الثروة العائلية: اكرم والديك بحياتك
- يقول أبو العلاء المعري:
العيشُ ماضٍ، فأكرِمْ والدَيكَ بهِ،
والأُمُّ أوْلى بإكرامٍ وإحسانِ.
وحَسبُها الحملُ والإرضاعُ تُدْمِنُهُ،
أمرانِ بالفَضْلِ نالا كلَّ إنسانِ.
واخشَ الملوكَ وكن طائعًا لهم،
فالمَلْكُ للأرضِ مثلُ المطرِ السّاني.
إن يظلِموا، فلهمْ نَفعٌ يُعاشُ به،
وكم من الأيادي قد حملوكَ أو بفُرْسانِ.
وهل خلتْ، قبلُ، من جورٍ ومَظلمةٍ،
أربابُ فارسَ، أو أربابُ غَسّانِ؟
خيلٌ إذا سُوّمتْ، ما حُبستْ
إلاّ بلُجمٍ تُعَنّيها، وأرسانِ.
صدقة للمعاقين: كن لطيفًا
- يقول أبو العلاء المعري:
تصَدّقْ على الأعَمى بأخذِ يمينه،
لتَهدِيَهُ، وامنُنْ بإفهامكَ للصُمِّ.
وإنشادُكَ العَوْدَ الذي ضَلّ، نعيُه
عليكَ، فما بالُ امرىءٍ حيثما أمّا؟.
وأعطِ أباكَ النَّصْفَ حَيّاً ومَيّتاً،
وفَضّلْ عليهِ من كَرامَتها الأُمّا.
أقلُّكَ خِفّاً، إذ أقَلّتْكَ مُثْقِلاً،
وأرضَعتِ الحوْلينِ، واحتَلَتْ تِمّا.
وألقَتكَ عن جَهدٍ، وألقاكَ لذّةً،
وضمّتْ وشمّتْ مثلما ضمّ أو شَمّا.
وأحمدُ سمّاني كبيري، وقلّما
فعلتُ سوى ما أستَحِقُّ به الذّمّا.
تُلِمُّ اللّيالي شأنَ قومٍ، وإنْ عفَوْا
زَماناً، فإنّ الأرض تأكلهمْ لمّا.
يموتون بالحُمّى، وغَرْقَى، وفي الوَغى،
وشتى منايا، صادفت قدراً حُمّا.
وسهل على نفسي، التي رُمتُ حزنها،
مَبيتُ سهيلٍ للركائبِ مؤتَمّا.
وما أنا بالمَحزونِ للدّارِ أوحَشَتْ؛
ولا آسِفٌ إثَر المطيّ إذا زُمّا.
فإنْ شئتمُ، فارموا سهوباً رحيبَةً؛
وإن شئتمُ، فاعلُوا مناكَبها الشَّمّا.
وزاكٍ تردّى بالطّيالسِ وادّعى،
كذِمرٍ تَردّى بالصّوارِمِ واعتَمّا.
ولم يكفِ هذا الدّهرَ ما حَمَلَ الفتى
منَ الثّقلِ، حتى ردّهُ يحمِلُ الهَمّا.
ولو كان عقلُ النفس، في الجسم، كاملاً،
لما أضمَرَتْ، فيما يُلمُّ بها، غمّا.
ولي أملٌ قد شبتُ، وهو مصاحبي،
وساوَدَني قبلَ السّوادِ، وما همّا.
متى يُوِلكَ المرءُ الغَريبُ نَصيحَةً،
فلا تُقصِه، واحبُ الرّفيقَ، وإن ذمّا.
ولا تَكُ ممنْ قرّبَ العَبدَ شارِخاً،
وضَيّعَهُ إذا صارَ، من كبرٍ، هِمّا.
فنعمَ الدّفينَ اللّيلُ، إن باتَ كاتماً
هواكَ، وبُعداً للصّباح، إذا نَمّا.
نهيتُكَ عن سهم الأذى ريشَ بالخنى،
ونصّلَهُ غيظٌ، فأُرْهِفَ أو سُمّا.
فأرسلتهُ يَستَنهضُ الماءَ سائِحاً،
وقد غاضَ، أو يستنضِبُ البحرُ إذ طمّا.
يُغادِرُ ظِمأً في الحَشا غَيرَ نافعٍ،
ولو غاضَ عَذباً، في جوانحهِ، اليمّا.
وقد يَشبِهُ الإنسانُ جاءَ لرُشدهِ
بَعيداً، ويَعدو شِبهُهُ الخالَ والعمّا.
ولستُ أرى في مَوْلدٍ حُكمَ قائفٍ،
وكم من نَواةٍ أنبَتتْ سُحُقاً عُمّا.
رَمَيتُ بنَزْرٍ من مَعائبَ، صادِقاً،
جَزاكَ بها أربابُها كَذِباً جَمّا.
ضَمِنْتُ فؤادي للمَعاشرِ كلِّهمْ،
وأمسكتُ لمّا عظَموا الغارَ، أو خمّا.
