ترفض محاكم الأسرة آلاف قضايا الخلع التي ترفعها الزوجات بسبب الأزمات والمشاكل الزوجية، حيث تسعى معظم النساء للجوء إلى دعوى الخلع كوسيلة للحصول على الطلاق بسرعة في حال رفض الزوج استجابة طلب الطلاق.
تعريف الخلع
- الخلع هو وسيلة لفصل الزوج عن الزوجة، حيث تدفع الزوجة أجرًا للزوج مقابل هذا التفريق، ولا يمكن للزوج العودة إليها بعد ذلك. يُعتبر الخلع تجسيدًا لمفهوم الانفصال، إذ تخرج المرأة من قيود الزواج كما تُزيل الملابس عن جسدها.
- كما ورد في قوله تعالى، ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾، وللخلع جواز شرعي في حالات سوء المعاملة، كقوله تعالى، ﴿فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به﴾.
- إذا كانت الزوجة تكره زوجها وتشعر أنها لم تؤدِ واجب الطاعة نحو الله، فإن ذلك مشروع في حقها لتحصل على الخلع والمطالبة بالتعويض، لكن الشريعة تحرم الخلع في الحالات التي لا تستند إلى أسباب صحيحة.
- هذا يستند إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، (أَيّمَا امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة).
آثار الخلع شرعًا
1- الطلاق البائن
- يُعتبر الخلع طلاقًا بائنًا، إذ يتيح للرجل حق اللجوء إلى المحكمة في حال لم يكن الطلاق دائمًا.
- الهدف من الخلع هو إنهاء الضرر الذي يلحق بالمرأة، فلن يتحقق ذلك إذا سُمح للزوج بإعادتها.
- لا يؤثر عدد مرات الطلاق على الخلع، وقد ذكر الله الطلاق والخلع في الكتاب الكريم، وحرية الاختصاص القضائي ليست شرطًا لإقرار الخلع.
- حتى إذا تم كسر شروط الخلع، يبقى الخلع ساري المفعول، مثل الحالة التي يُشترط فيها احتفاظ الزوج بالولد أثناء الحضانة، حيث ينفذ الخلع ويكون الشرط غير قائم، ويجب على الزوجة دفع مبلغ الخلع للزوج.
2- ديون الزواج
تؤدي دعوى الخلع مع الديون المتراكمة والنفقات السابقة إلى انخفاض الالتزامات المالية بين الزوجين، شريطة أن تُدفع الديون العادية للمالك.
3- الصراع بعد الخلع
إذا زعمت الزوجة وجود خلع بينها وبين زوجها وكان الزوج ينفي ذلك، ولم يكن هناك دليل قاطع من أي طرف، فإن المحكمة تميل لتصديق الزوج باعتبار أن الأصل هو استمرار الزواج.
أسباب رفض دعوى الخلع للزوجة
- وفقًا لما ذكره المحامي والخبير القانوني، تامر الباشا، فإن قانون الأحوال الشخصية ينص على شروط معينة، وإذا حدث أي إخلال بهذه الشروط، يمكن للمحكمة رفض إجراءات الطلاق.
- طبقًا للقانون، يتوجب على الزوجة إعادة المهر الذي قدمه الزوج، والتنازل عن جميع حقوقها المالية والقانونية.
- عند تقديم الزوجة قضيتها للمحكمة، يتعين عليها توضيح أنها تكره الحياة مع زوجها وتخشى عدم الالتزام بحدود الله بسبب هذه الكراهية.
- إذا قدمت الزوجة مستندات مزورة أو لم تتمكن من تقديم المستندات المطلوبة في الجلسة، فإن المحكمة قد ترفض القضية.
- عليها توضيح قيمة المهر والتأخير المتفق عليه في عقد الزواج، وإذا لم تكن المعلومات واضحة، ستطلب المحكمة تفاصيل إضافية من الزوجة.
- وفي حال عدم تقديم عذر مقنع لعدم الحضور في الجلسات المتتالية، يمكن أنّ تفسر المحكمة ذلك على أنه عدم جدية في القضية.
- إذا أعلنت الزوجة عدم حضور الجلسة، فقد يُفسر ذلك كتنازل عن حقوقها، مما يُفقد الدعوى مبرراتها.
- إذا قامت الزوجة برفع دعوى طلاق لسببٍ ما أثناء سريان دعوى الخلع، فإن المحكمة ستؤجل البت في الدعوى حتى يصل حكم نهائي في قضية الطلاق.
