تعريف التوبة
التوبة في اللغة تعني العودة والرجوع إلى الصواب، أما في الاصطلاح الشرعي، فهي ندم يرافقه نية وتصميم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى. وتُعتبر التوبة بمثابة العودة عن الطريق الخاطئ إلى الطريق المستقيم الذي يرضي الله -عز وجل-، وتتطلب التوبة صدق النية والندم الحقيقي لتحقيقها بشكل صحيح أمام الله.
أنواع التوبة
تتطلب صحة التوبة أن يكون العبد مخلصًا في توجهه نحو الله، ويتجلى هذا الإخلاص من خلال صدق النية في القلب، ثم صدق اللسان في التوبة، تليه أعمال الجوارح التي تدل على ذلك. حيث قال الله -تعالى- لبني إسرائيل في كتابه: (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ).
شملت الآية دعوة لفعل معين من خلال دخولهم الباب سجودًا وذكر عبارة “حطّة”، وكان جزاؤهم المغفرة من الله، وهو أعظم أنواع الإحسان. وبالتالي، فإن التوبة تنقسم إلى ثلاثة أنواع حسب إخلاص العبد وصدقه:
- التوبة الصحيحة: تعني ترك العبد للذنب أو المعصية والرجوع إلى الله في نفس اللحظة، مما يجعل توبته صادقة.
- التوبة النصوح: هي الأصح، حيث تظهر فيها العبد كراهيته للمعصية في قلبه، فلا يفكر بها أو تخطر على باله، مما يعني تنزيه قلبه عن الذنوب.
- التوبة الفاسدة: تتعلق بالنطق بالتوبة فقط دون كره للمعصية أو تجنب التفكير فيها.
شروط التوبة
تتطلب التوبة الصحيحة إلى الله مجموعة من الشروط الأساسية، تشمل:
- الإخلاص في التوجه لله -عز وجل-.
- التخلص من المعصية وعدم العودة إليها بأي شكل من الأشكال.
- الاعتراف بالذنب أمام الله.
- الندم الصادق على ما ارتكبه من ذنوب.
- العزم على عدم الرجوع إلى المعاصي في المستقبل.
- إعادة الحقوق إلى أصحابها في حال كانت الذنوب متعلقة بالحقوق.
- أن تكون التوبة في فترة قبول الله لتوبة عباده.
علي بن أبي طالب وتأصيل مفهوم التوبة
وضح علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مفهوم التوبة الصحيح عندما دخل أحد الأعراب المسجد وصرخ قائلًا: “اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك”، ثم بدأ بالصلاة. وعندما انتهى، أشار إليه علي قائلاً: “إن سرعة اللسان في الاستغفار هي توبة الكاذبين، وتوبتك تحتاج إلى توبة حقيقية”.
سأل الرجل عن مفهوم التوبة، فأجابه علي -كرم الله وجهه- موضحًا أن التوبة تستلزم: الندم على الذنوب الماضية، أداء الفرائض التي قد فاتت، رد المظالم لأصحابها، انضباط القلب في الطاعة كما كان في المعصية، استشعار مرارة الطاعة بدلاً من حلاوة المعصية، والبكاء بين يدي الله بدلاً من الضحك الذي كان أثناء المعصية.