الفراق
يؤدي الفراق إلى إحساس بالفراغ في الحياة؛ فمن كانوا معنا بالأمس أصبحوا الآن بعيدين. نمر بلحظات الفراق في مختلف مراحل حياتنا، سواء في المنزل، أو المدرسة، أو الجامعة. قد يكون الفراق لشخص عزيز أو حبيب، أو حتى عن مكان احتضن أجمل ذكرياتنا. كما قد يتعلق الأمر بفراق زمن الطفولة، حين نكبر ونتغير. ويصبح الفراق أصعب عندما يختلط بالشوق والحنين، ولا نجد فرصة للقاء مجددًا. في هذه المقالة، نستعرض بعضًا من أروع العبارات التي قيلت عن الفراق.
أجمل ما قيل عن الفراق
- أكره وداع الأصدقاء، إذ إن من نحبهم لا نقول لهم وداعًا، لأننا في الحقيقة لا نفارقهم؛ فالوداع مخصص للغرباء فقط.
- لا يجب أن تستغرق لحظات الفراق طويلة.
- تموت الحياة في قلوبنا عندما نفقد القدرة على الحب بفراق من نحبهم.
- نلعن الفراق في كل لحظة، نرميه باللوم؛ لأنه يمنعنا من البقاء مع من نحب، لكن هل فكرنا يومًا بإلقاء اللوم على اللقاء نفسه؟
- في لحظات الفراق، قل ما تريد دون تردد أو خجل، فربما لا تمنحك الحياة فرصة أخرى للتعبير عن ما في قلبك.
- ليس للفراق جدوى، يا صديقي، فهو لا يؤدي سوى إلى فراق دائم.
- كل وداع يُعتبر نزفًا ما، يوجع ويؤلم، ومع مرور الوقت يُنسى.
- من يتركونا يتركون خلفهم شلالًا من الدموع، تؤلمنا كل نقطة منه.
- لا يوجد من يحب الفراق، فهو يفرض نفسه علينا، ولا نملك إلا القبول به.
- الفراق يحدث فقط لمن يحب بعينيه، أما من يحب بقلبه وروحه فلا يوجد انفصال.
- الفراق هو أول موت في الحياة.
- نجتمع بفرح، ونتفرق بحزن.
خواطر حول الفراق
الخاطرة الأولى:
أردت أن أخبرك بأن سنوات الفراق لم تؤثر على قلبي كما أثرت على قلبك، لم تغيرني كما غيرتك، لم تجعل ملامحي شاحبة وهزيلة. ما زلت ذلك الطفل المجنون الذي أحبك، وما زلت ذلك الإنسان الحائر الذي جعلك حلمًا، رغم عدم تحقيقه، وجعلك بيتًا جميلاً لم أسكن فيه، وجعل منك قصيدة شعر خالدة، حتى لو أصبحت مجرد ذكرى عابرة.
الخاطرة الثانية:
كانت قسوتك خطيئتك، وكبريائي كانت خطيئتي، وعندما التحمت الخطيئتان، وُلد الفراق. لطالما قررت أنه عندما نلتقي سأطلق الرصاص على صوتك، وسأربط جسد ذاكرتي إلى عمود رخامي وأشعل فيه النار. واليوم، وقد افترقنا، أفكر فيك بحنان وحزن مليء بالصفاء كهمسات الصحراء لسراب. فراق أو لا فراق، أعلن لك الحب، أعلن لك السلام، أعلن لك الشوق، أعلن لك الغفران، ولست نادماً على ما أنفقت عليك من جسد وروح.
الخاطرة الثالثة:
وإن رأيت أنه لا بد من الفراق، تمهل، تمهل، لأنه مؤلم ويدمي القلب. سهّل الأمر على قلبك ببطء الخطى، وأكد ذلك في عقلك بتباطؤ القدم عند كل خطوة. ثم جرب وحشة الطريق مع كل خطوة، واحتمل تلك الوحشة، فإذا لم تستطع، عُد من حيث بدأت، واحتمل أرق الوصال وعسرتة، فبعض الفراق إذا ارتكبته لا يكون هناك مهرب.
الخاطرة الرابعة:
ليل الشتاء طويل، أيها البعيد، شتاء الوحدة، شتاء الفراق، أطول من أن أقضيه بغيابك. فكرت في أشياء كثيرة أشغل بها وقتي؛ ربما سأشعل النار في ستائر المنزل لتشتم دخان شوقي، أو أخلق حكايات كحكايتنا لكن بأسعد نهايات. فكرت أن أنام، لكنني سأجد نفسي بلاك في أحلامي، وسيدهشني طول النداء. ربما سأشاهد فيلمًا يحكي قصة عاشقين افترقا، حتى ظنا أن الفراق أبدي، أو أقرأ كتابًا ينمي في قلبي أسبابًا لأكرهك. لا أريد أن أكرهك، بل أريد أن أنساك. لماذا تملأ ليلي بحضورك وغيابك معًا؟ فكرت كثيرًا، واكتشفت بلا وعي أنني أكتب لك وأكتب عنك. لماذا أكتب فيك وأنت بعيد، بعيد أبعد من شروق هذا الليل الطويل.