- إذا قررت المحكمة رفض دعوى الخلع، فيجب على الزوجة إعادة رفع الدعوى ولكن مع استيفاء جميع الشروط اللازمة.
- لن يمنع الحكم الثاني من رفع دعوى خلع ثالثة.
كم عدد جلسات قضية الخلع؟
- تبدأ الزوجة بإجراءات القضية أمام محكمة الأسرة من خلال مكتب تسوية النزاعات، حيث يُفتح ملف عملية التسوية، ويُعتبر هذا الجزء هو بداية القضية.
- بعد خمسة عشر يومًا، يتم تسجيل القضية ويتم التداول في قضية الطلاق الثانية.
- تشارك الزوجة في الجلسة الثانية المتعلقة بقضية الخلع، ويُعفى الزوج من بعض الرسوم المتعلقة بالتحكيم.
- تتطلب الإجراءات حضور الزوجة أمام خبراء نفسيين واجتماعيين، وهذه الخطوة تُعتبر المرحلة قبل الأخيرة من القضية.
- تُعقد الجلسة الأخيرة التي يتم فيها اتخاذ الحكم النهائي بشأن قضية الخلع.
متى يجوز للمرأة أن تطلب الخلع؟
- جعل الله الزواج سكنًا وسكينة للزوجين، ووضعت روابط مودة ورحمة بينهما، كما في قوله تعالى.
- إلا أنه في بعض الأحيان يصل الأزواج إلى مرحلة من التعارض حيث لا يمكن الحفاظ على استمرار العلاقة، مما يسبب للزوجين الشقاء والخلافات.
1- العيب في الزوج
- إن الزواج هو علاقة متميزة بين شخصين، ولكن قد يظهر عيوب لدى الزوج تؤدي إلى انزعاج الزوجة.
- يحق للزوجة طلب الانفصال بسبب عيوب الزوج، والتي يمكن أن تكون نفسية أو جسدية.
- يستند هذا الحق إلى فقه المذاهب الأربعة ويدعمه القرآن ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم عليها.
- كما ورد في القرآن، (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، مما يعني أنه إذا قصر الزوج في واجباته، فلا بد أن يتم الانفصال بشكل إنساني.
- يجب على القاضي قبول طلب الخلع استنادًا إلى مثل هذه الأضرار.
2- عدم الإنفاق
- تمثل مشكلة عدم القدرة على الإنفاق والمشاكل المالية عقبة كبيرة، حيث يتعذر على العائل القيام برعاية من هم ملزمون بالإعالة.
- تختلف معايير عدم الإنفاق بناءً على الظروف والعادات بالمجتمع.
حُكم طلب الخُلع وشروطه
أساس الشريعة الإسلامية هو جواز طلب المرأة للخلع، إذا تم إثبات ذلك بالبينة الشرعية، إذ يختلف حكم الخلع بناءً على شروطه وأسباب المطالبة به.
1- جائز
- إذا شعرت الزوجة بالكراهية لزوجها بسبب صفاته الشخصية أو سلوكياته، فيجوز لها طلب الخلع مقابل التعويض.
- ويدل على شرعية ذلك قوله تعالى، (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّه فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ).
2- مكروه
- إذا كانت العلاقة جيدة بين الزوجين، ورغبت الزوجة في الانفصال، فإن الأمر يكون مكروهًا حسب الشريعة.
- استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تُعتبر النساء التي تطلب الطلاق دون مبرر من المنافقات.
- قد يكون الطلب ناتجًا عن رغبة الزوجة في الزواج من شخص آخر، مما يجعل ذلك مكروهًا وفقًا للتعاليم الإسلامية.
عدّة المختلعة
- يرى معظم العلماء، مثل الإمام أحمد والشافعي ومالك، أن عدة المختلعة هي ثلاث شهور، وهو رأي مؤيد من الثوري وإسحاق.
- بينما يعتقد بعض العلماء، منهم عثمان بن عفان وابن عمر وابن عباس، أن عدة المختلعة هي شهر واحد.
حقوق الزوجة عند الخلع من الزوج
- يعتقد الإمام مالك وأبو حنيفة أن الزوجة التي تطلب الخلع تفقد حقها في النفقة والسكن، مع استثناء النساء الحوامل حيث لا يزال يحق لهن النفقة.
- الحنابلة وأكثر الحنفية يرون أنه ليس من حق الزوجة التخلي عن حقوقها إلا إذا تم الاتفاق على ذلك صراحة في وثيقة الخلع.