يعتبر الكساد الكبير أكبر أزمة اقتصادية واجهتها الدول على مر العصور، حيث استمر تأثيره من ثلاثينيات إلى أوائل أربعينيات القرن العشرين. في هذا المقال، نستعرض أسباب هذه الظاهرة الاقتصادية وتأثيرها على الدول.
ما هو الكساد الكبير؟
- يشير الكساد الكبير إلى أزمة اقتصادية وقعت بداية من عام 1929 واستمرت طوال الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات، وهي تعتبر من أكبر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين.
- انطلقت هذه الأزمة من الولايات المتحدة، حيث يُعتقد أن السبب الرئيسي كان انهيار سوق الأسهم في 29 أكتوبر 1929، المعروف بيوم الثلاثاء الأسود.
- كان للأزمة أثر مدمر على تقريبًا جميع الدول، سواء الغنية منها أو الفقيرة، حيث شهدت التجارة العالمية انخفاضًا كبيرًا في الدخل الفردي والضرائب والأسعار والأرباح، خاصة في المدن الأكثر تأثرًا.
- كانت الدول التي تعتمد على الصناعات الثقيلة من بين الأكثر تضررًا، حيث توقفت المشاريع العمرانية في معظم الدول، وشهدت أسعار المحاصيل الزراعية انخفاضًا كبيرًا، يصل إلى نحو 60% من قيمتها.
- نتيجة لنقص الطلب على المواد الخام وعدم توفر بدائل للوظائف، كانت المناطق التي تعتمد على الزراعة والتعدين وقطع الأشجار الأكثر تضرراً من الكساد.
- أدى ذلك إلى إغلاق المصانع وترك الأسر بلا مأوى فيما كانت تبحث عن الطعام بين النفايات. وقد أشارت وزارة الصحة في نيويورك إلى أن أكثر من 20% من الأطفال كانوا يعانون من سوء التغذية.
- بدأ الاقتصاد الأمريكي بالازدهار في العشرينات لكنه شهد ركودًا حادًا تلاه انهيار كبير في عام 1929، ثم تدهورًا إضافيًا في عام 1932.
- وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية التي سادت بعد انهيار وول ستريت، إلا أن الأزمة استمرت في تأثيرها.
اكتشف المزيد حول:
تلاشي ظاهرة الكساد الكبير
- تلاشت الأزمة في بلدان مختلفة في أوقات متفاوتة، حيث قامت الدول بوضع خطط متنوعة للتعافي، مما نتج عنه اضطرابات سياسية أدت إلى انتقال الدول نحو اليمين أو اليسار.
- أدى ذلك إلى غرق المواطنين في فوضى كبيرة، وبرز من هذه الفوضى شخصيات معروفة مثل أدولف هتلر، مما ساهم في نشوب الحرب العالمية الثانية.
- رغم أن سوق الأسهم بدأت في التعافي في أبريل 1930 وعادت لمستواها في بداية 1929، إلا أنها كانت لا تزال أقل بحوالي 30% مقارنة بمعدلاتها في سبتمبر.
- أظهر النصف الأول من عام 1930 ارتفاعًا في الإنفاق، بينما انخفض الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 10%، نتيجة للخسائر الكبيرة في البورصة وجفاف الأراضي الزراعية عبر العواصف الرملية في نفس العام.
- في أوائل الثلاثينيات، رغم وفرة الائتمان وانخفاض أسعار الفائدة، كان الناس hesitant بخصوص الاقتراض، مما أدى إلى انخفاض مبيعات السيارات بشكل كبير.
- تدريجيًا، بدأت الأسعار تنخفض، لكن الأجور ظلت مستقرة لفترة محدودة قبل أن تبدأ بالتراجع.
- كانت الانكماشات الاقتصادية في الولايات المتحدة تؤثر سلبًا على دول أخرى، ومع بعض المحاولات، حاولت بعض الدول اتخاذ سياسات وقائية.
- في عام 1930، فرضت الحكومة الأمريكية تعريفات جمركية على أكثر من 20,000 سلعة مستوردة، والتي تُعرف باسم تعريفة سموت.
- نتيجة لأعمال التعريفات الانتقامية التي تبنتها بعض الدول، زادت حدة انهيار التجارة، وبحلول نهاية عام 1930، استمر انخفاض العولمة حتى بلغ أدنى مستوياته في مارس 1933.
أسباب ظاهرة الكساد الكبير
- تسبب الركود الاقتصادي في عدم قدرة الحكومة على زيادة السيولة المالية في السوق لتلبية الطلب المتزايد، حيث أن عدم قدرتها على إجراء تخفيضات ضريبية عاجلة كان له تأثيرات سلبية على السوق.
