أسباب الشقيقة
حتى الآن، لا يزال السبب الدقيق للإصابة بالشقيقة (أو الصداع النصفي) غير معروف، لكن يُعتقد أن ذلك يعود إلى وجود خلل في نشاط الدماغ، مما يؤثر مؤقتًا على السيّالات العصبية والمركبات الكيميائية والأوعية الدموية في الدماغ. تشير الأبحاث إلى أن التغيرات في منطقة جذع الدماغ وتفاعلها مع العصب الثلاثي التوائم، الذي يعد أحد المسارات الرئيسية لنقل الألم، قد تلعب دورًا في تطوير الشقيقة. قد يتسبب الاضطراب في مستويات بعض المركبات الكيميائية في الدماغ في ظهور الصداع النصفي. من بين هذه المركبات الكيميائية نجد:
- السيروتونين (5-هيدروكسي التريبتامين): يُعتبر أحد النواقل العصبية الأساسية، ويتواجد في الدماغ والصفائح الدموية والأمعاء، حيث يؤثر في تنظيم عدة وظائف مثل الشهية والمزاج والنوم. تشير الدراسات إلى أن اضطراب مستواه قد يتسبب في ظهور الشقيقة.
- الببتيدات المرتبطة بجين الكالسيتونين: بروتينات صغيرة تلعب دورًا في نقل الألم وتفاقم حدته أثناء نوبة الشقيقة، وقد تكون مسؤولة عن تحفيز الهجمة.
على الرغم من أن السبب الحقيقي للخلل الوعائي العصبي غير معروف، يُعتقد أن الجينات لها دور في زيادة احتمال الإصابة بالشقيقة عند التعرض لمجموعة معينة من المحفزات. عادة ما تتسبب التغيرات الجينية في الشقيقة، لكن وجودها لا يضمن إصابة الشخص. عوامل بيئية متعددة بالتعاون مع العوامل الجينية تلعب دورًا أيضًا. بالنسبة لمصدر الألم الناتج عن الصداع النصفي، فإن ذلك يُعزى إلى تفاعل الإشارات بين الدماغ والأعصاب والأوعية الدموية المحيطية. حيث يتم تنشيط أحد الأعصاب لإرسال إشارات الألم إلى الدماغ، مع أن السبب وراء تنشيط هذه الأعصاب يبقى لغزًا. مراكز الألم في الدماغ ترسل إشارات لأوعية الدم، مما يسبب إفراز السيروتونين وتضخم الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى الإحساس بالألم.
عوامل خطر الشقيقة
إن أي شخص يمكن أن يُصاب بالشقيقة، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من احتمال تعرضه لها، ومن أبرز هذه العوامل:
- الجنس: تُظهر النساء تعرضًا أعلى للإصابة بالشقيقة من الرجال بحوالي ثلاثة أضعاف.
- التاريخ العائلي: تُشير الدراسات إلى أن معظم المصابين لديهم فرد من العائلة يعاني من نفس المشكلة.
- وجود مشكلات صحية أخرى: مثل الاكتئاب والقلق والصرع واضطرابات النوم واختلال المزاج.
محفزات الشقيقة
تُعتبر محفزات الشقيقة فردية وتعتمد على كل شخص. لذا، يُنصح المرضى بتدوين يومياتهم لتحديد المحفزات الخاصة بهم. ومن المحفزات المحتملة للشقيقة: التغيرات الهرمونية، المؤثرات العاطفية، العوامل الجسدية، الأطعمة، العوامل البيئية، والأدوية. إليكم شرحًا لكل من هذه المحفزات:
المحفزات العاطفية
يُعتبر التوتر من أكثر المحفزات شيوعًا، حيث يلعب دورًا مباشرًا في حدوث نوبات الشقيقة. وقد يؤدي التوتر إلى تحفيز إفراز بعض المواد الكيميائية في الدماغ، مما يزيد احتمالية النوبات. ومن المحفزات العاطفية الأخرى:
- الخوف.
- القلق.
- الإثارة.
- الأرق.
- العصبية.
- الاكتئاب.
المحفزات البدنية
تشمل العوامل البدنية المحتملة لنوبات الشقيقة ما يلي:
- قلة النوم.
- تنظيم العمل بنظام المناوبات.
- الوضعيات الجسدية غير المناسبة.
- الشد العضلي في الكتفين أو الرقبة.
- اضطرابات الرحلات الجوية الطويلة.
- نقص سكر الدم.
- ممارسة تمارين مجهدة غير معتادة.
المحفزات البيئية
يمكن أن تشمل العوامل البيئية ما يلي:
- الأضواء الساطعة.
- الروائح القوية.
- التدخين السلبي.
- الضوضاء.
- نقص التهوية.
- التغييرات الجوية (مثل العواصف وارتفاع الرطوبة).
المحفزات الغذائية
بعض المواد الغذائية قد تكون محفزات لنوبات الشقيقة مثل الكحول والشوكولاتة واللحوم المعالجة. من المهم أن يراقب المريض ما يتناوله من غذاء لتحديد ما قد يؤدي إلى نوبات الشقيقة. ويُنصح بالتوقف عن تناول أي غذاء مشكوك فيه لمراقبة مدى تأثيره على الأعراض.
من الجيد أن نلاحظ أن الجفاف، حتى ولو كان خفيفًا، يمكن أن يزيد من نوبات الشقيقة، وقد تؤدي إلى أعراض مثل الدوخة والارتباك. وفي كثير من الحالات يمكن السيطرة على أعراض الشقيقة بشرب الماء.
المحفزات الدوائية
استخدام الأدوية المسكنة لفترة تزيد عن عشرة أيام قد يؤدي إلى نوع من الصداع الناتج عن الإفراط في استخدام الأدوية. يُنصح في مثل هذه الحالات بمراجعة الطبيب. هناك أيضًا أدوية مثل حبوب منع الحمل التي قد تزيد من حدّة نوبات الشقيقة.
المحفزات الهرمونية
تُعتبر التغيرات الهرمونية من العوامل المؤثرة بشكل خاص لدى النساء. قد تؤدي تقلبات مستويات الهرمونات مثل الإستروجين قبل الدورة الشهرية إلى زيادة حدوث نوبات الشقيقة. بعض النساء قد تعاني من الشقيقة فقط في فترات معينة مرتبطة بالدورة الشهرية، بينما تعاني أخريات منها في أوقات أخرى. يجب ملاحظة أن التقلبات الهرمونية قد تحدث خلال الحمل أو عند استخدام علاجات هرمونية، ورغم أن انقطاع الحيض قد يُحفز نوبات الشقيقة في بعض الأحيان، فإن الأخريات قد يجدن تحسنًا في الأعراض بعد هذا العمر.