حسامك من سقراط في الخطب أخطب
حسامك من سقراط في إلقاء الخطب
وعودك من عود المنابر أصلبُ
لقد ملكتَ سبيليهيم، ففي الشرق مُضرب
لجيشك ممدود، وفي الغرب مضرب
وعزمك من هومير أكثر فطنة
وأجلى بيانًا في القلوب وأعذب
وإذا تذكروا إسكندر وفتوحاته
فعهدك بالفتح المحجَّل أقرب
ثمانون ألفًا من الأسود الضارية،
لها مخلب فيهم وللموت مخلب
إذا حلمتَ فالشرُّ وسنانُ حالم
وإن غضبتَ فالشرُّ مستيقظ مغضب
وملكُك أرقى بالدليل حكومةً
وأنفذ سهماً في الأمور وأصوب
وتغشى أبيات المعاقل والذراري
فثيّبهنَّ البكر، والبكر ثيِّب
ظهرتَ أميرَ المؤمنين على الأعداء
ظهورًا يسوء الحاسدين ويُتعِب
تقود سراياها وتحمي لواءها
حوائرَ لا يدرين ماذا تخرب؟
سل العصر والأيام: والناس: هل نبا
لرأيك فيهم أو لسيفك مضرب
همُ ملأوا الدنيا جَهامًا، وراءهم
جهامٌ من الأعوان أهوى وأكذب
يعود بها حيناً ويرجع مرة
كما تَدفعُ اللجَّ البحارُ وتَجذب
ويرمي بها كالبحر من كل جانبٍ
فكل خميسٍ لُجّة تتضرب
فلما استللت السيف، أخلب برقهم
وما كنتَ – يا برق المنية – تخلبُ
أخذتهم لا مالكين لحوضهم
من الذود إلا ما أطالوا وأسهبوا
وينفذها من كل شعب فتلتقي
كما يتلاقى العارض المتشعب
ولم يتكلف قومك الأسود أهبةً
ولكنَّ خلقًا في السباع التأهب
ويجعلُ ميقاتًا لها تنبري له
كما دار يلقى عقرب السير عقرب
كذا الناس: بالأخلاق يبقى صلاحهم
ويذهب عنهم أمرهم حين يذهب
فظلت عيون الحرب حيرى لما ترى
نواظرَ ما تأتي الليوثُ وتغرب
تبالغ بالرامي وتزهو بما رمى
وتعجب بالقواد والجند أعجب
ومن شرف الأوطان ألا يفوتها
حسامٌ معزّ أو يراعٌ مهذَّب
أمنّا الليالي أن نُراع بحادثٍ
ومُلهمها فيما تنال وتكسب
وما الملك إلا الجيش شأناً ومظهراً
ولا الجيش إلا رَبُّه حين يُنسب
بني مصر ارفعوا الغار
بني مصر، ارفعوا الغار
واحيو بطل الهند
وَأَدُّوا واجبًا وقضُوا
حقوق العلم الفرد
أخوكم في المقاساة
وعركِ الموقف النكدِ
وفي التضحيات الكبرى
وفي المطلب والجهد
وفي الجرح وفي الدمع
وفي النفي من المهد
وفي الرحلة للحقِّ
وفي مرحلة الوفد
قفوا حيُّوه من قرب
على الفلك ومن بعد
وغَطّوا البر بالآس
وغطُّوا البحر بالورد
على إفريز راجيوتا
تمثالٌ من المجد
نبيٌّ مثل كونفشيوس
سأُ من ذلك العهد
قريب القول والفعل
من المنتظر المهدي
شبيه الرسل في الذود
عن الحق وفي الزهد
لقد علّم بالحق
وبالصبر وبالقصد
ونادى المشرق الأقصى
فلبَّاه من اللحد
وجاء الأنفس المرضى
فداواها من الحقد
دعا الهندوس والإسلام للألفة والورد
سحر من قوى الروح
حوى السيفين في غمد
وسلطانٍ من النفس
يُقوي رائد الأُسد
وتوفيقٍ من الله
وتيسيرٍ من السعد
وحظٍّ ليس يعطاه
سوى المخلوق للخلود
ولا يؤخذ بالحول
ولا بالصول ولا الجند
ولا بالنسل والمال
ولا بالكدح والكدّ
ولكن هبة المولى
– تَعالى الله – للعبد
سلام النيل يا غندي
وهذا الزهر من عندي
وإجلالٌ من الأهرام
والكرنك والبردي
ومن مشيخة الوادي
ومن أشباله المرد
سلام حالبَ الشاة
سلام غازل البرد
ومن صدّ عن الملح
ولم يقبل على الشهد
ومن يركب ساقيه
من الهند إلى السند
سلام كلما صليت
ت عريانا وفي اللبد
وفي زاوية السجن
وفي سلسلة القيد
من المائدة الخضراء
إِ خذ حذَرك يا غندي
ولاحظ ورق السير
ومَا في ورق اللورد
وكن أبرعَ من يَلعَبُ بالشطرنج والنرد
ولاقي العبقريين
لقاء الند للنِد
وقل هاتوا أفاعيكم
أتى الحاوي من الهند!
وعُد لم تحفل الذام
ولم تفرح بالحمد
فهذا النجم لا ترقى
إليه همة النقد
وردُّ الهند للأمة من حدٍّ إلى حدٍّ
ولد الهدى فالكائنات ضياء
من أجمل قصائد أحمد شوقي:
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والمَلأ الملائكة حوله،
للديانات والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي،
والمنتهى والسدرة العصماء
والوحي يقطر سلسلاً من سلسل
واللوح والقلم البديع رواء
يا خير من جاء الوجود تحية،
من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بك بشر الله السماء فزينت
وتوضأت مسكاً بك الغبراء
يوم يتيه على الزمان صباحه
ومساؤه بمحمد وضاء
والآي تترى والخوارق جمة،
جبريل رواح بها غداء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا،
منها وما يتعشق الكبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل،
يغرى بهن ويولع الكرماء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى
وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا،
لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب،
هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا خطبت فللمنابر هزة،
تعرو الندى وللقلوب بكاء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته،
فجميع عهدك ذمة ووفاء
رزق الله أهل باريس خيرا
من مقطوعات أحمد شوقي الشعرية القصيرة:
رزق الله أهل باريس خيرا
وأرى العقل خير ما رُزِقوه
عندهم للثنار والزهر مما
تنجِب الأرض معرض نسقوه
جنّةً تخلب العقول وروض
تجمع العين منه ما فرقوه
من رآه يقول قد حُرموا الفر
دوس لكن بسحرهم سرقوه
ما ترى الكرم قد تشاكل حتى
لو رآه السقاة ما حققوه
يسكر الناظرين كرماً ولمّا
تعتصره يد ولا عتقوه
صوروه كما تشاءون حتى
عجب الناس كيف لم يُنطقوه؟
يجد المتقي يد الله فيه
ويقول الجحود قد خلقوه