تحمل الأعباء عن الأهل
- يقول أبو العلاء المعري:
تحمّلْ عن أبيكَ الثّقلَ، يوماً،
فإنّ الشّيخَ قد ضَعُفتْ قواهُ.
أتَى بكَ عن قضاءٍ لم تُرِدْهُ،
وآثَرَ أن تَفوزَ بما حَواه.
صَديقُكَ في الجِهارِ عدوُّ سِرٍّ،
فلا تأسَفْ إذا شحَطَتْ نَواه.
ركنتَ إلى الفَقيرِ، بغَيرِ عِلمٍ،
وكم زَوْرٍ لسائِلِهِ رَواه.
وما في نَشرِ هذا الخلقِ نُعمى،
فهل يُلحَى الزّمانُ إذا طَواه؟.
فصِيلُ أخيك يَشكو طولَ ظمءٍ،
بما لاقَى فصيلُكَ من غَواه.
وكيفَ يؤمّلُ الإنسانُ رُشداً،
وما يَنفَكُّ مُتّبِعاً هَواه.
يَظُنُّ بنَفسِهِ شرفاً وقدْراً،
كأنّ اللَّهَ لم يخلُقْ سِواه.
ألا تَثني جِمالَكَ نحوَ مَرْعًى،
فهَذا الرّملُ لم يَنبُتْ لِواه.
ولَستُ بمُدرِكٍ أمراً قريباً،
إذا ما خالقي عنّي زَواه.
قصيدة في حب الأم
- يقول إبراهيم المنذر:
أَغرى امرؤٌ يوماً غلاماً جاهلاً
بنقودهِ حتى ينالَ به الوطرْ.
قال ائتني بفؤادِ أُمِّكَ يا فتى
ولكَ الدراهمُ والجواهرُ والدُّررْ.
فمضى وأَغمدَ خنجراً في صدرِها
والقلبَ أخرجَهُ وعادَ على الأثرْ.
لكنهُ من فرطِ دهشتهِ هوى
فتدحرجَ القلبْ المعفرُ إِذا عثرْ.
ناداهُ قلبُ الأمِّ وهو معفرٌ
ولدي حبيبي هل أصابَكَ من ضررْ.
فكأَنَّ هذا الصوتَ رغمَ حُنُوِّهِ
غضبُ السماءِ على الولدِ انهمرْ.
فاستسلَّ خِنْجَرَه ليطعنَ نفسهُ
طعناً سيبقى عبرةً لمن اعتبرْ.
ناداهُ قلبُ الأمِّ كفَّ يداً ولا
تطعنْ فؤادي مرتينِ على الأثرْ.
أوجب الواجبات إكرام أمي
إن أمي أحق بالإكرام.
حملتني ثقلاً ومن بعد حملي
أرضعتني إلى أوان فطامي.
ورعتني في ظلمة الليل حتى
تركت نومها لأجل منامي.
إن أمي هي التي خلقتني
بعد ربي فصرت بعض الأنام.
حب الوطن ينبض في القلوب
- يقول عبد الرحمن العشماوي:
ما قصة الحب التي هتفت بها
شفة القصيد وغنت الأوزانُ.
هي قصة الوطن الكبير تعانقت
في ظله الواحات والكثبانُ.
وطنُ تجمّع بالعقيدة شمله
وأقيم منه على الهدى البنيانُ.
وطنٌ عباءته الشموخ وثوبه
ثوب الإباء ودرعه الإيمانُ.
وطن تبادله النجوم ضياءها
ألقاً ويسقط دونه العدوانُ.
وطنٌ له الربح الكبير بدينه
ولحاسديه البؤس والخسرانُ.
وطن حباه الله خدمة بيته
شرفاً، له كل الزمان زمانُ.
في راية التوحيد منه حقيقة
كبرى عليها تثبت الأركان.
وطنٌ أتاكَ اليوم يرفع رأسه
ويمد كف الحب يا سلطانُ.
بأبيك – بعد الله – قام كيانهُ
نعم الأبُ الباني ونعم كيانُ.
وافاك خادم مسجديه مرحباً
وتسابق الإخوان والأعوانُ.
وبك احتفى رجل المواقف نايف
وشعاره التقدير والعرفانُ.
حياك منه وفاؤه وولاؤه
وعطاؤه الميمون والإتقانُ.
لله موكبك الكريم يزُّفه
بإخائه ووفائه سلمانُ.
ما جئت أنت، وإنما جاء الرضا
لما أتيت وغابت الأحزانُ.
فرحت بمقدمك (الكراسيُّ) التي
في كل جامعة لها عنوانُ.
ترعى العلوم بها وتلك رعاية
فيها على إحسانك البرهانُ.
واستبشرت (موسوعة عربية)
لبهائها في المكتبات مكانُ.
واستبشرت لغة العروبة لم تزل
بين اللغاتِ بما بذلت تصانُ.
خذها إليك مع المودَّة دعوةً
أن يستقر بعدله الميزانُ.