المدارس اللسانية الغربية الحديثة
تتسم المدارس اللسانية الغربية الحديثة بتنوعها واختلاف مناهجها، ومن أبرزها: المدرسة البنيوية، والمدرسة الوظيفية، ومدرسة براغ، والمدرسة الإنجليزية، ومدرسة كوبنهاغن، والمدرسة الأمريكية.
المدرسة البنيوية
تسعى المدرسة البنيوية إلى دراسة اللغة كنظام قائم بذاته، حيث ترتكز على منهج يعتمد قواعد أساسية تشمل:
- تحليل كل بناء إلى عناصره الأساسية.
- تحديد زاوية التحليل والتركيب لكل بناء، والتي تعكس البعد الإنساني، إذ تهدف البنيوية إلى تطوير الأنظمة الإنسانية المختلفة.
- اكتشاف العوامل الأساسية التي تكمن خلف كل بناء، والتي تظهر من خلال العلاقات الموضوعية.
من بين المبادئ الرئيسية التي قدمها مؤسس البنيوية فردينان دي سوسير، يمكن تلخيص ما يلي:
- التمييز بين الدراسة الوصفية للغة كظاهرة داخلية والدراسة التاريخية.
- تُعرّف اللغة كنظام من الإشارات التي تخدم أغراض التواصل، حيث تتكون الإشارات من:
- الدال: وهو مجموعة الأصوات القابلة للفصل.
- المدلول: وهو المعنى أو المفهوم الدال عليه.
- التفريق بين اللغة والكلام؛ فاللغة، وفق سوسير، تُعتبر رصيداً اجتماعياً يُكوّنه الأفراد من خلال تواصلهم، وهي نظام نحوي موجود تقديريًا في كل عقل. من خلال هذا التفريق، نفصل بين ما هو فردي وما هو اجتماعي، وما هو جوهري عن ما هو عرضي.
- اللغة هي نظام ترتبط فيه جميع أجزائها ببعضها، مما يتيح لها أداء وظائف التواصل بشكل فعال.
المدرسة الوظيفية لأندري مارتيني
تعتبر المدرسة الوظيفية أن دراسة اللغة تركز على الوظائف التي تؤديها في المجتمع خلال تواصل الأفراد. وتتضمن المبادئ الأساسية لهذه المدرسة ما يلي:
- الوظيفة
يسعى الباحثون إلى تحديد الوحدات الصوتية التي تؤدي وظائف معينة ضمن اللغة، حيث يبحثون عن العناصر التي يمكن أن تغير المعنى عند استبدالها. وبالتالي، يجب على الباحث تصنيف مجموعة من الوحدات اللغوية بناءً على المتشابهات والاختلافات، مما يكشف النقاب عن القيم الذاتية أو الوظائف لهذه الوحدات. على سبيل المثال:
قال ……. الرجل
سافر ……. الرجل
ذهب ……. الرجل
- التقطيع المزدوج
يشير هذا المبدأ إلى ضرورة تحليل الوحدات اللغوية على مستويين:
- التقطيع الأولي:
وهو يتضمن الكلمات الدالة، مثل: أحضر الولد الكتاب: / أحضر / أل / ولد / أل / كتاب.
- التقطيع الثانوي:
يعتمد على تحليل تلك الوحدات المستقلة إلى الفونيمات، وهي أصغر الوحدات الصوتية غير الدلالية. وهذا المبدأ يعزز قدرة اللغة على التعبير عن عدد لا نهائي من الأفكار والمعاني المجردة من خلال عدد محدود من الفونيمات، مما يدعم مفهوم الاقتصاد اللغوي في اللسانيات.
مدرسة براغ
تعطي هذه المدرسة أهمية كبيرة للامتداد الاجتماعي للغة، وتربط بين الدراسة الوصفية الحاضرة والدراسة التطورية. وقد تلخصت مبادئها في ما يلي:
- تعتبر اللغة وسيلة تعبيرية غائية ونتاج للجهود الإنسانية، موجهة لتحقيق أهداف التواصل.
- تؤكد المدرسة أن التحليل الوصفي للظواهر اللغوية الحالية هو السبيل لفهم جوهر اللغة وخصائصها.
- اعتماد المنهج المقارن كأداة للبحث اللساني.
- توزيع دراسة النظام اللغوي على مستويات متعددة، تشمل الدراسة الصوتية، والصرفية، والبنى التركيبية.
المدرسة الإنجليزية
توجهت هذه المدرسة في بحوثها إلى دراسة الظواهر اللغوية في سياقها وتبعياتها، وقد قامت على نزعتين رئيسيتين:
- الأصوات الوظيفية (الفونولوجية).
- الاتجاه الدلالي الثقافي.
مدرسة كوبنهاغن
تأسست مدرسة كوبنهاغن على مجموعة من المبادئ التالية:
- علم اللغة يشابه المنطق؛ إذ أن البنية اللغوية تمثل كياناً صوريًا مجرداً يحتوي على معادلات جبرية لغوية منفصلة عن المعاني والأصوات.
- تعتبر اللغة كيانًا حراً يتمتع بعلاقات داخلية.
- تنظر المدرسة إلى اللغة من منظور ثلاث أسس:
- الهيكل: يمثل اللغة كنموذج صورة.
- القاعدة: تُعتبر اللغة شكلاً مادياً يُستخدم في التواصل.
- الاستعمال: يمثل اللغة كمجموعة من العادات الخاصة بالمتحدثين.
المدرسة الأمريكية
- تأثر أتباع هذه المدرسة بالمذهب السلوكي في علم النفس، واعتبروا اللغة مجموعة من العادات السلوكية، مع تعريف اللغة كسلوك لغوي يشبه سلوكيات أخرى.
- تمت دراسة اللغات المغمورة بجديّة، واعتبرت بنفس أهمية اللغات الشائعة، مع التركيز على ما يساهم به المتحدثون في الفكر والثقافة.
- في هذه المدرسة، أُعطيت الأولوية للغة المحكية باعتبارها اللغة الوحيدة الجديرة بالدراسة، حيث أصبحت طريقة الحديث هي المعيار الأساسي لتقييم اللغة بعيدًا عن أساليب النحو التقليدية.
- أكدت على أهمية تعلم لغة النطق أولاً، ثم لغة الكتابة لاحقًا.
- على الرغم من عدم دراسة المعنى بشكل مباشر، إلا أنهم لم يقللوا من أهميته في التحليل اللغوي.