- في الدول الرأسمالية، كانت الأزمة تنجم عن عدم قدرة النظام الليبرالي على ضمان التدخل الحكومي للحد من النشاطات الاقتصادية الفردية، مما منح رجال الأعمال حرية الاستثمار.
- هذا الوضع أدى إلى فقدان السيطرة والتوجيه، مما يعني حرية كبيرة في المنافسة بين المنتجين المتشابهين.
- إدخال الآلات في العمليات الإنتاجية زاد من القدرة الإنتاجية، لكنه قلل من الطلب على العمالة، مما جعل فائض الإنتاج تحديًا للسوق.
- في ظل غياب السيطرة، أدى انهيار العلاقة بين العرض والطلب إلى حدوث فوضى اقتصادية كان من نتيجتها الأزمة في البلاد الرأسمالية.
- أحداث الحرب العالمية الأولى، بالإضافة إلى توقف الإنتاج في بعض الدول الأوروبية، ساهمت أيضًا في الوضع الاقتصادي المتدهور في الولايات المتحدة.
- عقب الحرب، تأقلمت العديد من الدول مع الإنتاج الحربى، مما أثر سلبًا على المنتجات الأمريكية.
- هذه الظروف أدت إلى تراكم البضائع والديون في الولايات المتحدة، حيث أفلس العديد من الشركات وطرد العمال، مما تسبب في زيادة معدلات البطالة وضعف القوة الشرائية وانتشار المشاكل الاجتماعية.
- كذلك، كانت الدول الأوروبية غير قادرة على سداد ديونها للولايات المتحدة، مما أدّى إلى فقدان الثقة في الخزانة الأمريكية من قبل المستثمرين الأمريكيين والأجانب.
- كان لذلك تأثير مباشر على بورصة وول ستريت، حيث باع المستثمرون في الشركات الكبرى أسهمهم بشكل مركز.
- أدى ذلك إلى انخفاض حاد في أسعار الأسهم، ما نتج عنه المزيد من حالات الإفلاس وزيادة التسريحات والبطالة.
تعرف أيضًا على:
نظريات محددة حول أسباب ظاهرة الكساد الكبير
1- انكماش غير مدين
- يُعتبر الانكماش من بين العوامل الأساسية التي أدت إلى الكساد الكبير، حيث شهدت آخر 25 عامًا من القرن التاسع عشر انكماشًا كبيرًا في الاقتصاد، كان مصحوبًا بعناصر من انكماش الإنتاجية نتيجة لتصحيح التضخم الناجم عن الحرب العالمية الأولى.
- في أوائل الثلاثينيات، كانت أسعار النفط في أدنى مستوياتها التاريخية، فيما بدأ الإنتاج من حقل نفط شرق تكساس، أكبر حقل في الولايات المتحدة.
- ومع زيادة المعروض من النفط، انخفضت الأسعار المحلية إلى أقل من 10 سنتات للبرميل.
2- الصدمة بالإنتاجية أو التكنولوجيا
- على مدى العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، شهدت الإنتاجية والناتج الاقتصادي زيادة كبيرة مرتكزة على استهلاك الكهرباء والتوسع في وسائل النقل واستخدام الآلات الزراعة.
- بحلول أواخر العشرينيات، أدى النمو السريع في الإنتاجية والاستثمار إلى حدوث فائض.
- بعد عام 1923، بسبب زيادة الإنتاجية، تعددت حالات البطالة بين العمال، مما جعل سوق العمل لا يستوعب بشكل كافٍ الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل، مما زاد من معدلات البطالة بعد عام 1925.
- بينما انخفضت ساعات العمل في الفترة التي سبقت الركود، كانت الأجور في وقتها غير قادرة على مواكبة نمو الإنتاجية، مما أدى إلى انخفاض استهلاك السلع مقارنة بزيادة الإنتاج.
- كان للتغير التكنولوجي السريع بعد عام 1910 تأثيره، حيث تباطأ الاستثمار الرأسمالي، نتيجة انخفاض الاستثمار في الهياكل التجارية.
- أدى ظهور محركات الاحتراق الداخلي وزيادة السيارات إلى تراجع تطوير السكك الحديدية المستخدمة كوسيلة نقل.
- بين عامي 1929 و 1941، كان معدل نمو إنتاجية العمال الأمريكيين الأعلى في تاريخهم، بسبب زيادة الإنتاجية في المرافق والنقل.
لمزيد من المعلومات، يمكنك الاستزادة من: