديد من القيم، مثل الطاقة والثقة والمبادرة والتصميم والشجاعة والإبداع والتفاؤل والتقدم، وقد شهدت البلاد طفرة اقتصادية بعد افتتاح المشروع في عام 1999، مما يعكس مكانة الأبراج كرمز عالمي.
التصميم المعماري لأبراج بتروناس
يتميز التصميم الداخلي لأبراج بتروناس بخصوصيته، ويفرقه عن التصميم الخارجي. إليكم تفاصيل كل منهما:
التصميم الخارجي
تتكون الأبراج التوأم من 88 طابقاً وتتميز باستخدام الفولاذ المقاوم للصدأ، حيث يظهر شكلهما الخارجي على هيئة نجمة ثمانية، مستوحاة من الزخرفة العربية (Arabesque). يظهر الطابع الإسلامي في التصميم جلياً من خلال الطبقات الخمسة للأبراج، والتي ترمز إلى أركان الإسلام، كما يتناقص محيط الأبراج كلما ارتفعنا من طابق إلى آخر. ومن ملامح التصميم الأساسية وجود الصواري البالغ ارتفاعها 63 متراً التي تعلو الأبراج، مما يجعل التصميم النهائي يشبه مآذن المساجد ونجمة الإسلام. يرتبط البرجان معاً عبر جسر عند الطابقين 41 و42، مما يسمح للمشاة بالتنقل بينهما.
تُقدر المساحة الإجمالية للأبراج بحوالي 395,000 م²، مقسمة إلى 213,750 م² للأبراج و186,000 م² للمرافق. تم استخدام الخرسانة بشكل رئيسي في البناء، على عكس معظم ناطحات السحاب، حيث تعتبر الخرسانة مادة رخيصة، مما أسهم في تثبيت الأساسات وتقليل التمايل. يُقدّر وزن كل برج بنحو 300,000 طن، ولكن ذلك قد يصبح تحدياً بمرور الوقت بسبب ارتفاع المبنى. في مجال الديكور، تم استخدام الفولاذ الصلب لتصميم التفاصيل الداخلية.
وفيما يلي نظرة سريعة على التصميم الخارجي للأبراج:
- التكسية: (Cladding) تم تصميم الواجهة الخارجية بشكل يتلألأ تحت الشمس باستخدام الفولاذ المقاوم للصدأ والزجاج الرقائقي (Laminated Glass) المعروف بقوته وقدرته على عزل الصوت وحجب الأشعة فوق البنفسجية الضارة. تحتوي الواجهة على حوالي 33,000 لوح زجاجي، حيث يمتد كل لوح من حافة إلى حافة، مرتبطة بطريقة تجعلها تصعد للأعلى.
- الصهوة: (The Pinnacle) يضم البرجين قمة فولاذية مزدوجة ترتفع نحو 73.5 متراً، مما يساهم في تصنيفهما كأطول المباني في العالم، ويتكون كل قمة من صارية وكرة مستديرة في أعلى البرج.
- الجسر المعلق: (The Skybridge) يرتفع الجسر بمقدار 170 متراً عن سطح الأرض، ويقدر طوله بنحو 58.4 متراً ووزنه بحوالي 750 طناً، ويدعم الجسر قوس مزدوج المفاصل مع وجود دبابيس دورانية في نهايته.
التصميم الداخلي
تُعبر التصاميم والزخارف في بهو القاعات عن ثقافة الحرف اليدوية التقليدية والأنماط النسيجية الماليزية (Songket). تم استلهام الألواح والشاشات في كسوة الجدران من المنحوتات الخشبية الشهيرة على الساحل الشرقي لشبه جزيرة ماليزيا، بينما زينت الأرضيات بنقوش معقدة على شكل نبات الكاذي. كما تزين الجدران بأشكال من أشجار النخيل من نوع القنيطسة. تضم الأبراج بالأسفل قاعة للحفلات الموسيقية والتي تُعتبر مقر الأوركسترا الماليزية، بالإضافة إلى مكتبة مرجعية. ولا شك أن هذه الأبراج أصبحت مقراً للعديد من الشركات، بما في ذلك شركة بتروناس والعديد من الشركات الماليزية والدولية الأخرى.