أمثلة على تفسير القرآن بالقرآن
تفسير الألفاظ المجملة في القرآن باستخدام القرآن
يتواجد عدد كبير من الآيات المجملة في القرآن الكريم، وقد حظيت باهتمام كبير من علماء التفسير الذين عملوا على توضيحها من خلال آيات أخرى. وفيما يلي بعض الأمثلة التي توضح كيفية تفسير الألفاظ المجملة في القرآن الكريم:
- المثال الأول: يعتبر المجمل من الآيات هو ما يحتاج إلى توضيح، ومن أمثلة ذلك تحريم بعض الأنواع من اللحوم التي تم ذكرها بإجمال في قول الله -تعالى-: (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ)؛ حيث يُفَسَّر هذا المجمل في آية أخرى بقوله -تعالى-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ…).
- المثال الثاني: مثال آخر هو قول الله -تعالى-: (لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ)؛ حيث بين معناه في قوله -تعالى-: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ). وقد استشهد عكرمة -رحمه الله- في توضيح الآية بما يدل على عدم إدراك الآبصار لجميع المخلوقات.
- المثال الثالث: يتجلى في حديث عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن الآية التي تقرأ: (الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بظُلْمٍ) حيث تم توضيح هذا الظلم على أنه الشرك، اعتماداً على قول لقمان -عليه السلام- لابنه.
- المثال الرابع: تم إدراج مقدار الإنفاق الإجمالي للإيمان في قوله -تعالى-: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، ثم جاء بيان تفاصيل ذلك في موضع آخر من سورة البقرة، حيث يشير الله -تعالى- إلى ضرورة الإنفاق من الفائض عن الحاجة.
- المثال الخامس: ورد في الآية: (إِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) بشكل مجمل، ووضحت تفاصيله في الآيات الأخيرة من السورة التي تشير إلى العذاب المعجل في الدنيا.
- المثال السادس: تأتي بيانات المجمل في القرآن الكريم بأشكال مختلفة؛ بعضها متصل مباشرة، وبعضها منفصل. ومن أمثلة ذلك:
- الآية المجملة المتصلة ببيانها، كما في قوله -تعالى-: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، حيث جاء البيان في الآية التالية.
- البيان المتصل بالمجمل في نفس السورة، ومثال ذلك في قوله -تعالى-: (وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً)، حيث ورد بيان الأزواج الثلاثة في الآيات التي تليها.
- أما الآيات المجملة التي تم بيانها في آية من سورة أخرى، فتتمثل في قوله -تعالى-: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) التي فُسرت في مكان آخر في سورة أخرى.
تحديد الألفاظ الشاملة في القرآن بالقرآن
تشمل أنواع التفسير مجموعة متنوعة، ومن أحد هذه الأنواع هو تحديد الألفاظ الشاملة عبر تخصيص العام أو تقييد المطلق، وفيما يلي بعض الأمثلة:
- المثال الأول: في قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ)، حيث جاء تقييد المطلق في قوله -تعالى-: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ).
- المثال الثاني: جاء في قوله -تعالى-: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ)، حيث فُسر الإطلاق المتعلق بالشهادة في البيوع لاحقاً بآيتين تقييديهما.
- المثال الثالث: توضيح الفقرة العامة في قوله -تعالى-: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ)، ثم جاء التخصيص في آية لاحقة.
- المثال الرابع: كما ورد في قوله -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا)، وتم تفسير حكم الزانية في آية لاحقة.
- المثال الخامس: تقييد المطلق في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا…)، حيث أُثبِتت الصداقة في الآية المستقبلية.
- المثال السادس: استغفار الملائكة لأهل الأرض ذكر في قوله -تعالى-: (وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)، حيث كان تقييد الاستغفار للمؤمنين فقط.
تفسير الكلمات الغريبة في القرآن بالقرآن
توجد العديد من الألفاظ الغريبة التي تم توضيح معانيها في مواضع أخرى من القرآن، ومن بينها:
- كلمة (سِجّيل) التي وردت في قوله -تعالى-: (فَلَمّا جاءَ أَمرُنا جَعَلنا عالِيَها سافِلَها). وقد تم تفسيرها على أنها تعني الطين، كما أوضحت آيات أخرى.
- كلمة (هلوعاً) التي وردت في قوله -تعالى-: (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) وتم توضيح معناها بشكل أكبر في آيات لاحقة من السورة ذاتها.
- كما ظهرت كلمة (الطارق) في قوله -تعالى-: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) وتفسيرها موجود في الآيات التالية.
- كلمة (أولياء) التي وردت في قوله -تعالى-: (أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّـهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم)، وتم توضيح معناها في السورة نفسها.
- التعبير عن (يوم الدين) جاء في سورة الفاتحة وفسر في سورة أخرى بطريقة مناسبة.
- قوله -تعالى-: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، حيث جاء تفسيرها في آيات لاحقة من السورة.
- كلمة (باخعٌ) التي ذُكرت في سورة الكهف وكيف تم تفسير معناها في آيات أخرى.
- كلمة (تُسوّى) الواردة في آيات يوم القيامة، وكذلك كلمة (المُرسَلات) وتفسيرها كرياح في القرآن.
صور تفسير القرآن بالقرآن
يُفهم تفسير القرآن بالقرآن على أنه يتضمن جمع آيات تتعلق بموضوع مشترك، ومن ثم النظر فيها بشكل شامل لفهم العلاقات بينها كالتقييد والتفسير والتخصيص. وهذه الطريقة تعتبر من أفضل السبل لفهم المعاني، ويجب على المفسر أن يكون متمكنًا في اللغة العربية ليتمكن من إدراك الأساليب التي استخدمها القرآن الكريم، ذلك أن القرآن نُزِل باللغة العربية وتوجه إلى العرب. ولتفسير القرآن الكريم صور عدة تشمل بيان المجمل وتخصيص العام وبيان الناسخ والمطلف.