قصيدة وداع وشكوى
الشاعر إيليا أبو ماضي، أحد أبرز شعراء المهجر، وُلِدَ في قرية المحيدثة في لبنان ثم انتقل إلى الإسكندرية وعمل في بيع السجائر. هاجر إلى أميركا واستقر في سنسيناتي ثم انتقل إلى نيويورك وعمل في جريدة مرآة الغرب. وقد نظم قصيدة بعنوان “وداع وشكوى”. قال فيها:
أزف الرحيل وحان أن نتفرقا
فإلى اللقاء يا صاحبي، إلى اللقاء
إن تبكيا فقد بكيت من الأسى
حتى لكدت بأدمعي أن أغرقا
وتسعّرت عند الوداع أضالعي
نارا خشيت بحرّها أن أحرقا
ما زلت أخشى البين قبل وقوعه
حتى غدوت وليس لي أن أفرقا
يوم النوى، للّه ما أقسى النوى
لولا النوى ما أبغضت نفسي البقا
رحنا حيارى صامتين كأنّما
للهول نحذر عنده أن ننطقا
أكبادنا خفّاقة وعيوننا
لا تستطيع، من البكا، أن ترمقا
نتجاذب النظرات وهي ضعيفة
ونغالب الأنفاس كيلا تزهقا
لو لم نعلّل باللقاء نفوسنا
كادت مع العبرات أن تتدفقا
يا صاحبي تصبّرا فلربّما
عدنا وعاد الشمل أبهى رونقا
إن كانت الأيام لم ترفق بنا
فمن النّهى بنفوسنا أن نرفق.
إنّ الذي قدر القطيعة والنوى
في وسعه أن يجمع المتفرّقا!
ولقد ركبت البحر يزأر هائجا
كالليث فارق شبله بل أحنفا
والنفس جازعة ولست ألومها
فالبحر أعظم ما يخاف ويتقى
فلقد شهدت به حكيما عاقلا
ولقد رأيت به جهولا أخرقا
مستوفز ما شاء أن يلهو بنا
مترفق ما شاء أن يتفرقا
تتنازع الأمواج فيه بعضها
بعضا على جهل تنازعنا البقا
بينا يراها الطرف سورا قائما
فإذا بها حالت فصارت خندقا
والفلك جارية تشق عبابه
شقّا، كما تفري رداء أخلقا
تعلو فنحسبها تؤمّ بنا النّسما
ونظنّ أننا راكبون محلّقا
حتّى إذا هبطت بنا في لجّة
أيقنت أن الموت فينا أحدق
والأفق قد غطّى الضباب أديمه
فكأنما غشي المداد المهرفا
لا الشمس تسطع في الصباح، ولا نرى
إمّا استطال الليل بدرا مشرقا
عشرون يوما أو تزيد قضيتها
كيف التفت رأيت ماء مغدقا
نيويورك، يا بنت البخار، بنا اقصدي
فلعلنا بالغرب ننسى المشرقا
وطن أردناه على حب العلى
فأبى سوى أن يستكين إلى الشقا
كالعبد يخشى، بعدما أفنى الصبى
يلهو به ساداته، أن يعتقا
أو كلما جاء الزمان بمصلح
في أهله قالوا: طغى وتزندقا؟
فكأنما لم يكن ما قد جنوا
وكأنما لم يكفهم أن أخفقا
هذا جزاء ذوي النّهى في أمّة
أخذ الجمود على بينها موثقا
وطن يضيق الحرّ ذرعا عنده
وتراه بالأحرار ذرعا أضيقا
ما إن رأيت به أديبا موسرا
فيما رأيت، ولا جهولا مملقا
مشت الجهالة فيه تسحب ذيلها
تيها، وراح العلم يمشي مطرقا
أمسى وأمسى أهله في حالة
لو أنها تعرو الجماد لأشفقا
شعب كما شاء التخاذل والهوى
متفرّق ويكاد أن يتمزّقا
لا يرتضي دين الآله موفّقا
بين القلوب ويرتضيه مفرقا
كُلّف بأصحاب التعبّد والتّقى
والشرّ ما بين التعبّد والتّقى
مستضعف، إن لم يصب متملقا
يوما تملّق أن يرى متملقا
لم يعتقد بالّلم وهو حقائق
لكنّه اعتقد التمائم والرّقى!
ولربما كره الجمود وإنما
صعب على الانسان أن يتخلّقا!
وحكومة ما إن تزحزح أحمقا
عن رأسها حتّى تولّي أحنقا
راحت تناصبنا العداء كأنما
جئنا فريّا أو ركبنا موبقا
وأبت سوى إرهقنا فكأنما
كلّ العدالة عندها أن ترهقا
بينما الأحباب يعبثون بها كما
عبث الصّبا سحرا بأغصان النّقا
بغداد في خطر ومصر رهينة
وغدا تنال يد المطامع جلّقا
ضعفت قوائمها ولما ترعوي
عن غيّها حتى تزول وتمحقا
قيل احبّوها، قلت: لم يبق لنا
معها قلوب كي نحبّ ونعشق!
إن لم تكن ذات البنين شفيقة
هيهات تلقى من بينها مشفقا
أصبحت حيث النفس لا تخشى أذى
أبدا وحيث الفكر يغدو مطلقا
نفسي اخلدي ودعي الحنين، فإنما
جهل بعيد اليوم أن نتشوّقا
هذي هي الدنيا الجديدة، فانظري
فيها ضياء العلم كيف تألقا
إني ضمنت لك الحياة شهيّة
في أهلها والعيش أزهر مونقا