فتوحات أبي بكر الصديق في الشام
في السنة الثانية عشرة للهجرة، توجه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- لأداء مناسك الحج. وبعد إتمامه فريضة الحج، بادر إلى تجهيز القوات لفتح الشام، حيث عُين على هذه الجيوش عدد من القادة البارزين، مثل عمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وأبو عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة -رضوان الله عليهم-. وقد كانت الفتوحات الإسلامية في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- تتوزع على جبهتين رئيسيتين كما يلي:
- الجبهة الشرقية، حيث قادها قائدان بارزان هما خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة، اللذان حققا انتصارات ملهمة.
- الجبهة الغربية في الشام، حيث كانت القوات الرومية. أرسل أبو بكر جيشاً بقيادة يزيد بن أبي سفيان -رضي الله عنه- نحو دمشق، وجيشاً آخر إلى فلسطين بقيادة عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، بالإضافة إلى جيش نحو الأردن تحت قيادة شرحبيل بن حسنة -رضي الله عنه-، وجيش آخر إلى حمص بقيادة أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-، الذي تولى القيادة العامة على جميع الجيوش، ليصل عدد المقاتلين إلى 240 ألف.
تجهيز هذه الجيوش جاء بعد أن تكبد جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد هزيمة على يد الروم، وعندما وصلت هذه الأخبار إلى الخليفة أبي بكر -رضي الله عنه-، قام بتجهيز الجيوش الأربعة للذهاب إلى الشام للمشاركة في معركة اليرموك ضد الروم. كما أرسل أبو بكر رسالة إلى خالد في العراق يأمره بالتوجه إلى الشام للقتال جنباً إلى جنب مع القوات هناك، وحقق المسلمون انتصاراً ساحقاً في معركة اليرموك، مما شكل نقطة انطلاق لاستكمال فتح بقية مناطق الشام.
كانت الشام من أولويات الخليفة أبي بكر -رضي الله عنه- نظراً لعلاقاتها التجارية القوية مع العرب، حيث كان سعيد بن العاص الأُموي أول من قام بالذهاب إلى بلاد الشام، متوجهاً إلى دمشق ثم أرسل جيشاً آخر إلى وادي القرى وتبوك والجابية ودمشق. وكان هدف الجيش الثاني بقيادة شرحبيل الوصول إلى بصرى عبر طريق معان، بينما كانت وجهة جيش أبي عبيدة هي حمص من خلال وادي القرى. أما جيش عمرو، فتوجه إلى فلسطين عبر الساحل. وقد حقق المسلمون انتصارات في معارك مؤاب وداثن ومرج الصفر، وتوالت الفتوحات لتشمل تدمُر، والقريتين، وحوارين.
فتوحات أبي بكر الصديق في العراق
قد واجه المسلمون الفرس على الجبهة الشرقية، التي تشمل العراق وغرب الشام وشمال الجزيرة. وتزعم هذه المعارك كل من خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة، حيث تمكنوا من فتح مناطق مثل الحيرة والأنبار ودومة الجندل وغيرها. وقد أمرهم أبو بكر -رضي الله عنه- بالتوجه نحو الشام، مما أدى إلى توقف الفتوحات بالعراق، التي استكملها الخليفة عمر بن الخطاب.
خلال حروب الردة، قام المثنى بن حارثة بملاحقة المرتدين نحو الشمال، وعند وصوله إلى العراق واجه تجمعات كبيرة من الفرس، فأرسل إلى الخليفة طلب المدد، حيث أرسل إليه خالد بن الوليد. وشاركت القوات في معارك ذات السلاسل، والمذار، والولجة، وأليس، والحيرة، وعين التمر، والأنبار. وقد حقق خالد انتصارات باهرة تم من خلالها فتح أجزاء كبيرة من العراق، بما في ذلك أمغيشيا ودومة الجندل والحصيد والخنافس والمصيخ والثني والزميل والفراض.
أسباب الفتوحات في عهد أبي بكر الصديق
يمكن تلخيص أسباب الفتوحات في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- في عدة نقاط رئيسية كما يلي:
- تمهيد الطريق أمام الدعوة الإسلامية ونشرها دون أي عوائق أو اعتداء، وضمان الحرية لنشر العقيدة.
- مواجهة الأعداء المقاتلين مثل الفرس والروم، إذ كان من الضروري دحر هجماتهم.
أسباب قلة فتوحات أبي بكر الصديق
تتعدد الأسباب وراء قلة الفتوحات خلال فترة حكم أبي بكر -رضي الله عنه-، ومن أهمها:
- قصر مدة خلافته، والتي استمرت لعامين وثلاثة أشهر.
- انشغاله بحروب الردة.
- حرصه على إثبات قوة المسلمين.