أنواع الفواصل القرآنية
تصنيف الفواصل حسب التماثل والقرب في الحروف
تُقسم الفواصل القرآنية من منظور التماثل والقرب في الحروف إلى نوعين رئيسيين هما:
- الفواصل المتماثلة
تُعرف الفواصل المتماثلة بأنها تلك التي تتشابه فيها الحروف الأخيرة، ويُشار إليها بالحرف الروي، سواء كانت في الحرف الأخير كما في قوله -تعالى-: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) أو في الحرفين الأخيرين مثل قوله -تعالى-: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)، وأيضاً كما في قوله -تعالى-: (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرك).
كما يمكن أن تُذكر هذه الفواصل بالأحرف الثلاثة الأخيرة، مثل قوله -تعالى-: (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) أو بالأحرف الأربعة الأخيرة كما في قوله -تعالى-: (فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) و(ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ).
تظهر الفواصل المتماثلة في إحدى عشرة سورة من سور المفصّل (من -ق إلى نهاية القرآن-)، ومعظمها سور مكية، وقد أطلق عليها البعض مصطلح “المتجانسة” أو “الفواصل ذات المناسبة التامة”.
- الفواصل المتقاربة
تُعرّف الفواصل المتقاربة بأنها تلك التي تتميز بتقارب الحروف فيها، سواء من حيث المخرج أو الصفة، كما في حالات الذال والسين. يتجلى ذلك في قوله -تعالى-: (الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، حيث يُلاحظ قرب الميم والنون في المقطع.
وهناك أمثلة أخرى على هذا النوع، مثل تقارب الدال والباء في قوله -تعالى-: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) وأيضاً في قوله -تعالى-: (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ).
تصنيف الفواصل إلى متوازية، مطرفة، ومتوازنة
قد وضع العلماء تصنيفاً آخر للفواصل القرآنية، والذي يتضمن الفواصل المتوازية، المطرفة، والمتوازنة، وسنتناولها فيما يلي:
- الفواصل المتوازية
تُعرف الفواصل المتوازية بأنها تلك الفواصل التي تتفق فيها الفاصلتان في الوزن الصرفي والحروف. مثال على ذلك قوله -تعالى-: (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ* وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ)، وتعتبر هذه الفواصل من أجلّ أنواع الفواصل الثلاثة.
- الفواصل المطرفة
أما الفواصل المطرفة، فهي تلك التي تتشابه فيها الفاصلتان بالحروف ولكن ليس بالوزن، كما في قوله -تعالى-: (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً* وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً). يُظهر هذا التشابه بين الفاصلتين أنّ الفاصلة الأولى تأتي على وزن مفعولة، بينما الثانية تأتي على وزني فعال وأفعال.
- الفواصل المتوازنة
تُعتبر الفواصل المتوازنة هي تلك التي تراعى فيها مقاطع الكلام بواسطة الوزن فقط. يُمثّل ذلك في قوله -تعالى-: (وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ* وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)، وأيضاً في قوله -تعالى-: (وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).
تصنيف الفواصل إلى متمكنة، موشَّحة، مُوغِلة، ومُصدَّرة
ورد تصنيف ثالث للفواصل القرآنية، كما ذكره بعض العلماء، يتضمن الأنواع التالية:
- الفواصل المتمكنة
تُعرف الفواصل المتمكنة بأنها تلك التي تحتاج إلى تمهيد قبلها، وتعتبر مستقرة وملائمة للمعنى العام، كما في قوله -تعالى-: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً).
- الفواصل المصدرة
فيما يتعلق بالفواصل المصدرة، يُشير هذا النوع إلى ذكر الفاصلة في نص الآية، كما في قوله -عز وجل-: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
- الفواصل الموشَّحة
تُشير الفواصل الموشَّحة إلى تلك الحالة التي تُذكر فيها الفاصلة بمعناها في بداية الآية، مما يُظهر تشابهاً مع الفواصل المصدرة، حيث يُكون التصدير في اللفظ، بينما تكون التوشيحة في المعنى. مثال على ذلك قوله -تعالى-: (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ)، بالإضافة إلى قوله -تعالى-: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
- الفواصل الموغلة
تُشير الفواصل الموغلة إلى تلك التي تضيف معنى جديداً بعد انتهاء معنى الآية. يتجلى ذلك في قوله -تعالى-: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). في هذه الحالة، يُختتم الحديث عند قوله -سبحانه-: (لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ)، ولكن الفاصلة تضيف معنى آخر، وهو عجزهم عن إنجاز مثل القرآن، حتى وإن اجتمعوا جميعهم.