أبيات في وصف الطبيعة
- ينشد إيليا أبو ماضي:
روضةٌ إن زرتها حزينةً
تريح عن قلبك الهمومَ الكئيبة
تعود قلب المحب مُشغفًا
وتنسى العاشق حبيبه
إذا بكى عليه الغيمُ تشقَّت
من الحزن زهره الجيوبَ
تجد لديه الصفاءَ طروبًا
ولست تجد فيه دثورا
وشاهد قطر الندى فأصبح
رداؤه علامةً قديمة
فمن أغصانٍ تتميلُ تيهًا
ومن زهورٍ تفوح طيبًا
ومن طيورٍ إذا غنت
عاد المحب لها مغتبطًا
ونرجسٍ كالرقيب يراقب
وليس ما يتطلب رقيبًا
وأقحوانٍ يُريك درًا
وجلنارٍ قد حكى اللهيبًا
وجداول لا تزال تجري
كأنها تتبع مريبًا
تسمع طربًا له خريرًا
وأحيانًا في الزرَى دبيبًا
إذا تترامى على جدبٍ
أصبح به مربعا خصيبًا
أو يتجنى على خصيبٍ
أعادَه قاحلا جدبًا
صحيحٌ لو جاءه مريضٌ
لم يأتِ من بعده طبيبًا
وكل معنى به جميلٌ
يعلم الشاعر النسيبَا
أرضٌ إذا زارها غريبٌ
أصبح عن أرضه غريبًا.
- يقول أحمد شوقي:
تلك الطبيعة قف بنا يا ساري
حتى أريك بديع صنع الباري
الأرض حولك والسماء اهتزتا
لروائع الآيات والآثار
من كل ناطقة الجلال كأنها
أم الكتاب على لسان القاري
دلت على ملك الملوك فلم تدع
لدلائل الفقهاء والأحبار
من شك فيه فنظرة في صنعه
تمحو أثيم الشك والإِنكار
كشف الغطاء عن الطور واهتدت
منه الطبيعة غير ذات ستار.
أبيات في العتاب
- يقول الغطمش الضبي:
ألا الرب من يغتابني ودّ أنني
أبوه الذي يُدعى إليه وينسب
على رشدةٍ من أمه أو لغيّة
فيغلبها فحل على النسل مُنجب
فبالخير لا بالشر فارجُ مودتي
وأي امرئ يُقتال منه التَّرهب
أقول وقد فاضت لعيني عبرةٌ
أرى الأرض تبقى والأخلاّء تذهب
أخلاءٍ لو غير الحِمام أصابكم
عتبت ولكن ما على الدهر مَعتب
وكيف أرجّي أن أعيش وقد ثوى
عبيد وجوّاب وقيس وجرعب.
- يقول أحمد شوقي:
على قدر الهوى يأتي العتاب
ومن عاتبت تفديه الصحاب
صحوت فأنكر السلوانَ قلبي
عليَّ وراجع الطربَ الشباب
وللعيش الصبا فإذا تولى
فكل بقية في الكأس صاب
وما ورثت له عندي حبال
ولا ضاقت له عني ثياب
كأن رواية الأشواق عود
على بدء وما كمل الكتاب
إذا ما اعتضت عن عشق بعشق
أعيد الكأس وامتدّ الشراب
وكل هوى بلائمة مشوب
وحبك في الملامة لا يشاب
لأنك أنت للأوطان كهف
وأنت حقوق مصرك والطلاب.
- يقول ابن سناء الملك:
أصبتِ فؤاديَ لما رميتِ
ولم ينجني منك فرط الحذر
وما إن رميتِ بسهم القسّي
ولكن رمَيْتِ بسهم النظر
فنظرةُ طرفك تفويقهُ
وكسرةُ جفنِك دفع الوتَر.
أبيات في الموت
- يقول أبو العلاء المعري:
إن يقرب الموت مني
فلست أكره قربه
وذاك أمنع حصنٍ
يصبر القبرَ دربه
من يلقه لا يُراقَب
خطباً ولا يخشى كربه
كأنني ربّ إبلٍ
أضحى يمارس جربه
أو ناشطٌ يتبغى
في مقفر الأرض عِربه
وإن رُددتُ لأصلي
دفنت في شرِّ تربه
والوقتُ ما مرَّ إلا
وحلَّ في العمرِ قُدُره
كلٌ يُحاذِرُ حتفاً
وليس يعدم شربه
ويتقي الصارم العض
بأن يباشر غربه
والنزْعُ فوق فراشٍ
أشقّ من ألف ضربة
واللبّ حارب فينا
طبعًا يكابد حربه
يا ساكن اللحد عرِّف
نيّة الحمام وإربه
ولا تَضِنَّ فإنّي
ما لي بذلِكَ دربه
يكرُّ في الناس كالأج
دل المعاود سربه
أو كالمُعير مِن العا
سِلاتٍ يطرق زربه
لا ذات سِرب يُعري الرَ
دى ولا ذات سُربه
وما أظن المنايا
تخطو كواكب جربه.
- يقول الفرزدق:
أرى الموت لا يبقي على ذي جلادةٍ
ولا غيرةٍ إلا دنا له مرصَدًا
أما تصلح الدنيا لنا بعض ليلةٍ
من الدهر إلا عاد شيءٌ فأفسدًا
ومن حمل الخيل العتاق على الوَجا
تقادُ إلى الأعداءِ مثنىً وموحدا
لعَمرك ما أنسى ابن أَحوَز ما جرت
رِيَاحٌ وما فاء الحَمامُ وغرَّدا
لقد أدرك الأوتارَ إذ حمي الوغى
بأزد عمان إذ أباحوا وأشهدا.